المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مصطفى صلاح
مصطفى صلاح

مسارات التوتر: أردوغان وجدل الانتخابات المحلية

الإثنين 18/مارس/2024 - 11:51 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الانتخابات البلدية المقرر انعقادها في 31 مارس 2024 ستكون الأخيرة التي تجرى تحت قيادته، ولن تجرى الانتخابات البلدية المقبلة قبل عام 2030. وقد أشار إلى أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية التركية بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية في عام 2028، وقال "هذه آخر انتخابات لي، وبموجب التفويض الذي يمنحه القانون، هذه هي انتخاباتي الأخيرة النتيجة التي ستتمخض عن(الانتخابات) هي نقل الإرث إلى أشقائي الذين سيأتون من بعدي".

وقد أثارت تصريحات الرئيس التركي أردوغان، بأن الانتخابات البلدية المقبلة ستكون الأخيرة له كرئيس لحزب العدالة والتنمية، في أول إشارة رسمية على مغادرته السلطة بعد نهاية ولايته الحالية، العديد من التساؤلات بشأن ما تحمله من رسائل، ومن هم أبرز المرشحين لخلافته. ويمكن إرجاع تصريحات أردوغان إلى مجموعة من الأسباب مثل أنه بموجب الدستور "لن يتمكن من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد 4 سنوات"، بجانب أنه لو قرر الترشح مجددًا مع نهاية الفترة الرئاسية لخلفه القادم، ربما يبدأ حينها ولاية وعمره 80 عامًا، وبالتالي "لا العمر ولا الدستور يسمحان". على الرغم من أنه سبق وتحدث عن ذلك 3 مرات، في 2009 و2012 و2022 ولكنه لم يلتزم إلا أن حديثه هذه المرة قد يكون بمثابة بالون اختبار للقواعد الشعبية المؤيدة للحزب الحاكم حول مدى ثقتهم في الرئيس. بيد أن حديث الرئيس هذه المرة يتوافق مع الدستور الذي يمنعه من الترشّح للانتخابات المقبلة بعد ترشحه مرتين منذ تعديل الدستور في 2018، والذي حدّد فترتين فقط في سدة الحكم.  وأنه في حال أراد الرئيس التركي خوض انتخابات جديدة، فيلزمه تعديل آخر للدستور، وهو ما يتميز بالصعوبات الكثيرة حيث لا يملك تحالف الأغلبية إمكانية تمريره عبر البرلمان، ولا بد من طرحه للاستفتاء الشعبي الذي يعارض مثل هذه التوجهات.

جدل متصاعد

أثار ترشح أردوغان في انتخابات الرئاسة الأخيرة في مايو 2023 جدلًا قانونيًا أيضًا بسبب تفسير الفقرة 3 من المادة 101 من الدستور التركي التي تمنع ترشح الشخص للرئاسة أكثر من مرتين، بينما ترشح أردوغان في 2014، ثم في 2018، لكن تم عدّ انتخابات 2018 الأولى له بعد تعديل الدستور في 2017، وإجراء الانتخابات على قاعدة جديدة أقرت بموجب هذا التعديل، وبالتالي أصبح من حقه أن يترشح للمرة الثانية في 2023.

وعلّقت المعارضة التركية على تصريحات أردوغان الأخيرة، قائلة إنها تثير السخرية، لأن هذه هي المرة الرابعة منذ عام 2009 التي يقول أردوغان: «ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي أترشح فيها»، سواء بالنسبة للبرلمان أو لرئاسة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم التي تركها في 2014 بسبب اشتراط الدستور، قبل تعديله في 2017، أن يكون الرئيس محايدًا، لكنه عاد إلى رئاسة الحزب في 2018 بعد تعديل الدستور، وكذلك بالنسبة لرئاسة الجمهورية.

ويمكن الإشارة هنا إلى أن تولّى أردوغان رئاسة البلاد لأول مرة عام 2014، ليكون الرئيس الـ12 في تاريخ الجمهورية التي تأسست عام 1923، وبعد تعديل دستوري عام 2017 انتخب رئيسًا مرتين، الأولى في انتخابات 2018، والأخرى في 2023. وتنتهي ولاية أردوغان عام 2028، وحينها سيكون عمره 74 سنة.

اتجاهات مختلفة

منذ إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن فترة الحكم الحالية هي الأخيرة بالنسبة إليه، والأسئلة تتوالى بشأن مَن سيخلفه، وتدور التوقعات حول 5 أشخاص من قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم ومن عائلته، بجانب أسماء داخل المعارضة، خاصة وأن هذا الإعلان لم يحمل مفاجأة، بينما سيصب أردوغان اهتمامه على أن يستمر حزب العدالة والتنمية الحاكم في السلطة من بعده؛ كي لا يعطي للمعارضة فرصة لتغيير المسار أو ملاحقته قانونيًا. كما أن أردوغان سيعمل على ترتيب الأوضاع داخل الحزب الحاكم لضمان استمرار سيطرته على المشهد السياسي من بعده "لأنه يعلم جيدًا أنه في حالة وصول المعارضة للحكم ستعمل على مطاردته قانونيًا، وفتح قضايا مختلفة حدثت في أثناء فترة حكمه الطويلة. وضمن السياق ذاته، انتشرت أسماء في الأفق لخلافة أردوغان، سواء في الرئاسة أو في رئاسة حزبه العدالة والتنمية، إلا أن السياسة في تركيا متغيرة وأنه خلال السنوات الأربع المتبقية لأردوغان يمكن أن يحدث الكثير. وفيما يلي أبرز هذه الأسماء:

1. هاكان فيدان، وزير الخارجية الحالي ومدير جهاز المخابرات السابق، يتمتع بنفوذ كبير داخل الجهاز الإداري للدولة، وهو شخصية طموحة ولديها خطط لتولي الرئاسة بعد تقاعد أردوغان، وخرج بعد الانتخابات الماضية من قيادة الظل "جهاز المخابرات" ليرأس الدبلوماسية التركية، وهو الأكثر حظًا بين المرشحين.

2. سليمان صويلو، وزير الداخلية السابق، هو شخصية قوية فاز في الانتخابات البرلمانية الماضية على قوائم حزب العدالة والتنمية، لكن خروجه من الحكومة في التغيير الأخير يقلل من حظوظه.

3. خلوصي آكار، وزير الدفاع السابق، ترشّح هو الآخر على قوائم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة وفاز فيها.

4. سلجوق بيرقدار، وهو صهر الرئيس، ويتمتّع بدعم إعلامي كبير بفضل نفوذ أخيه الذي يسيطر على بعض هذه الوسائل، كما أنه أحد مهندسي قطاع صناعة المسيرات في تركيا، وقد حققت الطائرة المسيرة بيرقدار نجاحات كبيرة عالميًا.

5. بلال أردوغان (رجل أعمال)، ابن الرئيس، لكن شخصيته لا تتماشى مع ما يتطلبه المشهد السياسي التركي، لكنه سيملك تأثيرًا ربما من خلف ستار بسبب نفوذ أبيه داخل قواعد الحزب.

على الجانب الآخر، يعدّ أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، المرشح عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، لرئاسة البلدية مجددًا في هذه الانتخابات، كما أنه من أبرز الأسماء المرشحة للمنافسة على خلافة أردوغان في صفوف المعارضة.

المناورة الداخلية

طفت على السطح قضية طرح دستور جديد لتركيا وسط الأجواء الساخنة للانتخابات المحلية التي ستُجرى في 31 مارس (آذار) الحالي بعدما أطلق الرئيس أردوغان تصريحًا أكد فيه أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة له. وعلى الرغم من أنه معروف، بحكم الدستور، أن الفترة الحالية لأردوغان في رئاسة البلاد هي الأخيرة؛ لأنه لا يحق له الترشح لولاية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2028، فقد أثارت تصريحاته جدلًا واسعًا حول احتمال تغيير الدستور وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما سيسمح لأردوغان بالترشح مجددًا. كما أن إصرار الحكومة والحزب الحاكم (العدالة والتنمية) على ضرورة البدء بالصياغة ووضع الدستور الجديد، يواجه موقفًا مضادًا على الضفة المقابلة، إذ ترفض أحزاب المعارضة المضي بالخطوة، وتنتقدها لعدة اعتبارات، من بينها أن الحكومة "لا تلتزم بالدستور الحالي بالأساس"، بجانب مخاوف من أن الحديث لأغراض انتخابية.

ومنذ وصول حزب "العدالة والتنمية" لسدة الحكم، ظل قادته يؤكدون على ضرورة تغيير الدستور العسكري (دستور 1982)، والعمل على تعديلات جذرية فيه. وسبق أن أجريت عدة تعديلات عليه في عدة فترات زمنية، أبرزها في عامي 2007 و2010، وصولًا إلى الاستفتاء الكبير على تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي عام 2017، الأمر الذي أثار أيضًا جدلًا واسعًا في البلاد وأعربت المعارضة عن رفضها له.

ووفقًا للدستور التركي الحالي، لا يجوز لرئيس الدولة تولي منصبه لأكثر من فترتين متتاليتين. وفي مايو 2023، أعيد انتخاب أردوغان لولاية ثانية مدتها خمس سنوات. وأصرت أحزاب المعارضة في الحملة الانتخابية الأخيرة على أن الحديث يدور عن ولاية ثالثة، لأن أردوغان كان رئيسًا للدولة في الفترة من 2014 إلى 2018، ولكن في ظل جمهورية برلمانية. ويشار إلى أن الزعيم التركي نفسه، أثار مرات كثيرة مسألة الحاجة إلى دستور جديد لتركيا. وربما أراد أردوغان الحصول على المزيد من الأصوات لحزبه في الانتخابات المحلية من خلال مناشدة الناخبين برسالة عاطفية مفرطة، أو رغبته في إجراء تجربة اجتماعية داخل الحزب لمعرفة "كيف سيتصرف الحزب، ومن سيكون رد فعله وبأي طريقة. أو اتجاه ثالث أراد من خلاله أردوغان التذكير بضرورة التعديل الدستوري.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟