المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد سامي عبد الفتاح
أحمد سامي عبد الفتاح

تدمير مقرا للاستخبارات وتزويد أوكرانيا بمقاتلات جوية.. تطورات جديدة للحرب الأوكرانية

الأحد 18/يونيو/2023 - 08:10 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

مازالت الحرب مستمرة بين روسيا وأوكرانيا، حيث حصلت الأخيرة على دعم سخي من الدول الغربية الراغبة في مواجهة تمدد النفوذ الروسي في شرق أوروبا. و رغم الدعم الغربي لأوكرانيا بدأ يزداد تدريجيا بمرور الوقت منذ اندلاع الأزمة قبل نحو عام، إلا أن الغرب بدأ بتقديم دعم استخباري ولوجستي، ثم تطور الأمر لإرسال ذخيرة وصواريخ مضادة للدروع، قبل أن يتطور أكثر من خلال ارسال الغرب دبابات، أبرزها ليوبارد الألمانية، قبل أن ينتهي الأمر مؤخرا بارسال الغرب صواريخ باتريوت الأمريكية المضادة للطيران، مع وعد غربي بإرسال المزيد من الأسلحة، وعلى رأسها طائرات اف 16 الأمريكية.

أولا: روسيا تدمر باتريوت

أعلنت روسيا قبل يومين على لسان وزير الدفاع تدمير منظومة باتريوت الأمريكية المضادة للطيران في العاصمة الأوكرانية كييف. ورغم أنه من المعروف أن مثل هذا النوع من الأمور وارد للغاية في الحروب العسكرية، إلا أن روسيا احتفت بالأمر وقدمته على أنه نصر مهم لعدة اعتبارات. أولا، تخوض روسيا مواجهة عسكرية مع أوكرانيا، ومن خلفها الدول العربية التي تعتمد بشكل رئيسي على منظومة باتريوت الأمريكية لحماية أجوائها من أي اعتداءات خارجية، ما يعني أن روسيا أرسلت رسالة مباشرة لهذه الدول أن المنظومة غير فعالة ولا يمكن أن توفر لمستخدميها الحامية الكاملة. ثانيا، رغم الخسائر المالية للحروب، إلا أن روسيا ترغب في توجيه ضربة للصناعات العسكرية الأمريكية من خلال اثبات عدم جدواها أو اثبات أنها فعالة بشكل أقل مما تروج له الولايات المتحدة، ما قد يقلل من طلبات الشراء عليها أو قد يدفع مستخدميها للبحث عن بدائل أخرى أكثر فعالية. ثالثا، تريد روسيا إثبات جدارة أسلحتها الهجومية ضد الغرب، ما يشكل ضربة معنوية لهذه الدول، على اعتبار أن بعض الحكومات بدأت ترى عدم جدوى الحرب مع روسيا. على سبيل المثال، أعلن الرئيس الفرنسي ماكرون أن توسع الناتو شرقا قد تسبب في حرب مع روسيا، كما دعا الدول الاوروبية إلى ضرورة بناء علاقات فعالة مع روسيا على اعتبار أن الولايات المتحدة لا توفر الأمن اللازم لأوروبا. وقد تشير هذه التصريحات لى مفاوضات سرية قد ترعاها فرنسا على اعتبار أنها أقرب الدول الغربية مع المجر لروسيا. رابعا، تريد روسيا أن ترسل رسالة جديدة للغرب مفادها أن الدعم المالي الذي تقدمه هذه الدول لأوكرانيا لن  يحقق الأهداف المرجوة، كما أنه سوف يمثل عبئا على اقتصاديات هذه الدول، خاصة مع لجوء الدول الغربية إلى رفع إنفاقها العسكري مؤخرا بسبب الحرب الأوكرانية. خامسا، أثبت روسيا فعالية أسلحتها العسكرية، ما يعني أن طلبات الشراء عليها سوف تزداد مؤخرا. على سبيل المثال، صواريخ كينجال التي  تفوق سرعتها سرعة الصوت وقامت بتدمير منظومة باتريوت في أوكرانيا قد أثبت أن هناك عيوب هيكلية في هذه المنظومة التي لا تستطيع تدمير هذا النوع من الصواريخ.

ثانيا: مقاتلات أف 16

لقد عاني الأوكرانيين من عدم امتلاكهم لطائرات قتالية متطورة منذ بداية الحرب، الأمر الذي منح روسيا منذ الفرصة في فرض منطقة سيادة جوية فوق أوكرانيا، فضلا عن التحرك بأريحية وقصف التجمعات العسكرية بكل سهولة. ورغم  أن فكرة تزويد أوكرانيا بمقاتلات ودبابات غربية قد طرحت منذ فترة، إلا أن العسكريين الغربيين قد اعترفوا أن أوكرانيا في حاجة للوقت لكي تستطيع تعلم كيفية استخدام هذه الأسلحة، على اعتبار أن أوكرانيا معتادة على الأسلحة الروسية بصفتها عضو سابق في الاتحاد السوفييتي وكونها منطقة  نفوذ روسية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991 حتى عام 2014، حينما سقطت الحكومة الموالية لروسيا. وتعد طائرات اف 16 مقاتلات فعالة للغاية، وقد أثبتت نفسها في العديد من النزاعات حول العالم، على سبيل المثال، قبل قرابة الثلاث أعوام، أسقطت مقاتلات باكستانية من نوع أف 16 طائرات هندية من نوع سوخوي الروسية، ما قد يؤشر أن حصول أوكرانيا على هذا النوع من المقاتلات قد يشكل نقلة نوعية للقدرات العسكرية الأوكرانية، خاصة أن المقاتلة قادرة على حمل صواريخ موجهة باستخدام الليزر، فضلا عن قدرتها على تدمير الرادارات الأرضية للخصوم العسكريين. كما تمتلك الطائرة رادار قادرا على تحديد مواقع الخصوم من أبعد مسافة، ما يمنح الطائرة القدرة على الإشتباك مع الخصوم بكل سهولة.

في الوقت الراهن، تعتمد القوات الجوية الأوكرانية على الطائرات المسيرة بدون طيار. وقد شنت هجوما على العاصمة الروسية قبل عدة أيام باستخدام نحو 16 طائرة مسيرة. بينما تمكنت روسيا من اسقاط 13 طائر باستخدام المضادات الجوية، نجحت 3 طائرات في تجاوز خطوط الدفاع الروسية واستهدفت عدد من المباني كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.

أعلنت روسيا تدمير مقرا لوجستيا للمخابرات العسكرية الأوكرانية في العاصمة الأوكرانية كييف. وقد رجحت مصادر غربية وجود مسؤولين عسكريين غربيين في هذا التجمع العسكري. وقد أثبت هذا الاستهداف عدم قدرة باتريوت الأمريكية على صد الهجمات الروسية، فضلا عن نجاح استخباري لروسيا التي تمكنت من تحديد مكان الخصوم وقصفه في اجتماع  هام للغاية. في حالة ما تم استهداف قيادات عسكرية غربية، فإنه من المتوقع بالفعل أن تقدم الدول الغربية على تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا، لأنها باتت تدرك أن المواجهة مع الدول الغربية قد وصلت لمراحل متقدمة. كما يثير الأمر تساؤلات عدة حول قدرة الاستخبارات الروسية تحديد مكان تجمع للاستخبارات العسكرية الروسية أثناء اجتماع هام مع عسكريين غربيين.

ثالثا: تدمير أخر السفن الحربية لأوكرانيا

أعلنت روسيا تدمير أخر سفينة عسكرية للقوات الأوكرانية قبل عدة أيام، ما يعني أن أوكرانيا قد أصبحت بلا أسطول بحري حقيقي، على اعتبار أن الفرقاطات البحرية تشكل القوة الضاربة لأي قوات بحرية، ما يعني أن روسيا سوف يكون لها السيادة البحرية في البحر الأسود وحول شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها في 2014. كما تهاجم روسيا عدد من المدن التي تطل على البحر وأبرزها أوديسا التي أحاطت نفسها بكم من الألغام البحرية لدرجة أن المواطنين والصيادين على حد سواء لا يستطيعون نزول البحر، لكن هذا الأمر لا يحد من قدرة روسيا على قصف هذه المدينة من البحر من مسافات بعيدة. على غرار القوات الجوية، هل من الوارد أن تقوم الغرب بتقديم سفن عسكرية إلى أوكرانيا؟

نعم، من الوارد وإن كانت الأهمية المطلقة للغرب الآن الاهتمام بالقوات البرية التي تقاتل في الشرق حيث المعارك الرئيسية مع القوات الروسية في منطقة دونباس التي تسيطر عليها روسيا في الوقت الحالي، مع العلم ان القوات البحرية الروسية لا تشارك في هذه العمليات لأن هذه المناطق بكل تأكيد بعيدة عن البحر.

في النهاية، تشهد الحرب تطورات استراتيجية، لدرجة أن روسيا نجحت في استهداف منشآت عسكرية حساسة للغاية في أوكرانيا، ما جعل الأخيرة تعاني رغم الدعم الغربي. ورغم ذلك، ليس من المتوقع أن تنتهي الحرب قريبا خاصة مع الإصرار الأوكراني على استعادة كافة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. كما يعد تزويد الغرب أوكرانيا بمقاتلات إف 16 تطورا نوعيا في مسار الحرب وقد يمنح أوكرانيا ميزة نوعية في حالة تمكنت هذه الطائرات من استهداف منظومة اس 300 و اس 400، لكن في حال نجحت الأخيرة في إثبات توقفها، فإن ذلك سوف يعمد إلى تحييد أثر مقاتلات أف 16 التي يرغب الغرب من خلالها في نقل المعركة إلى داخل الأراضي الروسية من أجل تشكيل المزيد من الضغط على روسيا والرئيس بوتين.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟