المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تصعيد متزايد .... دلالات إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران

السبت 21/نوفمبر/2020 - 06:38 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أعلنت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب في 20 سبتمبر الجارى بداية عودة العقوبات الأممية على إيران، وذلك بعد أن فشلت واشنطن في تمديد حظر السلاح الذى من المقرر رفعه بحلول أكتوبر القادم. وهو الأمر الذى أثار ردود فعل متشددة من قبل المسؤولين الإيرانيين، مؤكدين على أن السياسات الأمريكية لم تجلب سوى الحروب وعدم الاستقرار، داعيين إياها بالكف عن ما وصفوه بـ "الغطرسة الأمريكية"، لاسيما بعد إعلان كل من الجانب الأوروبي، الروسي والصيني رفضهم لتفعيل هذه الألية. 

وسنعرض فيما يلي لأبرز دلالات تفعيل الولايات المتحدة الأمريكية لألية "سناباك" التى تقضي بعودة كافة العقوبات التى كانت مفروضة على إيران قبل توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة:-

أولاً- قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية

على الرغم من تصريحات المسؤولين الإيرانيين التى تشير إلى عدم اكتراث  طهران بهوية الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية الإدعاء بأنه لا يوجد اختلاف جوهري فيما يتعلق  بالمواقف الديمقراطية والجمهورية تجاه إيران، إلا أن هذه الأخيرة تعتبر من أكثر المترقبين لعواقب الانتخابات الأمريكية. فمن الواضح أن طهران ترغب فى اتباع سياسة مزدوجة تتمثل في التصعيد بشأن الملف النووى من ناحية، وهو الأمر الذى ظهر في إعلان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي في 13 سبتمبر الجارى أنه تم زيادة أجهزة الطرد المركزى التى تعمل في منشأة فوردو إلى  1044 جهاز لتخصيب اليورانيوم، فضلاً عن شروعها في بناء أجهزة الطرد المركزى الأكثر تطوراً قرب منشآة ناتانز(1).

ومن ناحية أخرى، تعمل طهران على توسيع هامش المناورة من خلال السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة الموقعين الذين اصدرت الوكالة بشأنهما تقرير منتصف يونيو الفائت من خلال توجيه دعوة رسمية لمدير الوكالة روفائيل غروسي في 26  أغسطس الفائت. وعليه، من الواضح أن إيران تحاول من خلال لهجة التصعيد المتزايدة مع واشنطن تقليل فرص الرئيس الحالى دونالد ترامب في الفوز بفترة رئاسية ثانية، وتعزيز موقعها التفاوضي في حال فوز نظيره الديمقراطى جو بايدن، خاصًة مع الرفض الكبير الذى تلقته السياسات الأمريكية تجاه إيران - ولاسيما فيما يتعلق بتفعيل ألية "سناباك" التى تقضى بعودة كل العقوبات الأممية على طهران- من قبل دول الترويكا الأوروبية، فضلاً عن الجانبين الروسي والصيني. 

ثانيًا – الاتفاق النووي الإيراني

يعتبر الاتفاق النووى والقضايا المرتبطة به مثل العقوبات الاقتصادية وقضية حظر السلاح من أبرز الملفات الخلافية بين واشنطن وطهران خلال الفترة الحالية، ولاسيما بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 18 سبتمبر الجارى فرض عقوبات على 47 كيانًا وفرداً على صلة بوزارة الاستخبارات الإيرانية؛ حيث استهدفت العقوبات شركتا  "ادفانسد بيرسيستانت ثريت"، و" رنا للبرمجيات الأمنية" التي تستخدم كواجهة للأولى، بسبب  ملاحقتهما لمعارضين إيرانيين، صحافيين وشركات دولية في قطاع السفر(2).

                 في السياق ذاته، أرسل ستة أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكى في 19 سبتمبر الجارى برسالة إلى الرئيس ترامب يطالبون فيها بفرض عقوبات على جميع القطاعات المالية في إيران، على خلفية رغبتهم في عزلها تماماً عن النظام المالي العالمي، الأمر الذى من شأنه أن يحد من قدرة طهران على تمويل الميليشيات المسلحة التابعة لها في المنطقة(3).

وفيما يتعلق بالعلاقة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، قامت السلطات الإيرانية بتقديم دعوة رسمية لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية روفائيل غروسي في 26  أغسطس 2020 بشأن السماح لها بزيارة الموقعين اللذين منعت إيران الوكالة من تفتشيهما وتم إصدار تقرير بشأنهما في يونيو 2020 على خلفية الاشتباه في إجراء بعض الأنشطة النووية بداخلهما، وهو الأمر الذى يفسر الرغبة الإيرانية في تخفيف حدة التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية.

أما فيما يتعلق بقضية حظر السلاح، فعلى الرغم من حسم الجدل بشأنها، على خلفية رفض مجلس الأمن في جلستة المنعقدة في 14 أغسطس 2020 تمديد حظر السلاح على إيران وهو الأمر الذى جاءت على إثره ردود فعل متشددة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدة أن هكذا قرار من شأنه أن يساعد على نشر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال زيادة الدعم الإيراني للميشليشات المسلحة التابعة لطهران في المنطقة، وتوعدت إيران بالعودة إلى ما يعرف بألية "سناباك" والتى تقضى بعودة كافة العقوبات الاقتصادية التى كانت مفروضة على إيران قبل توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة مع إدارة باراك أوباما في عام 2015، إلا أنها ما تزال القضية المحورية فيما يتعلق بالتوتر الأمريكى الإيرانى.

ثالثًا – التصعيد الأمريكي – الإيراني في المنطقة

تتشارك الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في عدد لا بأس به من ساحات الصراع في الشرق الأوسط، والتى يتمثل أهمها في العراق وسوريا؛ حيث بدأت كل من واشنطن وتل أبيب في تعزيز سيطرتهما على الأرض في سوريا على حساب النفوذ الإيرانى من خلال نشر رادارت سنتينال وتكثيف الطلعات الجوية للمقاتلات الأمريكية. أما فيما يتعلق بالعراق، فتحاول الولايات المتحدة الأمريكية ضمان وجودها في مقابل الضغوط الإيرانية المتزايدة لإخراجها من بغداد، ولاسيما بعد تورط واشنطن في اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى قاسم سليمانى برفقة قائد الحشد الشعبي أبو مهدى المهندس بالقرب من مطار بغداد الدولى في 3 يناير الفائت.

كما تواجه إيران تطويق أمريكي – إسرائيلي في سوريا من خلال هجمات تل أبيب المتلاحقة على مصالحها والمواقع العسكرية التابعة لها؛ حيث استهدفت إسرائيل في 6يونيو 2020 مقراً لقوات موالية لإيران في ريف مدينة دير الزور، مما أدى إلى مصرع 12 مقاتلاً عراقياً وأفغانياً، وتدمير بعض الألات والذخائر بسبب رغبة إسرائيل في حرمان طهران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا ودعم حزب الله اللبناني. وعليه، بدأت إيران طبقًا لبعض المصادر الإسرائيلية في خفض قواتها وإخلاء قواعد عسكرية تابعة لها في سوريا لأول مرة منذ عام 2011(4).

 

الهوامش:

1-           Hassan Ahmadian, Iran’s Options vis-à-vis a Second-Term Trump, The Institute For Peace& Diplomacy, August 7. 2020, available at https://peacediplomacy.org/2020/08/07/iran-options-second-term-trump/?fbclid=IwAR3C8E4j57JfoORraPkFwC5KmnOF5xlafNsZkf6t36IFNtH0I3Q938OKTPM

2-    عقوبات أميركية تستهدف الجهاز الأمني الإيران، الشرق الأوسط، 18 سبتمبر 2020 ، متاح على الرابط التالى  https://cutt.ly/qfZM95P

3-    نواب جمهوريون يطالبون ترامب بفرض عقوبات جديدة على إيران، صوت بيروت انترناشيونال، 19 سبتمبر 2020 ، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/cfZ1TLc

4-    اليكس فيشمان، ما الذي يدفع إسرائيل إلى تطويق عنق إيران في سوريا؟، 4 مايو 2020،  القدس العربي، متاح على الرابط التالى https://cutt.ly/8fZ0haU .


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟