المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

سياقات مُعززة....لماذا تُتهم إيران في تأجيج الأوضاع بقطاع غزة؟

الأحد 15/أكتوبر/2023 - 11:20 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

رغم نفي البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة خلال بيان لها في 9 أكتوبر الجاري للاتهامات الموجهة لطهران بالتورط في الهجوم الذى شنته حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 والمعروفة باسم عملية "طوفان الأقصى"، إلا إنه وجهت اتهامات كثيرة لإيران من أطراف عدة بالضلوع في دعم حركة حماس في هذا الإطار.

وتم الاستدلال على ذلك بشواهد عدة تمثل أبرزها في حالة العداء والتصعيد المتواصلة بين إيران وإسرائيل منذ فترة ليست بالقصيرة وتفاقم هذا التصعيد خلال الفترة القليلة الماضية، إنطلاقاً من سرقة تل أبيب للأرشيف النووي الإيراني في عام 2018، واغتيال العلماء النوويين ومهندسي البرنامج الصاروخي والقائمين على صناعة الطائرات المسيرة، فضلاً عن تهديد إسرائيل بضرب إيران نووياً.

ويتوازى ذلك، مع تأكيد بعض الجهات الاستخباراتية الغربية على ضلوع إيران وأطراف أخرى حليفة لها بالمنطقة في التجهيز لهذه العملية، فضلاً عن التأييد الإيراني واسع النطاق لحركة حماس ورغبة إيران في استغلال الملف الفلسطيني كورقة ضغط على الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة جو بايدن لتحقيق مأرب سياسية خاصة بها، تتضح أبرز مؤشراتها في مأزق العودة لخطة العمل الشاملة المشتركة وتخفيف حدة الضغوط المفروضة عليها بالداخل من خلال تصدير أزماتها إلى الخارج.

شواهد عدة

وُجهت اتهامات لإيران بالضلوع في عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري بناءاً على مجموعة من المحددات التي يتمثل أبرزها في:

1-     تهديدات متصاعدة: استندت التحليلات التي اتهمت إيران بالضلوع في دعم حركة حماس في هجومها على إسرائيل لحالة الصراع  والعداء الكبيرة التي تخيم على العلاقات بين تل أبيب وطهران منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية عقب الثورة الإيرانية في عام 1979، وتسمية نظام الولي الفقيه في إيران لإسرائيل بـ"الشيطان الأصغر"، إنطلاقاً من الملفات الخلافية الكثيرة فيما بينهما والتي يتضح أهمها في البرنامج النووي الإيراني، والتهديدات التي تمثلها الجماعات المسلحة التابعة لإيران بالمنطقة العربية بالنسبة لتل أبيب.

وفي السياق ذاته، شهدت الفترة القليلة الماضية حالة من الهجوم الإسرائيلي على إيران في المحافل الدولية، والذى اتضحت أبرز مؤشراته في تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة في منتصف سبتمبر الفائت عندما شدد على ضرورة  مواجهة إيران بـتهديد نووي ذي مصداقية، ورغم تصحيح مكتبه لذلك مؤكداً إنه خطأ في القراءة، وأن المقصود "تهديد عسكري"، إلا أن الأوساط السياسية الإيرانية طالبت بإدانة هكذا تصريحات، مؤكدة على إنها بمثابة تهديد رسمي لدولة ذات سيادة وعضو بالأمم المتحدة بسلاح ممنوع استخدامه بموجب القوانين والمواثيق الدولية.

وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية في بداية أكتوبر الجاري عن أن إسرائيل تعتزم إجراء أضخم تدريبات تحاكي مهاجمة إيران بمشاركة قوات دولية؛ حيث سيحاكي التمرين لأول مرة وعلى نطاق واسع التعامل مع أنظمة قتالية من الجيل الخامس، وبطاريات إس-400 المتطورة والتي ستتم محاكاتها بواسطة بطاريات باتريوت وطائرات إيرانية من صنع روسي من طراز سوخوي-35، والتي سيتم محاكاتها بطائرات من طراز إف-35".

2-     مصادر موثوقة: كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية خلال تقرير لها في 8 أكتوبر الحالي ونقلاً عن مسؤولين كبار في حركتي "حماس" و"حزب الله" عن  أن إيران ساعدت حماس في التخطيط لعملية "طوفان الأقصى" التي شنتها على إسرائيل. وأوضح التقرير أن ضباط الحرس الثوري الإيراني ولاسيما قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني يعملون على تفاصيل الخطة مع ممثلي حماس منذ أغسطس الفائت، وجرت اللقاءات في العاصمة اللبنانية بيروت، وحضر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بعض هذه الاجتماعات أثناء زيارته إلى لبنان في التوقيت ذاته.

ونوه التقرير إلى أن الموافقة على تنفيذ الهجوم تمت في اجتماع عقد في بيروت في 2 أكتوبر 2023، وهو ما أعلن على إثره مستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية رحيم صفوي خلال تصريح له في 7 أكتوبر الحالي وفي ذات يوم العملية إن إيران تدعم هذا الهجوم المباغت من قبل حركة حماس على إسرائيل.

ويتوافق ذلك أيضاً من التصريح الذى أدلى به رئيس تحرير صحيفة "كيهان" الإيرانية المتشددة حسين شريعتمداري من أن إسرائيل لا تجرؤ على مهاجمة إيران، لأنها تدرك حجم الخسائر التي ستلحق بها من خمس عواصم عربية مجاورة لها، وأن أي من الجماعات المسلحة التابعة لإيران في هذه الدول يمكنها أن تقوم بهذا الأمر بمفردها وعلى أكمل وجه.

3-     مصالح خاصة: كشفت بعض التقديرات عن أن العملية العسكرية التي شنتها حركة حماس على إسرائيل في هذا التوقيت تخدم إيران من جوانب عدة، يتمثل أبرزها في استغلالها كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة (4+1)، ولاسيما في ظل حالة التعثر التي تخيم على وضع هذه المفاوضات، إنطلاقاً من نفوذ طهران الكبير على حركة حماس، وبالتالي، إمكانية إجبار واشنطن على تقديم المزيد من التنازلات لصالح إيران لدعم حليفتها إسرائيل. ومن ناحية أخرى، يمكن لهذه الأحداث أن تبعد أنظار كل من واشنطن وتل أبيب عن التقدم الذى تحظى به الصناعات العسكرية الإيرانية يوماً بعد يوم، ولاسيما فيما يتعلق بالطائرات المسيرة.

فبالتوازي مع تدشين إيران لأخر تحديثات هذا النوع من السلاح والتي تدعى "كمان 19" خلال المناورات البحرية والبرية التي بدأها  الجيش الإيراني في أوائل أكتوبر الجاري للتدريب على استخدام الطائرات المسيرة في الأوضاع الحربية بأنحاء إيران وسواحل الخليج العربي وخليج عمان والتي شملت  200 طائرة مسيرة من مختلف الأنواع الموجودة لدى إيران، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية استهدفت أشخاصاً عدة وكيانات في إيران وروسيا والصين وتركيا  على صلة بتطوير طهران الطائرات المسيرة والعسكرية.

ومن ناحية أخرى، تهدف إيران من وراء حث حركة حماس على القيام بهكذا عملية ضد إسرائيل في هذا التوقيت إلى تخفيف الضغوط الموجهة إليها بشأن مساعدتها لروسيا عسكرياً خلال حربها في أوكرانيا، ولاسيما أن موسكو باتت في حاجة ماسة إلى إيران في ظل الدعم العسكري الكبير الذى تتلقاه كييف من الغرب وعدم قدرة روسيا على حسم المعركة لصالحها مع حلول فصل الشتاء.

4-     تصدير الأزمات: ربما تستهدف إيران من وراء تصعيدها للأوضاع في قطاع غزة بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية  في هذا التوقيت تخفيف حدة الضغوط المفروضة عليها بالداخل من خلال التأكيد على دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية وأنها حتى وإن كانت إنجازاتها على غير المستوى بالداخل، إلا أنها تحظى بالكثير منها على الصعيد الخارجي.

ويأتي ذلك في سياق تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية بالداخل الإيراني؛ حيث وصل معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت بحسب بعض الإحصائيات حاجز الـ80%، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية و عدم قدرة المواطنين على شرائها وبالتالي تزايد معدلات الفقر والبطالة.

وعلى صعيد آخر، ترغب إيران في إبعاد الأنظار عن أموالها المجمدة في الخارج والتي بدأت في استلامها سواء من قبل كوريا الجنوبية أو لوكسمبورغ، أو بعض دول المنطقة مثل تركيا والعراق، والتي من غير الواضح في أي مجال ستستخدمها، رغم الإعلان عن أنها تستهدف تلبية الاحتياجات الإنسانية سواء فيما يخص الغذاء أو الدواء للمواطن الإيراني.

وختاماً: يمكن القول أن دعم إيران للتصعيد بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة يأتي في سياق رغبتها في تعزيز أوراق الضغط الموجودة لديها، والحصول على القدر الأكبر من التنازلات من بعض الأطراف الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا، لخدمة مصالح إيرانية تتضح في الملف النووي بشكل مباشر وتعزيز دورها في المنطقة كفاعل يحظى بالنفوذ ويعتمد عليه أيضاً في التخفيف من حدة بعض الأزمات المستعصية مثل القضية الفلسطينية بشكل غير مباشر.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟