المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
وفاء الريحان
وفاء الريحان

مناهج التنوع الثقافي .. الاستيعاب الثقافي نموذجًا

الثلاثاء 16/يونيو/2020 - 10:24 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

التنوع حقيقة كبرى في تاريخ البشرية، فهناك جماعات إنسانية كثيرة لكل منها خصوصيته، ولها ما تحمل من جوانب وسمات ثقافية مشتركة، فنجد الجماعات تختلف في اللغة، والعادات، والتقاليد، والعرق، والديانة، والطائفة إلى غيره من أسس الاختلاف المتعددة بين البشر.

ويُنظر دائما للتنوع على أنه مصدر للثراء ومُحفز لتكامل البشر مع بعضهم البعض، وهو ما ارتبط بالتقدم والتنمية والتطور على مر العصور، ومع ذلك فإن التنوع في عدد من المجتمعات ذو مظهر وتأثير سلبي، حيث تفشل العديد من المجتمعات في إدارة التعددية بداخلها، فيتحول الأمر إلى صراع عنيف وفقدان للتماسك الاجتماعي. فكيف يمكن رؤية التنوع الثقافي؟، ومدى ارتباطه بإيمان أعضاء المجتمع باحترام الحقوق الثقافية لبعضهم البعض؟، وما هي المناهج التي يتم من خلالها التعامل مع التنوع الثقافي بالتركيز على الاستيعاب الثقافي؟، هي تلك الأسئلة التي تُحاول تلك الدراسة البحث عنها.

في مفهوم التنوع الثقافي

يتطلب مفهوم التنوع عنصرين هامين هما القبول والاحترام، ويعني ذلك فهم أن كل شخص فريد، وأنه يجب الاعتراف بهذه الاختلافات الفردية، أيًا كان شكل هذه الاختلافات ذات الصلة بالأبعاد المختلفة مثل العرق والعمر والوضع والحالة الاجتماعية والاقتصادية والقدرات البدنية والمعتقدات الدينية وما إلى ذلك، وبالتالي، هناك حاجة لاستكشاف هذه الاختلافات في بيئة آمنة وإيجابية.

ويُعرِّف كلاً من "دوهرتي وشيلادوراي" التنوع الثقافي بأنه "يعكس المجموعات الفريدة من القيم والمعتقدات والمواقف والتوقعات، بالإضافة إلى اللغة والرموز والعادات والسلوكيات التي يمتلكها الفرد بحكم مشاركة بعض الخصائص المشتركة مع الآخرين".

أما "كوكس" فيُعرِّف التنوع الثقافي بأنه "مثل العرق والإثنية والجنسية والدين والنوع والأبعاد الأخرى للاختلاف المستمدة من العضوية في مجموعات متميزة اجتماعيًا وثقافيًا، أي أنها تشترك بشكل جماعي في معايير وقيم معينة أو التقاليد التي تختلف عن تلك من المجموعات الأخرى".(1) وتتبنى الدراسة تعريف "كوكس" للتنوع.

ومن الحقائق المُسلَّم بها في كافة المجتمعات أن الناس مليئين بالتنوع من حيث الجنس، والطبقة الاجتماعية، والعرق، واللغة، والقدرات والإعاقات، والدين، والتوجه الجنسي، والاحتياجات، والأيديولوجيا السياسية، ووضع المواطنة، وتكوين الأسرة، والخلفية الثقافية وغيرهم. كما أصبحت الحالة الإنسانية نفسها متعددة الثقافات، على سبيل المثال، يتم تعريف أي مجموعة يزيد عدد سكانها عن 10 آلآف شخص على أنها مجموعة عرقية، ويتحدث سكان العالم اليوم ما يقرب من 5000 إلى 8000 لغة مميزة.

وهناك أكثر من 4300 ديانة حول العالم، على الرغم من أن أكثر من 70٪ من سكان العالم يمارسون واحدة من الديانات الأكثر انتشارًا في العالم: الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية. وينعكس هذا الوضع على المؤسسات والعلماء والجمهور لتعزيز دورهم في كيفية التقريب بين الناس والتعاون على حل المشاكل التي يواجهها جميع البشر.

وعلى الرغم من استخدام العديد من المصطلحات النبيلة (مثل المساواة والعدل الاجتماعي) على نطاق واسع فيما يتعلق بالتنوع الثقافي على نطاق واسع، واعتمادها في السياسات عبر العالم كطريقة صحيحة سياسيًا للتعامل مع التنوع الثقافي والأشخاص من خلفيات مختلفة، لا يزال العديد من الثقافات والناس على الهامش بين المجتمع والظلم التاريخي، والأحكام المسبقة والمخاوف وسوء الفهم. (2)

وفي التالي سيتم البحث في فكرة الحقوق الثقافية باعتبارها لصيقة الصلة بموضوع التنوع الثقافي، ولعرض الموضوع بشكل أكثر وضوحًا:

الحقوق الثقافية

أصبحت فكرة الحقوق الثقافية موضوعًا رئيسيًا في العديد من الإجراءات والبرامج الاجتماعية، حيث أضحت الثقافة أكثر استراتيجية من حيث الإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية والاستدامة، فعلى المستوى القانوني، كانت هناك محاولات عديدة لتنظيم العلاقة بين حقوق الإنسان والحريات الأساسية من ناحية، والثقافة من ناحية أخرى.

وفي هذا الإطار، كان موضوع الحقوق الثقافية والحق في المشاركة في الحياة الثقافية على وجه الخصوص من الموضوعات التي نالت اهتمام كبير، وتم صياغتها لأول مرة في المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتم تضمينها بوضوح في القانون الدستوري.

وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، يعد الوصول إلى الثقافة أحد السمات المركزية، لأنه أحد العناصر الأساسية عند ترجمة الحقوق الثقافية إلى سياسات ذات طبيعة تشاركية وشاملة، وتم ذكر "الحق في المشاركة في الحياة الثقافية" في العديد من الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966).

ومنذ الإعلان العالمي لحقو الإنسان، كان الحق في المشاركة في الحياة الثقافية موضوعًا لمزيد من التطوير، وقد أشارت عدد من الوثائق الدولية والوطنية بشأن السياسات الثقافية إلى التأثير الإيجابي للمشاركة الثقافية على التنمية الشخصية والتماسك الاجتماعي. كما يعترف النهج الشمولي لحقوق الإنسان، على أساس قرار مؤتمر فيينا العالمي لحقوق الإنسان في عام 1993، بأن "جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة".

لذلك، يشدد البعض على أن "إعمال الحقوق الثقافية لا يعتمد فقط على التدابير الموجهة نحو المشاركة الثقافية ولكنه يتطلب أيضًا الانتباه إلى الحقوق ذات الصلة"، ومن بين هذه الحقوق، حق تقرير المصير، لأنه يشمل حق جميع الشعوب في متابعة تنميتها الثقافية بحُرية.

وما سبق، يعني أن مبادئ عدم التمييز والمساواة  شكَّلت دائمًا الأساس المشترك لجميع حقوق الإنسان، وفي حالة الحقوق الثقافية يمكن ترجمتها إلى تكافؤ الفرص والوصول إلى الثقافة، والمساواة في الثقافات، والحرية الثقافية والديمقراطية. فقد كان موضوع الحقوق الثقافية في الماضي يتضمن الحديث عن حقوق الأقليات الثقافية واللغوية والوطنية، على الرغم من أن الحقوق الثقافية لا تقتصر - ولا يجب أن تقتصر - على حقوق الأقليات فقط، فقد تم توجيه الاهتمام فيما يتعلق بالفئات الضعيفة وأولئك الذين يعيشون في حرمان اقتصادي أو اجتماعي.(3)

كما لم تعد المشاركة في الحياة الثقافية تُفهم على أنها مشاركة في الأنشطة الثقافية، ولكن أيضًا الوصول والتعاون النشط في تصميم وتنفيذ السياسات والعمل الجماعي ومظاهر حرية الاختيار، وبما أن الحقوق الثقافية نفسها لا تزال صعبة التضمين بشكل شامل من أجل بناء تعريفات قابلة للتطبيق عالميًا، فإن الحق في المشاركة في الحياة الثقافية يعزز أهمية الوصول والترويج وبقاء الثقافات مع ملاحظة التغيرات المستمرة التي تمر بها الثقافات والديناميكية المتأصلة وخصوصية المجال الثقافي في مختلف التكوينات.

وتنص توصية اليونسكو لعام 1976 بشأن المشاركة والمساهمة في الحياة الثقافية من قبل الجمهور بشكل عام على أن المشاركة في الحياة الثقافية تعني "الفرص المضمونة لجميع المجموعات أو الأفراد للتعبير عن أنفسهم والتواصل والإبداع والتفاعل بحرية لضمان تنمية حياة متناغمة والتقدم الثقافي للمجتمع"، وتُقدم الباحثة الاسترالية Annamari Laaksonen تعريفًا متقدمًا لها فتذهب بأنها "عالم من الفرص للناس للعمل في وقت واحد في مناخات ثقافية وخطابات مختلفة".(4)

 وهذه الملاحظة الأخيرة هي المحك الأساسي في إدارة التنوع بشكل عام، فكما تحدثنا عن أن التنوع هو حقيقة في كافة المجتمعات البشرية، وهو أمر ليس بالضرورة سلبي، بل هو من ضرورات التكامل الإنساني، وتكمن الإشكالية الأساسية في التنوع في كيفية إدارته، بينما تستطيع مجتمعات إدارته بشكل جيد وتستفيد من مزاياه، وهناك مجتمعات أخرى تفشل في ذلك ويكون مصيرها هو الانجرار إلى الفوضى والتفكك الاجتماعي.

وفي السياق ذاته، يدفعنا الحديث عن الحقوق الثقافية إلى تناول قضية أخرى ذات الصلة  به وهي قضية "الكفاءة الثقافية" التي يُعرِّفها البعض على أنها "مجموعة من السلوكيات والمواقف والسياسات المتطابقة التي تجتمع في نظام أو وكالة أو بين مهنيين، وتُِّمكن هذا الطرف من العمل بفعالية في المواقف بين الثقافات".

وهذا النظام ذو الكفاءة الثقافية يدرك أهمية الثقافة وتقييم العلاقات بين الثقافات، واليقظة تجاه الديناميكيات الناتجة عن الاختلافات الثقافية، وتوسيع المعرفة الثقافية، وتكييف الخدمات لتلبية الاحتياجات الثقافية الفريدة.(5)

ويرتبط ذلك بشكل أو بآخر بما تم طرحه مُسبقًا عن فكرة الكفاءة الثقافية، التي تضمن توفير احتياجات المجموعات السكانية المختلفة بصرف النظر عن الولاءات الفرعية، وفي إطار الفكر الاندماجي.

وتساهم خمسة عناصر أساسية في قدرة النظام أو الوكالة على أن تصبح أكثر كفاءة من الناحية الثقافية كما ذكرها "كروس" وزملائه والتي تشمل:

§       تقدير الإختلافات.

§       امتلاك القدرة على التقييم الذاتي الثقافي.

§       إدراك الديناميات الكامنة عند تفاعل الثقافات.

§       امتلاك المعرفة الثقافية المؤسسية.

§       تطوير وسائل التكيف وتقديم خدمات تعكس فهم التنوع الثقافي.

ويجب أن تتجلى هذه العناصر الخمسة في كل مستوى من مستويات أي هيئة أو منظمة بما في ذلك صنع السياسات، والإدارة، والممارسة. علاوة على ذلك، ينبغي أن تنعكس هذه العناصر في مواقف وهياكل وسياسات وخدمات المنظمة. (6) وذلك حتى تتمكن من تحقيق أكبر قدر من الفاعلية والتطور.

وما يعنينا هنا بالأساس هو قدرة النظام على تحقيق الكفاءة الثقافية في جميع مستوياته ومؤسساته انطلاقًا من الإيمان بالحقوق الثقافية لجماعاته المختلفة، لذا سنتتقل في العنصر التالي إلى الحديث عن مناهج التنوع الثقافي.

 مناهج التنوع الثقافي

يُستخدم التنوع الثقافي في بعض الأحيان في علم الاجتماع والحياة اليومية كمرادف للتعددية العرقية، ويتم استخدامه أيضًا في الفلسفة والسياسة والتعليم كنظرية وسياسة ومناهج.

في العقود القليلة الماضية، بغض النظر عن الشكل الذي يتخذه التنوع الثقافي، فإن الموضوع الأساسي لمناقشته دائمًا هو الإنصاف والعدالة، والتي تختلف معانيها على نطاق واسع، بدءًا من إظهار الاحترام المتساوي لثقافات مختلفة للحفاظ على التنوع الثقافي، إلى التعرف على جميع الهويات المرتبطة بالثقافات.

ويعكس تعامل المجتمعات المختلفة مع التعددية مناهج متعددة، بعضها ذو طابع ترحيبي والآخر عدائي، كما يُشكل كل منها تحديًا في كيفية التعامل مع التنوع الثقافي، لما يفرضه من قيود أو التزامات أو تحديات على الجماعات الثقافية المختلفة، وفي التالي سيتم عرض النهج الذي ينبغي أن يتم التعامل به مع الجماعات المختلفة وفقًا للطرح الذي قدمه "تسونغ لين" " Cong Lin" (2019) في دراسته "فهم التنوع الثقافي والهويات المتنوعة" “Understanding Cultural Diversity and Diverse Identities”. 

أولاً- الاعتراف بالتنوع الثقافي

كحاجة إنسانية أساسية يصبح الاعتراف عنصر لا غنى عنه في مجتمع يختلط فيه الأشخاص من ثقافات مختلفة في المناطق الخاصة والعامة، وهناك أشكال مختلفة للاعتراف منها السياسي والاجتماعي والشخصي والاعتراف بالمناهج الدراسية، وقد تتداخل تلك الفئات الأربع مع بعضها البعض برغم بعض الاختلافات بينها.

ويشير الاعتراف السياسي إلى الاعتراف بالثقافات في المجالات القانونية والسياسية مثل المواطنة والحق في التصويت، مع التأكيد على الجمع بين الاعتراف وإعادة التوزيع لتوفير مشاركة متساوية في الحياة العامة، وليس بالضرورة أن تدعم الأغلبية هذا النوع من الاعتراف.

أما الاعتراف الاجتماعي فيتطلب أن تعترف مجموعات مختلفة من الناس بثقافات وهويات بعضها البعض وتحترمها في المجال العام. وعلى صعيد آخر، فإن الثقافات والهويات المختلفة في بعض الأحيان لا يمكن التوفيق بينها، وتستخدم بعض الكتب المدرسية لتشويه سمعة ثقافات الأقليات وهوياتهم، وهنا يأتي الاعتراف عبر المناهج الذي لا بد أن يعمل على ربط الناس مع الثقافات والهويات المختلفة.

ومن هنا، فإن التغيير في المناهج الدراسية ضروري لأن الطلاب يحتاجون إلى التعليم وليس لديهم مكان يذهبون إذا لم يشعروا بالاندماج أو الراحة. أما الاعتراف الشخصي فهو يُمكِّن الفرد من أن يرى ويشعر بنفسه في أعين الأخرين كفرد يتمتع بالكرامة، وليس كأداة لتحقيق هدف أو كممثل لمجموعة أو ثقافة، ويتم التأكيد على ذلك في العلاقات الفردية والمشاعر النفسية والمسائل في العلاقات الخاصة.

وبلا شك، فإن الجماعات الثقافية المختلفة في المجتمع تحتاج إلى أنواع الاعتراف الأربعة السياسي والاجتماعي والشخصي وعبر المناهج التعليمية، لأن ذلك يضمن حالة السلام والاستقرار والتنمية في المجتمع، في ظل غياب التهميش والاستبعاد من تلك الحقوق الثقافية، وهنا ننتقل إلى الخطوة التالية على الاعتراف.

ثانيًا- معاملة الناس من ثقافات مختلفة على قدم المساواة

يذهب "لين" إلى أنه لا يمكن التمييز ضد أي شخص أو منحه الإعفاءات لمجرد الاختلافات بينه وبين الآخر، ويجب أن يكون لكل شخص الحق في المشاركة على قدم المساواة في عمليات صنع القرار، خاصة عندما يتمكن من تحديد ما إذا كان يمكن منح مجموعة أقلية إعفاءات أم لا.  وبالتالي، يمكن النظر إلى المساواة على أنها معاملة جميع الناس ككائنات حرة ومتساوية طالما تم استيفاء الشروط الثلاثة التالية: (1) حماية جميع الحقوق الأساسية لجميع الناس، (2) لا يتم حث أحد على تبني القيم التي يشاركها غالبية الناس، (3) مسئولية صانع القرار عن هذا من الناحية النظرية أو العملية.

وفي هذا الإطار، يجب التأكيد على أن معاملة الجماعات المختلفة على قدم المساواة لا يعني أن الناس بحاجة إلى معاملة الغرباء كما يعاملون أسرهم، أو إهمال أن الناس غير متساوين من حيث أشياء كثيرة، كالقوة والضعف، ولكن يشير فقط إلى الرأي القائل بأن "جميع الناس متساوون من الناحية الجوهرية ويستحقون أخذ اختلافاتهم على محمل الجد من قبل أفراد المجتمع والشخص المسؤول عن اتخاذ القرارات".(7)

وبشكل عام، فإن هذا النهج يؤكد على المرحلة التالية للاعتراف بالجماعات الثقافية في المجتمع وهي تلك المتعلقة بالمعاملة على قدم المساواة، ويُقدم ضمانتين في غاية الأهمية، الأولى هو طمأنة الجميع بأن هذا لا يعني طغيان قيم الأغلبية، والثاني أنه ألقى بالمسئولية على صانع القرار في ضمان إدارة التعددية على قدم المساواة، حيث أن العلاقة بين الحقوق الثقافية والمساواة هي محور الاهتمام في موضوع التنوع الثقافي.

ثالثًا- حماية الأقليات وثقافاتهم

يسير هذا النهج عكس مقولات الاستيعاب الثقافي على نحو كبير، فإذا كان الاستيعاب يؤدي إلى زوال ثقافات وهويات الأقليات، على سبيل المثال، يوضح فيلمور كيف تؤثر المدارس على علاقة القوة غير المتوازنة في المجتمع من خلال تمكين طلاب الأقليات من رفض لغتهم الأصلية والابتعاد عن تراثهم، فإذا كان الطلاب يأملون في النجاح في المدارس أو المجتمع من خلال التخلي عن الاتصال بأنفسهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم، فإن هذا النوع من فقدان التواصل مع ماضيهم هو ثمن باهظ لا يمكنهم تحمله.

وتخلق هذه الافتراضات وهمًا بأن التجانس بين الناس هو حالة طبيعية وقيمة، بمجرد أن يتخلى الناس عن ثقافات الأقليات، يمكن قبولهم والترحيب بهم على أنهم أغلبية دون تمييز وتحيز، ويذهب "لين" إلى أن العلاجات الخاصة للأشخاص الذين تكون ثقافاتهم وهوياتهم في خطر ضرورية لتصحيح الظلم التاريخي، ويجب النظر إلى العلاجات الخاصة كميزة دائمة لمجتمع عادل بدلاً من التعويض المؤقت للأخطاء التاريخية.

هذا النهج له مستلمين: الهوية الفردية وهوية المجموعة، النقطة المحورية في حماية الهوية الفردية أن للفرد الحق في اختيار وتشكيل ومراجعة الثقافات والهويات، التي لا يمكن التضحية بها من أجل الصالح العام.  أما فكرة حماية هوية المجموعة تنطلق من أن العديد من المجتمعات لها تاريخ وحاضر وتتمكن من استبعاد بعض الثقافات والمجموعات، و عرض المعايير والقيم الاجتماعية التي تُحددها الأغلبية، وبالتالي، فالجماعات لديها "حافظات" تحمي الهوية من تدمير الغرباء، وإزالة القيود الداخلية التي تهدف إلى إدامة السمات الحاسمة للمجموعة ضروري.(8)

وتدور هذه الفكرة بشكل أساسي حول قدرة الجماعات أو الأفراد على حماية هوياتهم الثقافية، في إطار مجتمع عادل يؤمن بحماية الثقافة والهويات الفرعية بداخله، ويفترض كل هذا غياب أي نهج عدائي في التعامل مع الاختلافات الثقافية، إذا أخذنا تلك النقطة وتوقفنا عندها، نجد أن كل ما سبق يُمثل افتراض لما يجب أن يكون عليه أي مجتمع في تعامله مع أبناء الجماعات المختلفة ثقافيًا، ولكن هناك بعض من التحديات التي تواجه تلك الجماعات متمثلة في بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن نطلق عليها "عدائية" في التعامل مع الاختلاف الثقافي كالاستبعاد الثقافي، وبقدر ما الاستيعاب الثقافي، وهو ما نُركز عليه في تلك الدراسة.

الاستيعاب الثقافي

وصف "كيفي" و"باديلا" الاستيعاب بأنه "الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لأقلية في المجتمع السائد"، وكتب أبرز علماء الاجتماع وهو "ميلتون جوردون" (1964) أحد أهم الأعمال حول مفهوم الاستيعاب، في كتابه "الاستيعاب في الحياة الأمريكية: دور العرق والدين والأصول الوطنية"، ليحلل "جوردون" التكيف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمهاجرين في أمريكا الشمالية، وخلص إلى أن المهاجرين يمرون عبر سبع مراحل من الاستيعاب:

1.            "التثاقف": يتبنى الوافدون الجدد اللغة واللباس والعادات اليومية للمجتمع المضيف (بما في ذلك القيم والأعراف)، وهو أول عملية فرعية للاستيعاب.

2.            الاستيعاب الهيكلي: دخول الأقليات على نطاق واسع في جماعات الأصدقاء والنوادي والمؤسسات في المجتمع المضيف.

3.            الاستيعاب الزوجي: التزاوج على نطاق واسع.

4.            استيعاب الهوية: تشعر الأقلية بأنها مرتبطة بالثقافة السائدة.

5.            استيعاب استقبال الموقف ويشير إلى عدم وجود تحيز.

6.            استيعاب استقبال السلوك ويعني عدم وجود تمييز.

7.            الاستيعاب المدني عندما يكون هناك غياب للقيم وصراعات على السلطة.

اعتبر "جوردون" نموذجه المكون من سبع مراحل حقيقة واقعية وليس طموحًا سياسيًا معياريًا، بينما اعتبره البعض وجهة نظره حول الاستيعاب كقانون طبيعي: بما يعني أنه حتمًا تمر جميع مجموعات الأقليات (مثل "السود" في الولايات المتحدة) والمهاجرين (مثل البورتوريكيين) بهذه المراحل السبع من الاستيعاب، خاصة إذا كانت الأغلبية (أو في بعض الحالات التاريخية الأقلية (على سبيل المثال الثقافة الهيلينية في الشرق الأوسط)) مسيطرة اجتماعياً وثقافياً وسياسياً.

وقد لاحظ عالم النفس الاجتماعي بيري أن عملية التكيف مع المهاجرين أكثر تعقيدًا مما هو مقترح في نظرية جوردون، وقام بصياغة نموذج بديل، والذي أشار إليه باسم "استراتيجيات التثاقف الأربع"، وأشار إلى أنه يجب فهم التثاقف على أنه "العملية المزدوجة للتغيير الثقافي والنفسي التي تحدث نتيجة للاتصال بين مجموعتين ثقافيتين أو أكثر". على عكس جوردون  يجادل بأنه إذا تواصلت مجموعات ثقافية مختلفة، فقد تظهر اشتباكات ثقافية محتملة، والتي يجب حلها من خلال التفاوض من أجل تحقيق نتائج مقبولة لجميع الأطراف المعنية.

ويمكن للمهاجرين اختيار أربع استراتيجيات تثاقف مختلفة، وهي "الاستيعاب" و"الانفصال" و"التهميش" و"الاندماج"،  ويتم تحديد الإستراتيجية التي يختارها الفرد من خلال عاملين هما: (1) تفضيل الأغلبية أو التراث و (2) تفضيل الاتصال والمشاركة في المجتمع مع المجموعات الثقافية الأخرى.

ومع ذلك، لم يختلف مفهوم الاستيعاب عند بيري عن ما ذهب إليه جوردون: "التكيف التام للأقلية مع ثقافة الأغلبية"، أي أن أولئك الذين يختارون هذه الاستراتيجية لديهم تفضيل لثقافة الأغلبية ويرغبون بنشاط في الانخراط مع مجموعات أخرى.(9)

ولا بد أن نلاحظ هنا توافر الفكرة لدى الطرف الآخر في تفضيل بل والمشاركة في ثقافة الأغلبية، وربما هذا لا يتحقق في بعض أشكال الاستيعاب التي تتم قسرًا على الطرف الأقل قوة، والذي لا يجد أمامه بد سوى الانخراط في الثقافة الغالبة، وهذا ما لم يقصده جورودن وبيري.

كما توفر نظرية الاستيعاب إطارًا مفاهيميًا للتحليل التجريبي للتنوع بين الأعراق، كمثال على ذلك، استخدم فلويد وغرامان التحليل العنقودي لاشتقاق ثلاثة مستويات من "التثاقف اللغوي" بين المكسيكيين الأمريكيين والتي تم استخدامها بعد ذلك لدراسة التباين داخل تلك المجموعة العرقية في أنماط النشاط الترفيهي، وبعد استبعاد متغيرات كالعمر والتعليم، اختلف الأشخاص في المجموعة الأقل ثراءً بشكل كبير عن الأمريكيين المكسيكيين الآخرين في مشاركتهم في أنواع معينة من الأنشطة الترفيهية.

وبالمثل، وجد Baas و Ewert وChavez  أن الأمريكيين اللاتينيين المولودين في الولايات المتحدة اختلفوا عن المهاجرين المولودين في المكسيك (الذين يفترض أنهم أقل استيعابًا) في معدلات مشاركتهم في أنشطة مثل المشي وركوب الدراجات النارية.

وتدل هذه النتائج  كما أشارا ساندرا شال وجيمس هـ. جرمان (1998) في دراستهما المعنونة ""تأثير الاستيعاب الثقافي على أهمية الترفيه المرتبط بالأسرة والطبيعة بين الأمريكيين من أصل إسباني" على أنه قد يكون هناك قدر من التنوع الثقافي داخل مجموعة عرقية كما هو الحال بين المجموعات، وأحد المصادر المحتملة للتنوع داخل الإثنية هو الاختلاف داخل المجموعات في درجة الاستيعاب الثقافي، هذا الاختلاف له آثار ليس فقط على السلوك الترفيهي، ولكن على المواقف البيئية أيضًا.(10)

بشكل عام، يمكن اعتبار نظرية الاستيعاب الثقافي تقوم على الاختفاء التدريجي للأنماط الثقافية والسلوكية الأصلية لصالح أنماط جديدة، وبمرور الوقت تتجه العملية حتمًا وبشكل لا رجعة فيه نحو الاستيعاب الكامل، وهنا تذوب المجموعات المختلفة في الثقافة السائدة.

تطور نظرية الاستيعاب

يبدو أن نظرية الاستيعاب مدعومة إلى حد ما بتجربة مختلف موجات المهاجرين الأوروبيين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بين عشرينيات وخمسينيات القرن الماضي، وفي الستينيات، تم تحدي منظور الاستيعاب الكلاسيكي في الولايات المتحدة من خلال أنماط التكامل الثقافي للمجموعات المهاجرة غير الأوروبية، وبدلاً من الاندماج في الثقافة السائدة، بدا أن هذه الجماعات تُحافظ على هوياتها العرقية والدينية، مما يجعل الاختلافات الثقافية أكثر ثباتًا مما تتوقعه نظرية الاستيعاب تقليديًا.(11)

بينما اعتبرت نظريات الاستيعاب الكلاسيكية الاستيعاب جزءًا من عملية التنقل التصاعدي للمهاجرين وذريتهم، وأن كل جيل لاحق حقق مكانة اجتماعية واقتصادية أعلى لأنه أصبح أكثر تشابهًا ثقافيًا ولغويًا من الاستيعاب المجزأ، فإن الموجات الحالية للاستيعاب الثقافي أقل احتمالاً النمط الكامل منه مقارنة بالسابق.

ومع ذلك، لا يتفق جميع العلماء على أن هذه الظروف فريدة أو مهمة بما فيه الكفاية لجعل نظرية الاستيعاب الكلاسيكية غير قابلة للتطبيق، كما استعرضها ألبا وني، خضعت نظرية الاستيعاب للعديد من المراجعات والتحسينات قبل أن تبدأ في مواجهة التحديات الأساسية في التسعينيات. ويُعرفا  ألبا وني الاستيعاب على أنه "التراجع، وعند نقطة النهاية الاختفاء، للتمييز الإثني / العرقي والاختلافات الثقافية والاجتماعية التي تعبر عنه".(12)

ومما سبق يمكن أن نقول إنه التحول التدريجي لتبني الثقافة السائدة، وأن جوهر عملية الاستيعاب هو الاختيار، وأن الاستيعاب الكلي (نظرية الاستيعاب الكلاسيكية) لم يعد موجود بالشكل التقليدي نظرًا للتغيرات والتطورات العالمية، وقدرة أصحاب الجماعات الثقافية المختلفة على التواصل مع بعضهم البعض في كافة أنحاء العالم ومشاركة تراثهم الثقافي معًا، نتيجة العولمة وتطور وسائل الاتصال والمواصلات، وبالتالي ظهر نمط جديد من الاستيعاب هو المجزأ، نلقي الضوء عليه في التالي.

ظهور نظرية الاستيعاب المجزأ

في إطار الانتقادات التي وُجهت لنظرية الاستيعاب الكلاسيكية، يقترح بورتيس وتشو نظرية "الاستيعاب المجزأ"، وتنطلق هذه النظرية من الفرضية القائلة بأن الولايات المتحدة هي مجتمع طبقي وغير متساوٍ، وبالتالي يمكن للمهاجرون اختيار الانضمام لأي من تلك الطبقات.

ورسم بورتيس وتشو ثلاث مسارات استيعابية ممكنة قد يتخذها المهاجرون، الأول يخرج من رحم نظرية الاستيعاب الكلاسيكية أي زيادة التثاقف والاندماج في الطبقة الوسطى الأمريكية، والثاني هو التثاقف والاندماج في الطبقة الدنيا الحضرية، بما يؤدي إلى الفقر والحراك لأسفل، والثالث "التثاقف الانتقائي" وهو الحفاظ المتعمد على ثقافة وقيم مجتمع المهاجرين، مصحوبًا بالتكامل الاقتصادي.(13)

وهناك العديد من العوامل التي تتوقف على اختيار أي نمط من تلك الأنماط منها رأس المال البشري، وأنماط الاندماج في المجتمع المضيف، وهيكل الأسرة والصراع بين الأبناء وانهيار التواصل بين الأجيال وغيرهم، وهنا تظهر إشكاليات كالتثاقف المتنافر، وثقافة الشباب المعارضة أو النظرة العدائية.

على صعيد آخر، نجد أن هناك العديد من الانتقادات التي تم توجيهها إلى نظرية الاستيعاب المجزأ منها أنها جعلت ثقافة "السود" في وسط المدينة في صورة الطبقة الدنيا، رغم أنه تم العثور على مجموعة متنوعة من النماذج الثقافية بين الأميركيين الأفارقة الحضريين، لذلك يذهب البعض إلى أنه من السذاجة الاعتقاد بأن الاندماج في ثقافة الأقليات الأصلية هو بالضرورة استيعاب هبوطي في الطبقة الدنيا.(14)

ورغم أن نظرية الاستيعاب المجزأ حاولت الخروج من بعض الإشكاليات التي نتجت عن نظرية الاستيعاب الكلاسيكي، لكن التحولات العالمية المتمثلة في العولمة وانفتاح المجتمعات، التي جعلت الأقليات حول العالم والمهاجرين والجماعات الإثنية تلتقي مع بعضها البعض وتتشارك لغتها ودياناتها وجميع روابطها المشتركة من خلال وسائل التواصل الحديث، كل ذلك أنتج تحديات عديدة في التعامل مع التعددية الثقافية، وأدت إلى ظهور مناهج مختلفة كالاندماج الثقافي والتضمين في المراحل التالية.

ملاحظات ختامية

حاولنا في تلك الدراسة البحث في مفهوم التنوع الثقافي، ومناهج وتحديات التنوع بالتركيز على الاستيعاب الثقافي، واستعانت الدراسة في ذلك بمفهومين لصيقين الصلة بالموضوع هما الحقوق الثقافية والكفاءة الثقافية، وخلصت الدراسة إلى عدد من الملاحظات وهي:

·       أنه برغم ارتباط التنوع بالعديد من المصطلحات الهادفة كالمساواة والحقوق والعدل الاجتماعي، لكن الإشكالية تكمن في كيفية التعامل مع التنوع وإدارته، ما بين سياسات هدفت لتوفير تلك الحقوق على قدم المساواة، وبين سياسات وضعت بعض الجماعات الثقافية على الهامش، بما جعل الكثير منها يرفع المظالم التاريخية ويُصعدها إلى حد هدم البناء الاجتماعي.

·       ما تناولته الدراسة هو عرض لما ينبغي أن تكون عليه السياسات  (ما سميناه المناهج الترحيبية) من اعتراف بالحقوق الثقافية، ومعاملة الجماعات على قدم المساواة، وحماية حقوقهم وهوياتهم، وهو بالفعل ما نجده في بعض المجتمعات، وبين ما أطلقنا عليه مناهج عدائية كالاستبعاد الثقافي، وبقدر ما الاستيعاب الثقافي (عندما يكون قسريًا).

·       وما يمكن ملاحظته على تلك المناهج التي يُشكل بعضها تحديات يخلق أزمات ويُصعب من تحقيق الكفاءة الثقافية، أنها ليست جميعها في اتجاه خطي واحد، ولكنها قد تكون متبادلة، أو تأخذ شكل رد الفعل، كما في العلاقة بين الاستيعاب والعزلة. كما يظهر أيضًا العلاقة بين الفواعل بأنها ليست دائما في اتجاه الواحد، فكما توجد مناهج يكون الفاعل فيها الجماعات الأقوى أو الأغلبية، يوجد العكس.

·       في فكرة جوردون وبيري عن الاستيعاب الثقافي، كانت وجود الرغبة لدى الطرف الآخر في تفضيل بل والمشاركة في ثقافة الأغلبية الأساس في عملية الاستيعاب، فهما لم يتحدثا عن الاستيعاب القسري في الثقافة السائدة، والذي لا يجد أمامه بُدً سوى الانخراط في الثقافة الغالبة.

·       يمكن اعتبار نظرية الاستيعاب الثقافي تقوم على الاختفاء التدريجي للأنماط الثقافية والسلوكية الأصلية لصالح أنماط جديدة، وبمرور الوقت تتجه العملية حتمًا وبشكل لا رجعة فيه نحو الاستيعاب الكامل، وهنا تذوب المجموعات المختلفة في الثقافة السائدة.

·       نظرية الاستيعاب المجزأ حاولت الخروج من مأزق الاستيعاب الكلاسيكي، لكن التحولات العالمية المتمثلة في العولمة وانفتاح المجتمعات، التي جعلت الأقليات حول العالم والمهاجرين والجماعات الإثنية تلتقي مع بعضها البعض وتتشارك لغتها ودياناتها وجميع روابطها المشتركة من خلال وسائل التواصل الحديثة، كل ذلك أنتج تحديات عديدة في التعامل مع التعددية الثقافية، وأدت إلى ظهور مناهج مختلفة كالاندماج الثقافي والتضمين في المراحل التالية.

 

المراجع

 (1)Harold Andrew Patrick and Vincent Raj Kumar (2012). Managing Workplace Diversity: Issues and Challenges. SAGE Open 1 (15): 1-2, on the link:

 https://journals.sagepub.com/doi/pdf/10.1177/2158244012444615

(2)  Cong Lin (2019). “Understanding Cultural Diversity and Diverse Identities”.  In The Springer Encyclopedia of the United Nations Sustainable Development Goals: 1-2, on the link:

https://www.researchgate.net/publication/335608907_Understanding_Cultural_Diversity_and_Diverse_Identities

(3)      Annamari Laaksonen (2005). “Measuring Cultural Exclusion through Participation in Cultural Life”.  Paper presented in Third Global Forum on Human Development: Defining and Measuring Cultural Exclusion: 2-3, on the link:

https://culturalrights.net/descargas/drets_culturals135.pdf

(4) Ibid, p3.

(5) Terry L. Cross, Barbara J. Bazron, and others (1989). “Towards A Culturally Competent System Of Care”. Washington, DC: Georgetown University Child Development Center, CASSP Technical Assistance Center: 13, on the link:

 https://spu.edu/~/media/academics/school-of-education/Cultural%20Diversity/Towards%20a%20Culturally%20Competent%20System%20of%20Care%20Abridged.ashx

(6) Definitions of Cultural Competence, Curricula Enhancement Module Series, Georgetown University, Center  for Child and Human Development, on the link:

https://nccc.georgetown.edu/curricula/culturalcompetence.html

(7) Cong Lin, op cit, p-p 4-6.

(8) Ibid, p-p 6-7.

(9)  Christopher Houtkamp (2015).  “Beyond Assimilation and Integration: The Shift to ‘National’ and ‘Transnational’ Inclusion”. ACTA Univ. Sapientiae, European and Regional Studies: 74-76, on the link: http://www.acta.sapientia.ro/acta-euro/C8/euro8-05.pdf

(10) Sandra L. Shaull and James H. Gramann (1998), “The Effect of Cultural Assimilation on the Importance of Family-Related and Nature-Related Recreation among Hispanic Americans”.  Journal of Leisure Research 30 (1):48-52, on the link:

https://www.nrpa.org/globalassets/journals/jlr/1998/volume-30/jlr-volume-30-number-1-pp-47-63.pdf

(11) Yann Algan, Alberto Bisin, and Thierry Verdier (2012).  Cultural Integration of Immigrants in Europe. Oxford: Oxford University Press, p3.

(12)  Richard Alba and Victor Nee (1997). Rethinking Assimilation Theory for a New Era of Immigration. International Migration Review 31 (4): 863, on the link:

http://users.clas.ufl.edu/marilynm/Theorizing_Black_America_Syllabus_files/Rethinking_Assimilation_Theory_for_a_New_Era.pdf

(13)    Richard Nagasawa, Zhenchao Qian and Paul Wong (2001), Theory of Segmented Assimilation and the Adoption of Marijuana Use and Delinquent Behavior by Asian Pacific Youth.  The Sociological Quarterly 42 (3): 353, on the link:

 https://www.jstor.org/stable/4121314

(14)  Yu Xie  and Emily Greenman (2005). “Segmented Assimilation Theory: A Reformulation and Empirical Test”. paper was presented at the 2005 Population Association of America Annual Meeting: 10-11, on the link:

https://scholar.princeton.edu/sites/default/files/yuxie/files/assim_paa.pdf


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟