المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

اتجاهات الاستهداف: الضربات الأمريكية وتصاعد التهديدات الإقليمية

الإثنين 19/فبراير/2024 - 01:33 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

شهد الفترة الماضية جولة جديدة من العنف في الشرق الأوسط، عززت من مخاوف توسيع دائرة النزاع، في المنطقة المضطربة بالأساس بعدما شنت الولايات المتحدة هجومًا على أهداف في العراق وسوريا، وذلك على إثر مقتل ثلاثة جنود أمريكيين بهجوم مسيّرةٍ على قاعدة في الأردن قرب الحدود مع سوريا. وقد شاركت في الهجوم عدة طائرات أمريكية، بما فيها قاذفة القنابل بعيدة المدى من طراز بي1، التي انطلقت من الولايات المتحدة.

كما أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا في بيان مشترك شن ضربات جوية على 36 هدفًا لجماعة الحوثي في مواقع تسيطر عليها باليمن ردًا على استمرار هجماتها على الملاحة التجارية الدولية إضافة إلى السفن التي تمر عبر البحر الأحمر. وأضاف البيان أن الضربات التي شنتها قوات البلدين تهدف لخفض التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر. وأن الجولة الإضافية من الغارات متناسبة وضرورية وشملت 13 موقعًا للجماعة المسلحة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتوخى الحذر، وتختار المواجهة بالوكالة، فإن هذا كله لا يضمن عدم اتساع الصراع،

ردود متباينة

حذرت سوريا من أن الضربات الأمريكية التي استهدفت مواقع مختلفة فى العراق وسوريا فى وقت متأخر، من مساء أمس الأول، «تؤجج الصراع فى الشرق الأوسط بطريقة خطيرة للغاية. وقالت وزارة الخارجية السورية فى بيان، إن سوريا تدين هذا الانتهاك الأمريكي السافر، وترفض بشكل قاطع كل الذرائع والأكاذيب التي تروّجها الإدارة الأمريكية لتبرير هذا الهجوم.

كما أعلنت وزارة الخارجية العراقية استدعاء القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في بغداد، لتسليم مذكرة احتجاج رسمية على الضربات الجوية الأمريكية في البلاد، ووفقًا لمسئولين أمنيين عراقيين، أصابت الضربات الأمريكية منشآت يستخدمها الحشد الشعبي بالقرب من الحدود العراقية السورية، وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية، يحيى رسول أن الضربات يمكن أن تزعزع استقرار المنطقة، معتبرها انتهاكًا للسيادة العراقية.

واعتبرت الخارجية الإيرانية في تصريحات أن الضربات الأميركية انتهاك لسيادة العراق وسوريا ووحدة أراضيهما، كما رأت أنها تمثل خطأ أميركيًا خطيرًا واستراتيجيًا سيؤدي فقط لزيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. في حين دعت روسيا إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي بشأن الضربات الأمريكية في سوريا والعراق، معتبرة أن الضربات الأمريكية «انتهاك صارخ» للقانون الدولي.

على الجانب الآخر، وصفت بريطانيا الولايات المتحدة السبت بأنها حليف راسخ، وقالت إنها تدعم حق واشنطن في الرد على الهجمات، وذلك بعدما شن الجيش الأميركي غارات جوية على أهداف مرتبطة بإيران في العراق وسوريا. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان "المملكة المتحدة والولايات المتحدة حليفتان راسختان. لن نعلق على عملياتهم، لكننا ندعم حقهم في الرد على الهجمات. وأضاف نندد منذ فترة طويلة بنشاط إيران المزعزع للاستقرار في أنحاء المنطقة، بما في ذلك دعمها السياسي والمالي والعسكري لعدد من الجماعات المسلحة. ويذكر أن الولايات المتحدة وبريطانيا شنت الشهر الماضي، ضربات منسقة في أنحاء اليمن ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران والذين يهاجمون سفنا في البحر الأحمر، في تحرك وصفوه بأنه تضامن مع الفلسطينيين ضد إسرائيل.

تداعيات متعددة

أثارت الضربات الأميركية التي استهدفت أكثر من 85 موقعًا تابعًا للحرس الثوري الإيراني والكتائب المتحالفة معه في العراق وسوريا، تساؤلات بشأن التأخير في شن هذه الضربات، التي ربما أتت بعكس النتائج التي كان يتمناها الرئيس جو بايدن. وأن الضربات الأميركية سيكون لها الكثير من التداعيات على أمن المنطقة في الفترة المقبلة، بالتزامن مع تصاعد الصراع وتعدد جبهات القتال، وهو ما تخشى معه الإدارة الأميركية عملًا عسكرياً مباشرًا مع إيران والجماعات المتحالفة معها، تحسبًا لاتساع رقعة المواجهة في وقت تدنو الانتخابات الأميركية من مراحلها الحاسمة. في حين أشار البعض إلى أن تلك الضربة أقرب إلى الدعائية، التي ترغب واشنطن من خلالها في حفظ ماء وجهها بالتصدي لإيران بعد الهجوم الذي طال قاعدتها العسكرية، لكن حساباتها كانت محددة ولم تكن موسعة بالدرجة التي توقعها الأميركيين؛ تفاديًا لإثارة رد الفعل الإيراني فتخرج الأمور عن السيطرة. وأن إيران سوف تمتص تلك الضربات ولن ترّد عليها، لاسيما أن الهدف الأميركي منها هو تهدئة الرأي العام الداخلي.

وعلى الرغم من الضربات ضد الجماعات المدعومة من إيران، قال البنتاغون إنه لا يريد الحرب مع إيران ولا تعتقد أن طهران تريد الحرب أيضا. ويكثف الجمهوريون الأميركيون الضغوط على الرئيس الديمقراطي جو بايدن لتوجيه ضربة مباشرة لإيران. ولم يتضح كيف سترد طهران على الضربات التي لا تستهدف إيران بشكل مباشر ولكنها تضعف الجماعات التي تدعمها. إلا أنه وللمرة الثانية أطلقت الفصائل العراقية المسلحة التي تلقت ضربة عسكرية من قبل الطائرات الأميركية، لتعلن تنفيذ ضربة على قاعدة أميركية في سوريا؛ حيث أعلنت تلك الفصائل في بيان تحت مسمى المقاومة الإسلامية في العراق استهداف قاعدة خراب الجير الأميركية التي تقع في ريف رميلان شمال الحسكة السورية، بطائرة مسيرة.

وعلى الرغم من ذلك، يرتكز الاهتمام الرئيسي لدى واشنطن على تفادي القيام بأي شيء من شأنه أن يؤدي إلى اتساع نطاق الحرب في المنطقة بالتزامن مع تعرض الإدارة الأمريكية لضغوط من قبل الجمهوريين في اتجاه استهداف إيران نفسها، مرجحين أنّ ردًا صارمًا ضد إيران من شأنه أن يحد من الهجمات المحتملة على المصالح الأمريكية. لكنّ إدارة بايدن قررت تفادي ضرب أهدافٍ في الأراضي الإيرانية، وهو ما من شأنه أن يبعث برسالة إلى طهران تفيد أنها لا تريد أن تخرج الأمور عن السيطرة. ولا يتضح حتى الآن ما إذا كانت إيران تجهز للهجمات، إلا أن هناك تقارير ظهرت في الفترة الأخيرة أشارت إلى أن طهران استدعت الكثير من قواتها من جميع أنحاء المنطقة. بالإضافة إلى أن إن افتقاد تلك الضربات لأهم عناصر التحرك العسكري وهو المفاجأة، قد يرجع الانتظار حتى إعادة جثث ثلاثة من أفراد الخدمة القتلى إلى الولايات المتحدة، وكذلك إعطاء إيران الوقت لنقل مواطنيها في العراق وسوريا بعيدًا عن الأذى حتى لا تكون هناك مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. ومن الواضح أنّ إيران تحرص على ألا تنجر إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا في المنطقة، لكن في حالة الاعتماد على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، سوف يكون من الصعب عليها أن تبقى بعيداً عن التصعيد.

في الختام: أن الضربات الأميركية طالت القواعد والنقاط الإيرانية وفقًا لبنك الأهداف لدى القيادة الأميركية المحمّل لديها على الخرائط حتى قبل 5 أيام من موعد تنفيذ بدء هذه الضربات. وأن الولايات المتحدة استغرقت وقتًا للنظر في خيارات مختلفة للرد على هجوم قاعدة الأردن، لكنها في هذا الإطار تشير إلى أن إدارة بايدن تواجه معضلة لأنها لا تزال تعتقد أن الرد القوي للغاية على إيران سيؤدي إلى تصعيد إضافي أو حتى مواجهة مباشرة مع إيران، وهو ما تسعى إلى تجنبه في عام الانتخابات. إلا أنه في استمرت الهجمات الإيرانية ووكلائها في المنطقة على المصالح الأميركية، وتمكن الرئيس بايدن من الرد بقوة، فقد يساعد ذلك في الواقع في حملة إعادة انتخابه مجددًا.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟