المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

تداعيات التهديد: ماذا يعني تصنيف أوروبا للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية؟

الثلاثاء 31/يناير/2023 - 08:42 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا لصالح تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمجموعة إرهابية، لكن يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الموافقة على مثل هذه الخطوة.؛ حيث صوت البرلمان الأوروبي على إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب التابعة للاتحاد الأوروبي بسبب قمعه للمتظاهرين وتزويد روسيا بطائرات مسيرة. بالإضافة إلى ذلك يشرف الحرس الثوري على ميليشيا الباسيج شبه العسكرية، التي استُخدمت لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أشعلتها وفاة مهسا أميني في الحجز في سبتمبر 2022. وزاد التكتل كذلك من انتقاداته لقمع طهران العنيف والمستمر للاحتجاجات داخل البلاد وتضمنت تنفيذ أحكامًا بالإعدام.

ورغم أن تصويت البرلمان الأوروبي غير ملزم لدوله، لكنه يأتي مع اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين من المقرر أن يناقشوا بالفعل تشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية خلال الفترة القادمة.

كما بحث الاجتماع الخاص بوزراء الخارجية في 23 يناير 2023 فرض حزمة رابعة من العقوبات على إيران على خلفية قمع الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، ودعم إيران لروسيا في مجال المعدات العسكرية. وتدهورت العلاقات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وطهران بسبب الجمود الذي أصاب جهود إحياء المحادثات النووية، وتفاقم التدهور بعد أن اعتقلت السلطات في طهران عددًا من المواطنين الأوروبيين.

الاتجاه للتصعيد

أقر الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات على إيران. في المقابل، صرّح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل في وقت سابق أن التكتل لا يمكنه إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة الكيانات الإرهابية إلا بعد صدور قرار من محكمة في الاتحاد يفيد بذلك. إلا أن وزراء خارجية التكتل عملوا على إضافة 37 اسمًا لقائمة الاتحاد الأوروبي للأفراد والكيانات الخاضعين لعقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في إيران خلال اجتماعهم.

ويُعد الحرس الثوري الإيراني قوة عسكرية وسياسية واقتصادية حكومية مهمته مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الحكم في إيران في الداخل، واستعراض قوتها في الخارج؛ حيث يُعد فيلق القدس أكثر فروع الحرس الثوري الإيراني شهرة في الخارج. ويوفر فيلق القدس الأسلحة والمال والتدريب للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط بما في ذلك حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق والقوات الموالية للحكومة السورية.

وبالتالي فإن تصنيف الحرس الثوري الإيراني على أنه جماعة إرهابية من شأنه أن يجرم الانتماء إلى الجماعة أو دعمها. كما سيتم تجميد أصول الجماعة في البلدان التي تم إدراجها فيها في قائمة الإرهاب، ولن يُسمح لأي مواطن أو شركة هناك بالتبرع لها.

من جانبه، اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن الاتحاد الأوروبي سيرتكب خطأ في حال إدراجه على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، وذلك بعد دعوة البرلمان الأوروبي لفرض عقوبات عليه. وسبق للولايات المتحدة أن أدرجت الحرس على قائمة المنظمات "الإرهابية" عام 2019. بما يشمل فيلق القدس الموكل العمليات الخارجية، وقوات التعبئة الباسيج وأوروبيا، يعود هذا الإجراء المعقد قانونيا إلى المجلس الأوروبي، المخول الوحيد بتطبيق العقوبات؛ حيث دعا النص الذي أقره النواب الأوروبيون، إلى حظر أي نشاط اقتصادي أو مالي مع الحرس الثوري من خلال شركات أو مؤسسات قد تكون مرتبطة به. مع أخذ دور الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني من خلال شركات يسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر في الاعتبار.

من ناحية أخرى، فهذه هي المرة الأولى التي أعلنت فيها عن إمكانية الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي كرد فعل محتمل على إدراج الاتحاد الأوروبي للحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي سيكون له تداعيات عميقة على المحادثات المتوقفة بالفعل في فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 والمعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA).

مواجهة إيرانية

أكد دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي أنه سيجري استهداف أكثر من 36 من الأفراد والمنظمات الإيرانية ردًا على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة وذلك بعد أن شنت طهران حملة قمع ضد المظاهرات، بما في ذلك عمليات إعدام للمتظاهرين مؤخرًا، التي فجرتها وفاة امرأة كردية إيرانية، مهسا أميني، في حجز للشرطة بعد اعتقالها بزعم انتهاك القواعد الصارمة للباس الإسلامي. ويأتي قرار العقوبات في الوقت الذي تبحث فيه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إدراج الحرس الثوري الإسلامي الإيراني على قائمة الإرهاب داخل التكتل، وهو ما يمثل تحديًا قانونيًا.

وتجب الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي استهدف إيران في السابق بثلاث حزم من العقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان منذ بدء الاحتجاجات العام الماضي، مع استهداف 146 فردًا و 12 منظمة، بما في ذلك أعضاء في الحرس الثوري الإيراني.

على الجانب الآخر، حذرت إيران الاتحاد الأوروبي من إدراج الحرس الثوري على القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية" بناء على طلب البرلمان الأوروبي. ونبّهت طهران من أنّ هذا القرار ستكون له عواقب سلبية، في حين يرتفع منسوب التوتر بين الجمهورية الإسلامية والاتحاد الأوروبي منذ أشهر على خلفية الاحتجاجات في إيران والحرب في أوكرانيا.

ومن المرجح أن يزداد التوتر في حال وافق الاتحاد الأوروبي على نص أقره البرلمان الأوروبي بغالبية واسعة، يطلب من بروكسل إدراج الحرس الثوري الإيراني على القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية"، كما فعلت الولايات المتحدة في 2019. وفي النهاية، يعود القرار المعقد تنفيذه قانونياً، إلى المجلس الأوروبي، المخول الوحيد بتطبيق العقوبات. وانتقد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان خلال اتصال هاتفي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "النهج المتوتر والانفعالي للبرلمان الأوروبي، واعتبره سلوكاً غير مدروس وخاطئا"، وفق بيان صادر عن الخارجية الإيرانية. باعتبار أن وصف مؤسسة ذات سيادة في بلد ما بأنها إرهابية ليس له أساس في القانون الدولي ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.

ورأى أمير عبداللهيان أن "تصرّف البرلمان الأوروبي في اتهام هذه المؤسسة الصانعة للأمن بالإرهاب هو نوع من إطلاق أوروبا النار على قدمها"، في إشارة إلى الحرس الثوري الإيراني. وأضاف "الحرس الثوري الإسلامي مؤسسة رسمية وسيادية تلعب دورًا مهمًا وحيويًا في توفير الأمن القومي لإيران وأمن المنطقة، خصوصاً في القتال ضد الإرهاب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أنّ إدراج الحرس الثوري على القائمة السوداء "سيؤثر على الأمن والهدوء والسلام الإقليمي والعالمي"، خاصة وأن إيران أشارت إلى أنه تتصاعد فكرة إعلان أن القوات المسلحة للمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي جماعات إرهابية، وهو ما قد يجعلها أهدافًا للميليشيات الإيرانية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط.

وتأتي هذه التوترات في وقت وصلت المفاوضات النووية بين طهران والقوى الكبرى إلى الطريق المسدود. وبرغم ذلك أكد بوريل لأمير عبداللهيان رغبته في مواصلة جهوده للتوصل إلى اتفاق، وفق ما أفادت وزارة الخارجية الإيرانية.

في الختام: إن استهداف الحرس الثوري الإيراني سيضر بإيران لأنه يلعب دورًا كبيرًا في عمليات الحكومة على المستويين الداخلي والخارجي، ويزيد من الضغوط التي تتعرض لها، كما أن العقوبات الغربية هدفها حاليًا دعم المحتجين في إيران، يمكن القول إن تجريم الحرس الثوري، بدلًا من فرض المزيد من العقوبات عليه، سيجعل من الصعب على مؤيدي النظام الإيراني جمع الأموال أو القيام بأنشطة دعائية، إذ يلعب الجدل الأوروبي بشأن هذا الموضوع دورًا في خلق نقاش موازٍ بالمملكة المتحدة، حيث يدعم أعضاء البرلمان البريطاني بشدة الحظر كإجراء إضافي، إلى جانب تمرير العقوبات على الحرس الثوري برمته، وعدم الاكتفاء بتجريمه فقط.

وعلى الرغم من أنه من المبكر استعراض خيارات الرد الإيراني على الخطوة الأوروبية الأخيرة، خصوصًا أنها ما زالت في إطار مشروع قانون لم يترجم على أرض الواقع، فمن جهة أخرى تمتلك إيران العديد من الخيارات للرد على هذه الخطوة، التي يأتي في مقدمتها اعتماد خيار "التصعيد النووي" عبر استئناف النشاط في المفاعلات النووية، أو تهديد الملاحة في الخليج العربي، عبر استهداف البواخر والناقلات النفطية الأوروبية، أو حتى في تصعيد الإجراءات الأمنية ضد المواطنين الإيرانيين من ذوي الجنسية الأوروبية، وأخيرًا زيادة نشاطها في الحرب الأوكرانية، عبر تسخير مزيد من الدعم العسكري لروسيا.

 

 

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟