المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

خطوات استباقية...كيف تحاول إسرائيل تعطيل خطوط الإمداد بين إيران وحزب الله؟

الإثنين 30/أكتوبر/2023 - 09:38 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

شرعت إسرائيل منذ أيام قليلة وفي إطار صراعها مع إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة في محاولة تعطيل خطوط الإمداد بين طهران ووكيلها الأقوى والأهم بالمنطقة المتمثل في جماعة حزب الله اللبناني؛ فرغم مرور سنوات طويلة على الحرب السورية التي اندلعت في 2011، وتدخل ميليشيات حزب الله فيها، لا تزال سوريا الشريان الحيوي الذي يمد حزب الله بالسلاح والعتاد ويؤمِن له ساحة خلفية في مشاريعه التي ترعاها إيران.

ويأتي ذلك على خلفية التهديدات التي تلقتها إسرائيل من قبل إيران، من إنه في حال تم اجتياح غزة برياً ستتدخل إيران بذاتها أو من خلال أذرعها بالمنطقة والتي تتمثل في حزب الله لبنان وسوريا، والحشد الشعبي في العراق، وجماعة الحوثي اليمنية.

وعليه، قامت إسرائيل بمجموعة من الإجراءات التي تهدف لتعطيل خطوط الإمداد بين إيران وأبرز أذرعها بالمنطقة تمثلت في الهجوم على مطارا دمشق وحلب الدوليان وإخراجهما عن الخدمة، وتوجيه هجمات عسكرية على المناطق اللبنانية القريبة من الحدود مع إسرائيل، فضلاً عن تعزيز الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة وجذب المزيد منه إلى إسرائيل لردع بعض الجماعات المسلحة التابعة لإيران في المنطقة. ويمكن تفصيل دوافع ذلك على النحو التالي:

أولاً- إثبات الفاعلية العسكرية: تحاول إسرائيل من خلال تكثيف هجماتها على كل من سوريا ولبنان إثبات مدى جهوزية وفاعلية استراتيجيتها العسكرية وذلك في مواجهة حملات التشكيك في ذلك بعد عملية طوفان الأقصى التي أثبتت مدى زيف سرديات "الجيش الذى لا يقهر" و" أقوى جيوش المنطقة". وبالتوازي مع ذلك، ترغب إسرائيل في إيضاح مدى قدرتها على الانخراط في مواجهات عسكرية على أكثر من جبهة في وقت واحد، وهو ما ظهر في حديث أكثر من مسئول إسرائيلي في الفترة الأخيرة. وفي هذا السياق، قال كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري، في 15 أكتوبر 2023، إن إسرائيل مستعدة لخوض حرب على جبهتين أو أكثر.

وربما ينم ذلك عن مدى إدراك إسرائيل بأن التطورات التي استجدت على الساحة السورية في العقد الأخير فرضت تداعيات مباشرة على أمنها ومصالحها، ولاسيما فيما يتعلق باقتراب إيران من حدودها وتزايد القدرات العسكرية للمليشيات الموالية لها، على غرار حزب الله اللبناني، الذي ارتبط أحد أسباب انخراطه في الصراع العسكري داخل سوريا إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، بحرصه على استمرار الدعم العسكري الذي تقدمه إيران، وكان سبباً في تصاعد تأثير ترسانته الصاروخية تحديداً، والتي أصبحت ورقة الضغط الرئيسية التي يلوح بها باستمرار في مواجهة إسرائيل.

والجدير بالذكر، أن إسرائيل شنت مجموعة من الهجمات العسكرية داخل سوريا اتضحت في قصف مدفعي داخل سوريا، رداً على إطلاق قذائف نحو هضبة الجولان في 10 أكتوبر 2023، وبعد ذلك بيومين هاجمت إسرائيل مطاري دمشق وحلب حتى خرجا عن الخدمة، وخلال 48 ساعة أخرى هاجمت إسرائيل مطار حلب الدولي مرة أخرى، وقامت إسرائيل بقصف مدفعي في 15 أكتوبر 2023 على سوريا بعد إطلاق صافرات إنذار من غارة جوية في مستوطنات بهضبة الجولان، وفي 19 أكتوبر هاجمت تل أبيب موقع للجيش السوري بمحافظة القنيطرة جنوب البلاد.

ثانياً- تحذير إيران من توسيع نطاق الحرب: تحاول إسرائيل من خلال هذه الجمات توجيه رسائل تحذيرية إلى الأطراف المناوئة لها من التداعيات السلبية التي يمكن أن تتمخض عن توسيع نطاق الحرب الحالية لتشمل إلى جانب قطاع غزة كلاً من سوريا وجنوب لبنان. ويرتبط حرص إسرائيل على توجيه هذه الرسائل بالهجمات العديدة التي شُنت ضدها عبر تلك المناطق، خلال الفترة التالية على إطلاق “كتائب القسام” – الذراع العسكرية لحركة حماس – عملية “طوفان الأقصى” داخل إسرائيل في مطلع أكتوبر الجاري.

وفي هذا السياق، تعتقد تل أبيب أن هذه الهجمات تمثل محاولة من جانب إيران وأذرعها العسكرية بالمنطقة لدفعها إلى عدم اللجوء إلى التدخل البري في قطاع غزة، وهو الخيار الذي ما زالت تهدد به للرد على العملية العسكرية التي شنتها حماس، وأقرت تل أبيب بأنها فشلت في منعها أو كشفها قبل تنفيذها.

 ومن ناحية أخرى، ترغب إسرائيل في قطع الطريق على إيران لتكريس وجودها العسكري في سوريا وضخ المزيد من الدعم العسكري لحلفائها في لبنان في ظل انشغالها بالحرب في غزة. وهو ما تراقب إسرائيل على إثره الأوضاع والتحركات الأمنية والعسكرية في سوريا بحرص شديد. وهنا، فإن الرسالة التي تحاول تل أبيب توجيهها عبر مواصلة ضرباتها العسكرية في سوريا هي أنها لن تسمح لإيران بتعزيز هذا التواجد أو بمواصلة تقديم هذا الدعم.

ثالثاً: الحد من الدعم العسكري الإيراني لحزب الله: كشفت بعض التقديرات عن إن الهدف من توجيه  إسرائيل لضربات عسكرية على المطارات هو تعطيل خطوط الإمداد الإيرانية إلى سوريا، ومنها إلى حزب الله في لبنان؛ حيث يشكل مطار دمشق الدولي الشريان الأساسي لتدفق الأسلحة من طهران، سواء للقوات الإيرانية المنتشرة في بعض مناطق سوريا، وكذلك الجماعات الموالية لإيران، وعلى رأسها  جماعة حزب الله. وبالتوازي مع استهداف المطارات، شنت إسرائيل هجمات عدة على مواقع وصفتها بمراكز التصنيع العسكري الإيراني، لكل من الصواريخ والمسيرات؛ حيث كشف السفير الإسرائيلي لدى برلين رون بروزر خلال تصريح تلفزيوني له عن أن القصف على مطار دمشق استهدف شحنات أسلحة آتية من إيران تضم صواريخ ومسيرات إلى سوريا ولبنان.

وفي السياق ذاته، أدعى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن نقل الأسلحة يحدث على متن رحلات مدنية من إيران إلى مطار دمشق الدولي، لضمان الحفاظ على السرية، وأن مسؤول العمليات الخارجية السابق في الحرس الثوري والقيادي في حزب الله والمتزوج من إبنة قاسم سليماني،  يشرف على مسار نقل أسلحة من إيران عبر الرحلات الجوية التي تحمل أسلحة متقدمة إلى حزب الله.

وتقوم بذلك الطائرات التابعة للحرس الثوري بعد أن تعرضت شركات طيران إيرانية تربطها صلات وثيقة بـالحرس الثوري الإيراني لعقوبات أمريكية وأوروبية بسبب شحن الأسلحة من طهران إلى دمشق، وكان أبرزها خطوط "ماهان" الجوية. ولم تسلم شركة الطيران الإيرانية الرسمية "إيران إير" من العقوبات التي شملت شركات أخرى مثل "هما" و"كاسبين" و"معراج، ويعتقد أن جميعها أسهمت في نقل السلاح وأفراد من الحرس الثوري.

وفي النهاية: يمكن القول أن تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وإيران سوف يكون الإتجاه الرئيسي للتفاعلات التي تجري بين الطرفين خلال المرحلة القادمة، ولاسيما إذا ما أقدمت إسرائيل على التدخل برياً في قطاع غزة، على نحو قد يساهم في توسيع نطاق المواجهة الحالية لتشمل سوريا وجنوب لبنان، بالتوازي مع استعداد بعض المليشيات للرد على ذلك، الأمر الذى من شأنه أن يدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التوتر، ستطال تداعياتها السلبية الغالبية العظمى من دول المنطقة.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟