المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

كيف حوّل فيكتور أوربان قرناً من التاريخ المجري إلى سلاح سري؟

الثلاثاء 16/يونيو/2020 - 11:38 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
هيثر كونلي، ترجمة: أحمد سامي عبد الفتاح

ربما يصاب الغرباء بالدهشة عندما يسمعون أن بعض المجريين يحيون ذكرى إمبراطوريتهم المفقودة، مع العلم أن رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، هو أحد هؤلاء. في يوم الخميس، سوف يكشف أوربان عن يوم الوحدة الوطنية الذي يتضمن الإعلان عن أسماء 12000 من البلديات التاريخية، التي تم تمزيقها من الوطن، في أعقاب توقيع اتفاقية Trianon التي أنهت رسميا الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطوية المجرية منذ مائة عام. وسوف يكون هذا الإحتفال هو وسيلة جديدة ضمن خطة أوربان للتلاعب بالتاريخ ضمن خطته السياسية من أجل الإستمرار في السلطة.

في أعقاب الحرب العالمية الأولي، قام الحلفاء المنتصرون بفرض عقويات قاسية على الدول الواقعة في وسط أوروبا. بينما يركز المؤرخون في الغالب على قساوة البنود التي فرضت على ألمانيا في معاهدة وستفاليا، إلا أن مملكة المجر قد تعرضت لما هو أكثر قسوة؛ حيث أنه في معاهدة Trianon التي أصبحت رسمية في 4 يونيو 1920، فقدت المجر 72% من الأراضي التي كانت خاضعة لها قبل الحرب، فضلا عن فقدانها لنحو 64% من سكانها.

فقدان الإمبراطوية لا يزال ملموسًا إلى اليوم. ففي حال قمت بزيارة مكتب أي مسئول حكومي، فإنك في الغالب سوف تجد خرائط الإمبراطوية قبل الحرب معلقة على الحائط، مع العلم أن هذه الخرائط تضم أراضي من سلوفاكيا، صربيا، أوكرانيا ورومانيا. ويحاول أوربان استخدام التاريخ من أجل تعبئة النزعة القومية لدي المواطنين، محاولا بذلك خلق حالة من الحنين للإمبراطوية القديمة.

                في السنوات الأخيرة، قللت حكومة أوربان من الإحتفالات الخاصة بإحياء ذكرى الشخصيات المجريين التي تجسد قيمًا ديمقراطية، لكنهم في الوقت ذاته يروجون لنصب تذكارية للقادة المجريين المتحالفين مع هتلر وموسوليني خلال الحرب العالمية الثانية. الأهم من ذلك كله، احتضن أوربان ريجنت ميكلوس هورثي، الدكتاتور الفاشي والمعادي للسامية في ثلاثينيات القرن الماضي، لأنه في عهده تم تجاوز جزء من معاهدة Trianon، حيث قامت المجر بضم اقليم Transylvania في عام 1940( سقط نظام هورثي في عام 1944، وقد استعادت رومانيا هذا الإقليم في مارس 1945).

منذ أن عاد للسلطة في 2010، تمكن أوربان من تمرير قانون يتيح للمجر منح الجنسية للأجانب الذين يمتلكون أجدادا من حاملي الجنسية المجرية أو يتحدثون المجرية على الأقل. وقد حصل 700000 ألف شخص على الجنسية المجرية وفق هذا القانون في فعام 2015. في عام 2013، حثّ أوربان الإثنية المجرية في جميع أنحاء أوروبا على الإتحاد من أجل جعل المجر" أمة قوية". في عام 2014، أرجع أوربان بقائه في السلطة لتصويت الإثنية المجرية التي تعيش خارج المجر. وفي ذات الخطاب، أعلن أوربان عن رغبته في تحويل المجر إلى دولة غير ليبرالية.

                على مدار العقد الماضي، قامت بودابست بشراء أجندات اعلامية من أجل خدمة الإثنية المجرية خارج البلاد والقريبة من الحدود. وقد قامت الحكومة المجرية بتمويل أندية رياضية، مدارس، كنائس خاصة بالمجتمعات المجرية خارج الحدود. كنتيجه لذلك، أصيب هؤلاء المواطنون بنوع من العزل عن دولهم وأصبحوا يعتمدون بشكل مباشر على التمويل الذي يحصلون عليه من المجر.  وتشبه سياسات أوربان في هذا الإطار السياسات الروسية التي تهتم بتشكيل درع بشري في المناطق القريبة من حدودها. من الواضح أن أوربان لا يمكنه العودة بالمجر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولي، حيث لا يمكنه النظام الدولي الحالي من ضم أراضي من كل الدول التي كانت خاضعة للملكة المجرية سابقا.

على الرغم من ذلك، فإن سياساته قد ولدّت نوعا من عدم الإستقرار في المنطقة، بعدما تعالت نزعته القومية. وقد جاء هذا الأمر بالسلب على سياسات الولايات المتحدة في المنطقة. على سبيل المثال، تركيز المجر على العرقية المجرية في أوكرانيا قد تسبب في منع انعقاد أي اجتماعات عالية المستوي بين الناتو ومسئولين أوكرانيين، في خلال العاميين الماضيين. علاوة على ذلك، فإن التوتر بين المجر ورمانيا قد وصل لمراحل غير مسبوقة، رغم أن الدولتين أعضاء في الناتو. فكلما قامت الحكومة الممجرية بدعم العرقيات التابعة لها في اقليم Transylvania، وجدت رومانيا نفسها مضطرة لتبني أجندة قويمة مضادة للحكومة المجرية.

وكما قال أوربان ذاته أن الأقلية المجرية خارج الحدود ساهمت في بقائه على السلطة رغم تراجع شعبيه حزب في عدد من المدن الرئيسية في البلاد. وعلى الرغم من محاولاته لإستغلال التاريخ من أجل تعبئة النزعة القومية، الأمر الذي قد يهدد باحداث توترات في المنطقة، إلا أن أوربان لا يهتم بذلك، بل إنه يعتقد أن الصرع مع الدول المجاورة قد يساعده على البقاء في السلطة. 


Heather Conley, How Viktor Orban turned a century of Hungarian history into a secret weapon, June 3, 2020, at:

https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/06/03/how-viktor-orban-turned-century-hungarian-history-into-secret-weapon/?fbclid=IwAR3_YZQUkXsmdP5jFY_Xe596vJqJPfojQUuiFt_pTDQeGwE84A4q-781jOI


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟