المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

هل الاقتصاد الإيراني ينهار حقا؟

الثلاثاء 11/مايو/2021 - 04:56 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
جواد صالحي أصفهاني- عرض: مرﭬت زكريا

أثارت أنباء إحراز تقدم في المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في فيينا قلق معارضي الاتفاق النووي في كل من واشنطن وطهران؛ حيث يخشون من أن تتسبب العودة إلى خطة العمل المشتركة الشاملة في  أمر سيئ بالنسبة لهم، وبالتالي، يحثون حكوماتهم على التخلي عن المحادثات. وفي هذا السياق، يجادل الصقور في واشنطن بأن حملة الضغط القصوى التي شنها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد الاقتصاد الإيراني منذ عام 2018 على وشك أن تؤتي ثمارها، على خلفية حالة الإنهيار التدريجي التى يتعرض لها  الاقتصاد الإيراني. في حين يعتقد المحافظون في إيران عكس ذلك، أن الاقتصاد في طريقه للخروج من الركود وسيكون في المستقبل أكثر مقاومة للعقوبات؛ فمن المتوقع أن تزيد هذه العقوبات من هامش المناورة لإيران في التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية.  

لذا، يشير جواد أصفهاني إلى أننا بصدد تساؤل هام يتمثل في هل الاقتصاد ينهار أم ينسحب من الركود؟، ويجيب الكاتب بأنه لحسن الحظ، هناك معطيات للإجابة على هذا السؤال دون الوقوع تحت تأثير الافتراضات الأيديولوجية. فرغم أن بيانات الدخل القومي المنشورة مؤخرًا لا تقدم أي دعم لوجهة النظر المؤكدة على تدهور وضع الاقتصاد الإيراني؛ حيث تُظهر أحدث تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لإيران لربع الخريف الماضي (من 21 سبتمبر إلى 20 ديسمبر 2020) التي نشرها البنك المركزي الإيراني والمركز الإحصائي أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نما بنحو 1 %، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، ولوحظ معدل نمو مماثل للمقارنة في الأرباع الثلاثة الأولى.

وكشفت هذه التقارير أيضًا عن ارتفاع صادرات النفط من إيران في الأشهر الأخيرة - ما يصل إلى 800 ألف برميل يوميًا - إلى أن إيران ربما تكون قد أنهت السنة المالية التي انتهت في 20 مارس 2021، بمكاسب طفيفة. وتضع توقعاتها المنشورة في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل  نمو إجمالي الناتج المحلي الإيراني للسنة المالية التي انتهت للتو عند 1.5%، تليها معدلات نمو متواضعة بنسبة 2.5 % لعام 2021 و 2.1 % في عام 2022.

ومن اللافت للانتباه أن الدليل على أن الاقتصاد آخذ في الإنهيار يأتي من نفس تقرير صندوق النقد الدولي، والتى أكدت على  أن احتياطيات إيران الأجنبية انخفضت من 122.5 مليار دولار في عام 2018 إلى 4 مليارات دولار في عام 2020. ومؤسسة يشير الدفاع عن الديمقراطيات إلى هذا كدليل على هامش المناورة الذى تتمتع به إدارة بايدن خلال التفاوض مع إيران. في حين رأى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو أن بيانات صندوق النقد الدولي تثبت خطأ  الافتراضات التى طرحها أولئك الذين جادلوا بأن حملة ترامب للضغط الأقصى لن تنجح. فإذا تم أخذ أرقام صندوق النقد الدولي في ظاهرها، فإن منتقدي خطة العمل الشاملة المشتركة سيكونون على حق وستواجه إيران بالفعل أزمة وشيكة. لكن يؤكد الكاتب على أن صندوق النقد الدولي لطالما يفشل  في ملاحظة الانهيار القادم والتنبؤ بالانتعاش الاقتصادي بدلاً من ذلك؟

فإن 4 مليارات دولار هو تقدير لاحتياطيات إيران التي توصل إليها صندوق النقد الدولي على افتراض أن العقوبات قد جعلت 90 % من الاحتياطيات بعيدًا عن متناول إيران، لكنه إدعاء مرفوض أشار إليه محافظ البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتى في وقت سابق. والشاهد على ذلك، أنه في عام 2018، عندما أتاحت خطة العمل الشاملة المشتركة مزيدًا من الشفافية في المعاملات الدولية لإيران، قدر البنك المركزي القيمة الإجمالية لاحتياطياته الأجنبية بـ 122.5 مليار دولار، ولكن بعد حملة الضغط الأقصى التي شنها ترامب، فقدت إيران الوصول إلى بعض هذه الاحتياطيات، لكن لم يعرف أحد بالضبط مقدارها. افترض صندوق النقد الدولي أن 10 % فقط من الاحتياطيات كانت متاحة، وقام بتعديل تقديراتها إلى 12.4 مليار دولار لعام 2019.

قد يرغب المراقبون الجادون للاقتصاد الإيراني في معرفة كيف تؤثر أخبار انهيار احتياطيات إيران على سوق العملات الحرة في إيران، واللافت للانتباه في هذا السياق، اتضح أن المضاربين كانوا يرفعون قيمة الريال بدلاً من إغراقه، وعليه، اكتسبت العملة الإيرانية 17%  في السوق الحرة؛ حيث تم تداول أقل من 250 ألف ريال للدولار مقابل 300 ألف ريال في أكتوبر 2020. ومن المتوقع أن تكون مكاسب الريال أكثر وضوحًا إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن التضخم في إيران أعلى بكثير مقارنة بشركائها التجاريين. وفي هذا السياق، تباطأ التضخم منذ أكتوبر 2020 عندما بلغ ذروته بمعدل سنوي قدره 85 %، لكنه لا يزال يسير بمعدل سنوي يبلغ 30 % مع أخذ هذا التضخم في الاعتبار، ارتفعت قيمة العملة الإيرانية بمقدار الثلث من حيث القيمة الحقيقية منذ أكتوبر الفائت.

ومن هنا، ظهرت بعض الاتجاهات التي يستشهد بها المحافظون الإيرانيون للقول بأن الأسوأ بالنسبة للاقتصاد قد انتهى قبل وقت طويل منذ بدء محادثات فيينا. إنهم يعتقدون أنه إذا فشلت المحادثات، فسوف يعودون إلى بناء اقتصاد المقاومة، لكن هذا لا يعني أن إيران لن تتحمل أي تكلفة إذا انسحبت من محادثات فيينا، فمن المتوقع أن يستمر  الركود الاقتصادي في إيران لأن الموارد المحلية غير كافية لتغطية ما بعد الاستهلاك والتلف من مخزون رأس المال. وبالتالى، سيستمر الضغط على الطبقة الوسطى والفقيرة في إيران كما سيستمر الوباء.

في النهاية: يكشف الكاتب عن أن الانتعاش الاقتصادي الجاد لاستعادة عقد من النمو الذي ساهمت في تلاشيه العقوبات سيتطلب ضمان الوصول إلى الاقتصاد العالمي، ولكن بعد أن تم رفع عقوبات الأمم المتحدة، قد تكون القيادة الإيرانية غير موحدة حول كيفية استخدام الاقتصاد العالمي - سواء لإعادة الاتصال بالغرب أو التحرك شرقًا - ولكن من الواضح أن تنمية الاقتصاد في هذا الوقت أكثر أهمية للبلاد من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%.

Djavad Salehi-Isfahani, Is Iran’s economy really sinking?, Responsible Statecraft, MAY 7, 2021, available at https://responsiblestatecraft.org/2021/05/07/is-irans-economy-really-sinking/?fbclid=IwAR3ZjYJ0e72Zo16Mgek7sNFvbVFzIeWzGZ1vB_Q0PUfK7jKBJeb0L_kr9J0

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟