المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

اتجاهات المعالجة: مؤتمر روما ومواجهة أزمات الهجرة واللجوء

الأحد 30/يوليو/2023 - 10:56 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

وضع مؤتمر روما الدولي حول الهجرة غير النظامية ملف الهجرة غير الشرعية المؤجل بين القارتين الأوروبية والإفريقية بصورة أكثر اهتمامًا على طاولة البحث في إيطاليا، وفي أعقاب مؤتمر الهجرة، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني عن تنظيم مؤتمر للمانحين، مؤكدة أن الهجرة غير الشرعية تلحق ضررًا بجميع بلدان البحر المتوسط، كما وافق مسئولو دول مطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​وأخرى من الشرق الأوسط وأفريقيا على عدة إجراءات تهدف إلى إبطاء وتيرة الهجرة غير النظامية ومعالجة بعض المشاكل التي تدفع المهاجرين إلى الخروج من بلادهم ومحاولة الوصول إلى أوروبا. وخلال المؤتمر الذي احتضنته العاصمة الإيطالية روما وافق المشاركون الذين يمثلون أكثر من 20 دولة على توفير التمويل اللازم لدعم مشاريع التنمية فيما أطلقت عليه ميلوني اسم "عملية روما" التي ستستمر لعدة سنوات. كما رحبت ميلوني بالتعهد الذي أعلنته الإمارات بتقديم 100 مليون دولار وقالت إن الخطوة التالية هي تنظيم مؤتمر للمانحين.

وقالت الحكومة الإيطالية في بيان إن المؤتمر يهدف إلى "تنظيم ظاهرة الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز التنمية الاقتصادية وفق نموذج جديد للتعاون بين الدول من خلال التخطيط المشترك، وتنفيذ المبادرات والمشاريع في ست قطاعات رئيسية هي الزراعة والبنية التحتية والتعليم والتدريب والرعاية الصحية والماء والبيئة.

وحضر المؤتمر قادة من المنطقة والاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية، ومن بينهم الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، ورئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيس مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.

مواقف موحدة

تحدث عدد من القادة المشاركين في المؤتمر عن ضرورة التحرك بشكل جماعي لمواجهة الهجرة غير النظامية؛ حيث شدد الرئيس تونسي قيس سعيد في كلمته على أن معالجة الهجرة غير النظامية لا تتم بصفة منفردة ولا بواسطة اتفاقيات ثنائية، داعيا المجموعة الدولية إلى البحث عن الحلول بعد تحديد الدوافع والأسباب. وأكد أن تونس التي ألغت العبودية منذ سنة 1874 لا يمكن أن تقبل بعودة الاسترقاق من خلال الهجرة غير النظامية، ولن تقبل بالتوطين المبطن للمهاجرين غير النظاميين ولن تكون تونس ممرًا أو مستقرًا للخارجين عن القانون، فيما دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الدول الغنية لمد يد العون. وقال مستعدون للمشاركة بفاعلية لوقف معاناة المهاجرين.

وكشف رئيس الحكومة الليبية المقالة عبد الحميد الدبيبة، أن بلاده "تستضيف قرابة مليونا مهاجر وعامل ولاجئ من جنسيات عربية وإفريقية وأسيوية، مضيفاً أن "منهم فقط 9 ألاف و200 في مراكز الإيواء، كما أن لدينا أكثر من 47 ألف طالب ولاجئ، بالرغم من عدم انضمامنا للاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين.

وذكر أن ليبيا استطاعت إعادة أكثر من 11 ألف مهاجر إلى 21 بلد، مبينًا أن بلاده نجحت كذلك في تخفيض أعداد النازحين المحليين من مدنهم، بسبب الحروب من 950 ألف إلى 150 ألف نازح، ودعا الدبيبة إلى إقامة شراكة متوازنة في ملف الهجرة غير النظامية، من خلال آلية تنسيق على المستوى الإقليمي والدولي وبالأطراف المعنية في الأزمة، كما أعرب عن معارضته لـتوطين المهاجرين في مناطق العبور. وقال إن هذا نهج يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية والأمن الاجتماعي.

في حين وأعلن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، خلال مشاركته في المؤتمر، مساهمة بلاده بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والمبادرات المطروحة في "مسار روما"، وقال الشيخ محمد بن زايد، إن المؤتمر يؤكد رغبة دولنا في تعزيز التعاون والتكامل والعمل المشترك بشأن قضيةٍ دوليةٍ على درجة كبيرة من الأهميةِ والحساسية، وهي قضية الهجرة غير النظامية، بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الاستقرار والتنمية والازدهار. وأشار إلى أن "التعامل مع حالات النزوح، من لجوءٍ أو هجرة، يتطلب تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة المسببات الرئيسية، عبر جهود تنموية شاملة، وتعاون وثيق بين جميع الدول المتأثرة، والتي تشمل دول المصدر والعبور والدول المستضيفة للاجئين والمهاجرين.

من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مخرجًا قانونيًا لاستقبال المهاجرين بدلًا من المخاطرة بحياتهم في معابر بحرية محفوفة بالمخاطر، وذلك بعدما أعلنت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس" احتمالية أن يشهد الاتحاد الأوروبي هذا العام رقمًا قياسيًا جديدًا من الساعين للوصول إلى حدوده عبر طرق غير قانونية. وسجلت الوكالة وصول نحو 330 ألف مهاجر غير نظامي إلى الاتحاد الأوروبي عبر جميع طرق الهجرة العام الماضي، وهو أعلى رقم منذ عام 2016. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، ازداد عدد عمليات عبور المنطقة الوسطى للبحر المتوسط، القادمة من سواحل شمال أفريقيا صوب إيطاليا إلى أكثر من 42 ألفًا، وهي زيادة بنسبة تقترب من 300% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما شكلت عمليات العبور باستخدام هذا المسار أكثر بقليل من نصف عمليات الدخول غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام، والتي تجاوزت 80 ألف عملية عبور.

اتجاهات عديدة

تعطي رئيسة الوزراء الإيطالية التي تشهد بلادها ارتفاعًا في معدلات الهجرة إليها هذا العام، الأولوية لإشراك الدول الأخرى في خطط لمنع المهاجرين من الشروع في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا. وخلال الاجتماع، قالت جورجيا ميلوني، إن حكومة بلادها منفتحة على استقبال المزيد من الأفراد عبر الطرق القانونية لأن أوروبا وإيطاليا بحاجة إلى الهجرة، مخففة بذلك من خطابها المتشدد السابق بخصوص هذه القضية، وأن من وسائل مكافحة الهجرة غير الشرعية "فتح مجال للهجرة الشرعية"، لافتةً إلى حاجة "إيطاليا وأوروبا إلى الهجرة النظامية. لكنها أشارت إلى ضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات لمنع المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر باستخدام طرق غير قانونية. أن أعداد المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا تضاعفت خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.

وخلال الاجتماع، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية إن الهجرة غير النظامية نحو أوروبا تديرها عصابات الاتجار بالبشر التي تستغل ظروف المهاجرين، كما اتفقت الأطراف المشاركة في المؤتمر على تضييق الخناق على تهريب البشر وتحسين التعاون بين الدول الأوروبية والأفريقية في مجالات مثل الطاقة المتجددة.

كما حدّدت القمة الخطوط العريضة لصندوق تمويل للمشاريع الاستثمارية ومراقبة الحدود بهدف التنظيم المعزز لعمليات تدفق المهاجرين على المدى المتوسط. واستضافت ميلوني قادة دول حوض البحر المتوسط بهدف تعميم أساليب تعاون جديدة بين البلدان التي ينطلق منها المهاجرون والبلدان المُضيفة، على غرار الاتفاق النموذجي الموقّع بين الاتحاد الأوروبي وتونس بهدف الحد من وصول المهاجرين إلى القارة. وأوضح المؤتمر أن أولويات العملية تشمل محاربة الهجرة غير النظامية، وإدارة تدفقات الهجرة القانونية، ودعم اللاجئين، وخصوصًا التعاون الواسع النطاق لدعم تنمية إفريقيا وخصوصاً بلدان المغادرة (المهاجرين)، إذ بدونها سيبقى أي عمل غير كاف مع وجوب إعطاء الأولوية في التمويل للاستثمارات الاستراتيجية والبنى التحتية لأن هذه هي الطريقة الأكثر استدامة للتعاون.

وتجب الإشارة هنا إلى أنه قبل انعقاد المؤتمر وقعت بروكسل وروما مذكرة تفاهم مع الرئيس التونسي تنص خصوصًا على مساعدة أوروبية بقيمة 105 ملايين يورو تهدف إلى منع مغادرة قوارب المهاجرين ومحاربة المهربين. وتنص أيضا على عودة مزيد من التونسيين الذين هم في وضع غير نظامي في الاتحاد الأوروبي فضلًا عن عودة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء من تونس إلى بلدانهم الأصلية. كما تعتزم روما وبروكسل أن تكون الشراكة مع تونس نموذجًا لبناء علاقات جديدة مع جيراننا في شمال أفريقيا، وأن الاتحاد الأوروبي حريص على التفاوض بشأن شراكات مماثلة مع مصر والمغرب.

في الختام: يؤشر انعقاد هذا المؤتمر أهمية كبيرة فيما يتعلق بالتنسيق الجماعي حول معالجة أزمات الهجرة ومسبباتها وتقنين أوضاعها بصورة قانونية كأداة تتجاوز الجهود الثنائية بين الدول، وعلى الرغم من ذلك كشف المؤتمر عن وجود خلافات بين الدول الأوروبية المتوسطية التي تعتبر أن هذا الملف يحتل مكانة كبرى على لائحة أولوياتها السياسية والأمنية بشكل خاص؛ حيث كان الغياب الفرنسي والإسباني ساطعًا في هذا المؤتمر بسبب تراكم الخلافات بين هذه الدول المتوسطية الأوروبية وخاصة بين كل من فرنسا وإيطاليا، حول توزيع أعباء الهجرة غير الشرعية. وهو ما يشير إلى ضرورة تجاوز هذه الخلافات.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟