المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

حرب الناقلات: الولايات المتحدة وتصعيد مواجهتها العسكرية مع إيران

الإثنين 14/أغسطس/2023 - 12:32 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

 وصل أكثر من 3000 جندي أمريكي إلى البحر الأحمر على متن سفينتين حربيتين، في رد فعل كبير من واشنطن عقب احتجاز إيران لناقلتين، بحسب ما أعلنته البحرية الأمريكية، ويضيف وصول هؤلاء الجنود إلى الحشد العسكري الأمريكي المتزايد في الممرات المائية الخليجية المتوترة والحيوية لتجارة النفط العالمية أكدت واشنطن أنها تهدف الى ردع إيران عن احتجاز السفن وناقلات النفط، وهو ما دفع طهران إلى اتهام الولايات المتحدة بإثارة حالة من عدم الاستقرار في المنطقة. ويقول الجيش الأمريكي إن إيران إما احتجزت أو حاولت السيطرة على ما يقرب من 20 سفينة ترفع علمًا دوليًا في المنطقة خلال العامين الماضيين، وتعزز هذه الخطوة من الحشود العسكرية الأميركية في ممرات مائية استراتيجية وحيوية لتجارة النفط العالمية، مما أثار حفيظة طهران التي اتهمت واشنطن بالتسبب بحال من عدم الاستقرار في المنطقة، وأن دول الخليج العربي قادرة على ضمان أمنها.

وقد أصدر الأسطول الأميركي الخامس، الذي يتخذ من البحرين مقرًا له، بيانًا قال فيه إن 3 آلاف بحار وصلوا إلى الشرق الأوسط، ضمن خطة انتشار معلنة مسبقًا من طرف البنتاغون. وقال المتحدث باسم الأسطول الخامس تيم هوكينز إن عملية الانتشار تؤكد "التزامنا القوي والثابت بالأمن البحري الإقليمي". وتابع: "تضيف هذه الوحدات مرونة وقدرات تشغيلية كبيرة حيث نعمل جنبا إلى جنب مع الشركاء الدوليين لردع النشاط المزعزع للاستقرار، وتخفيف التوترات الإقليمية الناجمة عن مضايقات إيران ومصادرة السفن التجارية".

اتجاهات جديدة

يأتي نقل الجنود الأخير بعد أن قالت واشنطن إن قواتها منعت محاولتين إيرانيتين لاحتجاز ناقلات تجارية في المياه الدولية قبالة سلطنة عمان في الخامس من يوليو 2023، وكانت إيران قر احتجزت في أبريل وأوائل مايو الماضيين، ناقلتي نفط في المياه الإقليمية. وتقول طهران عادة إن السفن المحتجزة ارتكبت مخالفات تتعلق بالشحن، ولم يجر الإفراج عن بعض هذه السفن إلا بعد أن أفرجت دول أخرى عن سفن إيرانية محتجزة.

وتجب الإشارة إلى أنه وقعت حوادث مماثلة منذ عام 2018، عندما سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني وأعاد فرض عقوبات شديدة على الجمهورية الإسلامية تقول واشنطن إن طهران نجحت في الالتفاف عليها. وجاءت تلك الحوادث بعد أن اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة إيران في نوفمبر 2022 بما وصفته بهجوم بطائرة مسيرة على ناقلة نفط تملكها شركة إسرائيلية تحمل زيت غاز قبالة سواحل عمان.

وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستنقل طائرات من طراز إف-35 وإف-16، إلى جانب مجموعة الاستعداد البرمائية ووحدة الاستطلاع البحرية، في الشرق الأوسط لردع إيران عن الاستيلاء على السفن في الخليج. ويأتي الرد العسكري المتصاعد من جانب واشنطن في وقت تتعمق فيه المشاركة بين المنطقة والصين، التي توسطت في انفراج بين الخصمين الخليجيين السعودية وإيران فاجأ الجميع في مارس 2023. وهو ما ساهم في نمو علاقات طهران مع دول الخليج الأخرى.

وتهدف الإجراءات الأمريكية للتعامل مع خطط نشر حراسة أمنية مكونة من عناصر من البحرية على متن ناقلات تجارية تمر من مضيق هرمز وبالقرب منه لتشكل طبقة دفاعية إضافية لهذه السفن المعرضة للخطر، وتؤمن هذه التعزيزات أصولًا جوية وبحرية إضافية، بالإضافة إلى المزيد من مشاة البحرية والبحارة الأمريكيين، وهو ما يوفر قدرًا أكبر من المرونة والقدرة البحرية للأسطول الخامس الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تشمل عمليات الأسطول الأميركي الخامس نحو 2.5 مليون ميل مربع من المساحة المائية، كما تشمل الخليج العربي وخليج عمان والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.

وسبق وصول التعزيزات الأميركية إجراء الحرس الثوري الإيراني مناورات بحرية في مياه الخليج، هدفت إلى إظهار الاقتدار والاستعدادات الدفاعية والقتالية في حماية أمن الخليج والجزر الإيرانية، ومن ثم سيظل الأمن محورًا رئيسيًا في العلاقات الأميركية الخليجية حتى وإن تراجع التهديد الذي تشكله الهجمات الإيرانية ضد عمليات الشحن على المدى القصير.

إعادة التمركز

اتخذت وزارة الدفاع سلسلة من الإجراءات لتعزيز تمركز القوات الأمريكية الدفاعي في الخليج وذلك بعدما أدانت بشدة الأعمال التي تهدد وتتدخل في الملاحة التجارية وإن واشنطن لن تسمح لقوى أجنبية بأن تعرّض للخطر الملاحة في الممرات البحرية بالشرق الأوسط.

وبدأت القوات الأمريكية في التواجد على البحر الأحمر ومعظم المياه الدولية في المنطقة، خاصة البحر الأحمر، حيث يوجد مضيق باب المندب ذو الأهمية الاستراتيجية. وقال الأسطول الخامس إن قواته ستتواجد في المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية، يشمل عمل المنطقة الأسطول الخامس خليج عدن ومياه البحر الأحمر. كما أن الوجود الأمريكي الحالي يتجاوز الأوضاع في 2016، إذ أنه مرتبط بشكل كبير بأمرين:

الأول، عدم الوصول لاتفاق يخص العودة للاتفاق النووي الإيراني، والذي يخشى خلاله من توتر أكبر للأوضاع في المنطقة خاصة مع قيام إيران بأكثر من 20 عملية استهداف واستفزاز للسفن في المنطقة خلال العامين الأخيرين. خاصة أنه عادة ما تهدد إيران باستهداف الملاحة الدولية لفرض تصوراتها، تعرضت السفن للاستفزاز أو للهجمات في البحر الأحمر عندما تتوتر العلاقات الأمريكية-الإيرانية، في سبتمبر 2022 نفذ الحوثيون عرضًا عسكريًا في محافظة الحديدة في ذروة الاحتقان الأمريكي-الإيراني بشأن الملف النووي. وقبل هذا الانتشار، قال قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني الأدميرال شهرام إيراني إن القوة البحرية لبلاده قادرة على الانتشار في كل البحار والمحيطات، وتوفير أمن المنطقة وبلدانها.

الثاني، مرتبط بمحاولة الولايات المتحدة تأكيد وجودها العودة إلى المنطقة، ودعم الحلفاء التقليديين، المملكة العربية السعودية على وجه التحديد والدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، إذ يبدو أن المنطقة أصبحت أكثر قربًا -مقارنة بالأعوام السابقة- من روسيا والصين. وتريد الولايات المتحدة تأكيد التزامها بأمن المنطقة على الرغم من رفضها مطالبات وضغوط إماراتية بتوقيع اتفاقية جديدة تلزمها بالدفاع المشترك.

على الجانب الآخر، فإن إيران لن تحاول الاحتكاك بالبحرية الأميركية في المحيطات المفتوحة أو أعالي البحار، بل ستعتمد على وكلائها في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، الذين يمكنهم استخدام مجموعة من الأسلحة -بما في ذلك المسيرات المسلحة، والسفن السطحية المسيرة (السفن الحربية الفرعية المصممة للحرب على سطح الماء)، وصواريخ كروز المضادة للسفن، والصواريخ الباليستية، والألغام البحرية، والمراكب الهجومية السريعة؛ من أجل مضايقة البحرية الأميركية والهروب منها والعمل على إضعافها. وإن هذه الإستراتيجية يمكنها إعاقة سيطرة البحرية الأميركية على الممرات المائية الإستراتيجية بالمنطقة، وتزيد إجهاد مواردها المنهكة بالفعل.

كما أنه في حال نفذت إيران هذه الإستراتيجية بالوكالة، فهذا يعني أن البحرية الأميركية ستضطر إلى إنفاق مواردها المحدودة لحماية الشحن في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وفي المحيط الهندي. وقد يؤدي اندلاع "حرب الناقلات الثانية" إلى تقويض الجهود الأمنية الأميركية في مناطق أكثر حيوية مثل غرب المحيط الهادي، واستنزاف موارد البحرية الأميركية المتفوقة.

في الختام: إن الولايات المتحدة ليست لديها إستراتيجية واضحة في الشرق الأوسط سوى حماية إسرائيل، وهي تتراجع وتنكفئ في المنطقة، وهو ما أكدته دراسة الوثيقة السنوية للإستراتيجية الدفاعية الأميركية الصادرة في أكتوبر 2022. وهو ما يفسر التصوّر بأن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لردع الهجمات الإيرانية ضد قطاع الشحن الدولي سيستمر، وأنها في حاجة إلى اعتماد نهج جديد وواضح، وأن الهدف الرئيسي من وراء هذا التصعيد يتمثل في رغبتها لمراقبة سير الملاحة البحرية في مضيق هرمز وفي المياه الخليجية وفي شمال المحيط الهندي، والمسألة الأخرى أنها تريد إدارة أي احتكاك قد يحدث في المنطقة. بالإضافة إلى سعيها لاستهداف المبادرة التي قال إن طهران طرحتها للحوار والتعاون والتحالف البحري بينها وبين الدول الخليجية.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟