المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

"بايدن" لن يحرر فلسطين .. تجاوز حل الدولتين ومحددات اتفاق أوسلو

الإثنين 07/ديسمبر/2020 - 02:42 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
سالم براهمة - ترجمة وعرض: آية بدر

يشير الكاتب إلى أن الفلسطينيين قد تنفسوا الصعداء بعد هزيمة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية ورحيله عن البيت الأبيض، فقد كان وبالاً على القضية الفلسطينية من خلال دعمه غير المسبوق للطرف الإسرائيلي عبر قرارات ألحقت الضرر بحقوق الفلسطينيين وخاصة حق حل الدولتين، فقد كان "ترامب" مناصرًا لسياسات الاستيطان وحليفًا قويًا لـ "نتنياهو"، وراعيًا لصفقة القرن ولصفقات التطبيع، وصاحب القرار الأبرز بنقل العاصمة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس.

ترامب والقضية الفلسطينية

والآن مع اقتراب "بايدن" من تولي زمام الأمور بالبيت الأبيض، يأمل الفلسطينيون في العودة من جديد إلى إطار اتفاق أوسلو من أجل الوصول لحل الدولتين بوساطة أمريكية، كما كان الحال قبل عهد "ترامب"، إذ كانت سياسات "ترامب" تتناقض مع أقواله فيما يخص حل الدولتين، فقد كان على أرض الواقع يدفع إزاء حل الدولة الواحدة الإسرائيلية.

فقد وضع "ترامب" نهاية حل الدولتين من خلال ما يسمى بـ "صفقة القرن" برعاية صهره "جاريد كوشنر"، والتي تسببت في منح الضوء الأخضر لإسرائيل لإطلاق سلسلة من المستوطنات تجعل الأراضي الفلسطينية كأنها أرخبيلاً ممزقًا بفعل التمدد الاستيطاني، بما يجعل المواطنين الفلسطينيين رعايا من الدرجة الثانية والثالثة بالنسبة للإسرائيليين ذوي السيادة الدائمة بما يعزز ممارسات الفصل العنصري ويطمس الهوية الفلسطينية، في إطار تطبيق رؤية "إسرائيل الكبرى".

وبالتالي، كشفت سياسات "ترامب" تجاه القضية الفلسطينية عن العوار الذي أصاب اتفاق أوسلو بعد مرور ثلاثة عقود من توقيعه، إذ لم يعد بمقدور أي دولة التصدي لممارسات القمع والظلم الإسرائيلي ومحاسبتها ومعالجة المظالم المنهجية التي ترتكبها، في حين دعم اتفاق أوسلو مشروع بناء السلطة الفلسطينية من أجل توفير مستوى معيشي للفلسطينيين يحول دون اندلاع انتفاضة أو أزمة إنسانية، وذلك بالاعتماد على المساعدات الخارجية.

علاوة على ذلك،سمح إطار أوسلو لإسرائيل "بإدارة الصراع" دون تكلفة حقيقية من خلال التعاقد من الباطن مع الاحتلال للسلطة الفلسطينية من خلال اتفاقيات التعاون الأمني ​​والمعاونة في تقديم الخدمات. وما أبقي ذلك الإطار المهلهل متماسكًا حتى الآن هو الشعارات الداعية إلى "إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات" في "عملية سلام" بوساطة الولايات المتحدة، كما لو كنا على أعتاب عام 1991 بدلاً من عام 2021.

لا يجب التعويل كثيرًا على بايدن

فقد آن الأوان للفلسطينيين أن يرتبوا أوراقهم من الداخل، بدلاً من نهج الاعتماد على الرؤساء الأمريكيين الذي لم يجد نفعًا، ويجب التيقظ إلى أن إدارة "بايدن" لا تملك عصًا سحرية لحل الأزمة، فلابد من التعويل على إعادة إحياء الحركة الوطنية التي باتت طريحة فراش الموت منذ عقود. إذ من غير المتصور أن ينتهج "بايدن" سياسات مغايرة تجاه القضية الفلسطينية، حيث لم يكن نهج "ترامب" خروجًا عن السياسة الأمريكية بقدر ما كان تتويجًا لها وبإجماع سياسي من الحزبين.

ففي الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات من قبل الحركة التقدمية الأمريكية بقيادة السناتور "بيرنيساندرز" والنواب "إلهان عمر" و"رشيدة طليب" و"أوكاسيوكورتيز"؛ من أجل وضع قيود على  التمويل العسكري لإسرائيل، إلا أن إدارة "بايدن"–"هاريس" ستسعى إلى تعزيز علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل بدلاً من تحديها.

كما أن التاريخ يشير إلى مواقف "بايدن" بشأن القضية الفلسطينية، ففي عام 1986، قال في قاعة مجلس الشيوخ إن التمويل العسكري الأمريكي لإسرائيل كان بمثابة أفضل استثمار بقيمة 3 مليارات دولار تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف: "لو لم تكن هناك إسرائيل، كان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخترع إسرائيل لحماية مصالحها".

فمن غير المتوقع أن يُقدم "بايدن" على تحريرفلسطين، أو حتى تقديم ما يسمى بحل الدولتين في إطار نموذج أوسلو. فأفضل ما يأمل فيه الفلسطينيون في الوقت الحالي هو مجرد إيقاف "بايدن" لسياسات "ترامب" الضارة. ومع ذلك، يجدر بالفلسطينيين خفض سقف طموحاتهم بشأن ما يمكن لإدارة "بايدن" أن تقدمه لهم.

الفلسطينيون هم مفتاح حل القضية الفلسطينية

ومن ثم، فقد حان الوقت للفلسطينيين للبحث داخليًا عن حلول لإعادة إيقاظ الحركة الوطنية، فيجب أن يعمل الفلسطينيون على إعادة بناء الداخل وتطوير نظامهم السياسي وإصلاحه، مع العمل على دعم التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية لملايين المواطنين الفلسطينيين، وذلك من خلال إصلاح الخلل الذي أصاب منظمة التحرير الفلسطينية، مع العمل على إنهاء التشرذم السياسي والاجتماعي والجغرافي الذي يحول دون وحدة الصف الفلسطيني حتى الآن.

وبالنظر إلى السياق الفلسطيني حاليًا نجد أنغالبية المجتمع الفلسطيني تقل أعمارهم عن 30 عامًا، مما يعني أنهم جزء من جيل أوسلو، فهم قد تلقوا الكثير من الوعود لتأسيس الدولة الفلسطينية لكنهم لم يحصلوا عليها، كما أن هؤلاء الفلسطينيون يتسمون بالحياد وليس لديهم أي ميول أيديولوجية تجاه حل الدولتين أو الدولة الواحدة، فكل ما يريدونه هو أن يكونوا أحرارًا ويتمتعون بكامل حقوقهم، لكن الوضع الراهن يحرمهم من كل شيء.

كما يجب أن تسعى الرؤية المستقبلية لحل القضية الفلسطينية إلى إيجاد سبيل للتعامل مع نظام التفوق العرقي في واقع الدولة الواحدة، مع العمل على إيجاد عقد اجتماعي جديد لجميع الناس الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط ​​يتأسس على قيم الحرية والإنصاف والعدالة،وألا يتم تمييز حقوق المواطنين وفقًا لاعتبارات الهوية العرقية أو الدينية، ومثل ذلك الحل سيتطلب وجود فلسطينيين مؤمنين بذلك جنبًا إلى جنب مع يهود إسرائيليين مؤمنين بحقوق الفلسطينيين، وكلاهما عازمون على بناء مستقبل أفضل للجميع.

المسؤولية الدولية لحل القضية الفلسطينية

تلك الرؤية الجديدة لا يمكن أن تتبلور دون أن يخلق المجتمع العالمي بيئة ملائمة يمكن أن تزدهر فيها. ولسوء الحظ،تسبب إطار أوسلو في تواطؤ العديد من الدول مع قمع إسرائيل للفلسطينيين. ومن ثم، يجب على المجتمع الدولي أولاً وضع بعض الشروط التي تقوض الانتهاكات الإسرائيلية من خلالإنهاء التمويل العسكري غير المشروط، وربط مبيعات الأسلحة لإسرائيل ب التوقف عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. كما يجب ثانيًا على الدول، ولا سيما الولايات المتحدة، إنهاء الإعفاءات الضريبية المقدمة لمواطنيها على الدعم المالي للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية. وثالثًا، يجب وقف الامتيازات -مثل التأشيرات المفتوحة والسفر والتجارة - الممنوحة للمستوطنين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة. رابعًا، يجب على الدول حظر المنتجات والخدمات المنتجة في المستوطنات غير الشرعية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفي هذا الصدد، اتخذت محكمة العدل الأوروبية خطوة أولى جيدة من خلال اشتراط ضرورة تصنيف المنتجات المصنوعة في المستوطنات والمباعة داخل الاتحاد الأوروبي. وأخيرًا، يجب الاستفادة من المساعدات الخارجية للتأكد من احترام قيم الديمقراطية، والتأكد من عدم تعزيز الهياكل السياسية وليدة اتفاق أوسلو والتي لم تجد نفعًا للفلسطينيين.

ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن هذه الحلولتعتبر مجرد بداية التحرك نحو ضمان مستقبل واعد للجميع،ولكن حتى تلك البداية تتطلب تحركًا من أجل إنهاء الركود في الداخل الفلسطيني، وأن يدرك الفلسطينيون أن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يمنحهم الحرية وأن يحل قضيتهم بالنيابة عنهم، لكن المجتمع الدولي يمكنه إما الاختيار بين دعم حل الأزمة أو إعاقة الشعب الفلسطيني عن مسعاه للحل.

 

BARAHMEH,SALEM: "Biden Can’t Free Palestine", Foreign Policy, 20 November 2020, Available at:

https://foreignpolicy.com/2020/11/20/biden-cant-free-palestine/

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟