المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

انعكاسات محتملة....كيف يمكن أن تؤثر عملية "طوفان الأقصى" على الأزمة الأوكرانية؟

الإثنين 11/ديسمبر/2023 - 09:15 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

أثيرت بعض التساؤلات مع بداية اندلاع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر لعام 2023 حول التداعيات التي يمكن أن تفرضها  الحرب بين إسرائيل وحماس على قضايا دولية وإقليمية عدة، والتي من أهمها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذى وصلت به بعض التحليلات إلى إنه تعد روسيا إحدى الأطراف الدولية الفاعلة في هذه العملية من أجل الحد من الدعم الغربي لأوكرانيا.

وفي هذا السياق، أعربت أطراف أوكرانية وعلى رأسهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن قلقها من انخفاض الدعم الغربي لأوكرانيا بسبب الحرب الجارية بين إسرائيل وحركة حماس، وربما كان ذلك أحد أسباب الزيارة غير المتوقعة لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى أوكرانيا في 20 نوفمبر الفائت. ومن هنا، يمكن القول أن  الصراع في الشرق الأوسط له تأثير خطير على الوضع في أوكرانيا، ومن المؤشرات الملموسة على ذلك هو اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 23 أكتوبر في لوكسمبورج، وتأكيد  جوزيف بوريل في المؤتمر الصحفي الذي سبق اللقاء أن الصحفيين لم يطرحوا سؤالاً واحداً عن أوكرانيا.

وعليه، سيتم العرض فيما يلي لأبرز ملامح تأثير عملية طوفان الأقصى على الحرب في أوكرانيا:

1-     انخفاض حجم المساعدات الغربية لكييف: كشفت تقديرات عدة عن إنه عندما زادت بروكسل حجم المساعدات الإنسانية للأزمة الجديدة في الشرق الأوسط من 50 مليون يورو إلى 75 مليون يورو، فإن الدعم الغربي لأوكرانيا من المؤكد إنه انخفض بالفعل. وهو ما أثار موجة من الانتقادات خلال الأشهر الأخيرة للقوى الغربية، ودفع زيلينسكي إلى التأكيد على إنه إذا تأثرت المساعدات العسكرية لكييف بحرب غزة، فإن القوات الأوكرانية ستنسحب، وهو في الواقع يحاول استخدام هذه التهديدات على أمل الحصول على المزيد من المساعدات.

 ولذلك، تؤكد الكثير من التقديرات على ظهور أزمة موازية في أوكرانيا، وعلى الرغم من الدعم المالي والعسكري الواسع من حلف شمال الأطلسي، لم يحقق الهجوم المضاد إنجازا كبيرا، ومن ناحية أخرى، تشكلت أزمة جديدة في الشرق الأوسط، من شأنها أن تشكل تهديداً جديداً للغرب، ولاسيما أن تيارات سياسية كثيرة في الغرب سئمت من دعم الجيش الأوكراني، والشاهد على ذلك هي  مواقف الجمهوريين المنتقدة لسياسات الإدارة الأمريكية بقيادة جوبايدن بايدن، ولعل ذلك هو ما دفع  صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تكتب في تقرير لها أن أوكرانيا وإسرائيل تتنافسان فيما بينهما على قذائف المدفعية والقنابل الذكية وأنظمة الدفاع الجوي.

2-     تفاقم الخلافات في الداخل الأوكراني: كشفت بعض التقديرات الغربية عن إنه بالتوازي مع توسع الحرب في غزة، وتداعياتها السلبية على الأزمة الأوكرانية، تفاقمت الخلافات بين المسؤولين في كييف وخاصة بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة وفاليري زالوجيني، والتى نتج عن تفاقمها إمتدادها علناً ​​إلى الصحافة. فعلى سبيل المثال، كتب زالوجيني خلال مقال له في  مجلة الإيكونوميست، أن العمليات العسكرية في أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود وأنه لا ينبغي توقع التقدم من جنوده، وهو الأمر الذى واجه انتقادات كبيرة من زيلينسكي.

وفي السياق ذاته، تقترب أوكرانيا ببطء من الموعد النهائي لإجراء الانتخابات الرئاسية والتي من المقرر انعقادها في مارس القادم. وفي الوقت الذى يرى فيه زيلينسكي أنه لا ينبغي إجراء الانتخابات خلال الحرب، إلا أن ذلك قوبل بردود فعل معارضة في  الداخل الأوكراني؛ حيث  يعلم زيلنسكى أنه بسبب إطالة أمد الحرب وقلة الإنجازات رغم المساعدات العسكرية الضخمة من الغرب، فإنه لا يملك أي فرصة للبقاء في السلطة، ومن ناحية أخرى، فهو يدرك وجود بدائل، ومن بينهم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، وكذلك عمدة كييف، الذين يتمتعون بشعبية أكبر بكثير مما كانت عليه من قبل.

3-     غياب أفق للحل السلمي بين موسكو وكييف: من المتوقع أن تؤدى عملية طوفان الأقصى في الشرق الأوسط وانشغال الغرب الكبير بدعم تل أبيب في مواجهة حركة حماس الفلسطينية إلى تعنت موسكو في أي مفاوضات محتملة إن وافقت من البداية على انعقادها، وذلك بالنظر لتقدم عملياتها على الأرض وتراجع القوات الأوكرانية في المقابل. ويتوازى ذلك مع تأكيد بعض المسؤولين الأوكران على أن روسيا تخطط لمؤامرة ضد فولوديمير زيلينسكي، وبحسب إدعاء جهاز المخابرات الأوكراني، فإن الرئيس الأوكراني السابق بترو بوروشينكو، خطط لزيارة للمجر للقاء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تربطه علاقات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويعارض عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي بتحريض من روسيا وأن هذه الرحلة مؤامرة من روسيا للإضرار بمصالح أوكرانيا.

وفي السياق ذاته، اتهمت وكالة الاستخبارات الأوكرانية خلال بيان لها روسيا بالتخطيط للقاء بوروشينكو مع رئيس وزراء المجر، وإن الكرملين يعد لسلسلة من الإجراءات التخريبية التي من شأنها تشويه سمعة أوكرانيا بين حلفائها الغربيين. وعلاوة على ذلك، فإن روسيا خططت للقاء بوروشينكو وأوربان ليكون بمثابة عملية نفسية ضد أوكرانيا، وما يثبت هذه الإدعاءات أن الأمر قوبل بتجاهل تام من قبل المجر.

 والجدير بالذكر، أن المجر كانت قد أعلنت مراراً وتكراراً أنها ضد عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، كما أنها ضد إرسال الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية وأسلحة إلى كييف. وفي الأشهر الماضية، أصر الاتحاد الأوروبي على عدم استخدام المجر حق الفيتو لمنع دخول أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، لكن مازالت تصر المجر على أن أوكرانيا لا تملك الشروط اللازمة لتكون عضواً في هذا الكيان.

وفي النهاية: يمكن القول إنه رغم إعلان واشنطن دعمها لأوكرانيا، فإن مسألة استمرار المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا بات تحدياً كبيراً ولاسيما في ظل تفاقم الأوضاع في الشرق الأوسط بالنسبة لحليفتها إسرائيل. ويتوازى ذلك مع تصاعد الانتقادات الموجهة للإدارة الأمريكية بقيادة جوبايدن بسبب الدعم العسكري لأوكرانيا التي لم تحسم أي نتائج عسكرية لصالحها، وكذلك تواجه دول الاتحاد الأوروبي مشكلة كبيرة أيضاً في تأمين المساعدات لكييف.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟