المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أليستر بيرت
أليستر بيرت

إسرائيل وفلسطين.. نعم للمفاوضات

الثلاثاء 29/أبريل/2014 - 11:02 ص
ما الذي يحدث حقا لعملية السلام في الشرق الأوسط؟ لم يحدث مطلقا أن بدت الأمور على هذا النحو من الهدوء. وفي الوقت الذي يكرر فيه الإعلام نفس الرسائل القديمة والأسباب المعتادة، التي اعتاد الجانبان على إطلاقها بشأن انهيار المحادثات، يبرز سؤال مهم: هل ما تشهده عملية السلام في الوقت الحالي حقيقي فعلا؟ أم أنه مجرد صرخة يطلقها الجانبان طلبا للمساعدة؟ هذان الجانبان اللذان يريان خط النهاية أمامهما، لكن لا يملكان العزيمة للوصول إليه.
ولننظر معا إلى بعض الحقائق المثيرة للاهتمام. أولا، أحيا وزير الخارجية الأميركي جون كيري عملية السلام في الشرق الأوسط، حين لم تكن هناك حاجة لذلك. ولا يخفى على أحد أن البيت الأبيض لم يكن على نفس الدرجة من الحماس، الذي أبدته وزارة الخارجية لاتخاذ لتلك الخطوة. غير أنه ليس سرا أيضا أن كيري نفسه لديه شغف حقيقي بشعوب منطقة الشرق الأوسط، ويتوق حقا لرؤية نهاية للصراع، وهذا ما تؤكده رغبته في العمل على حل ذلك الصراع.
ثانيا، لم يجرِ تسريب الكثير بشأن المحادثات، حيث حرص وزير الخارجية كيري على إبقاء الأمور في أضيق الحدود، حتى إنه جرى إطلاع أقرب الأصدقاء إلى أميركا، مثل بريطانيا، على القليل من التفاصيل والمعلومات حول كيفية سير الأمور. ورغم أنه توفر لدينا القليل من المعلومات بشأن حدوث تقدم في المحادثات، إلا أنه بدا على كلا الطرفين الاستجابة – رغم التوقعات المتدنية – لمحاولة استعادة المفاوضات الثنائية مرة أخرى.
ثالثا، كان من المتوقع حدوث بعض التحركات الاستفزازية – مثل الإعلان عن إقامة مستوطنات جديدة، أو محاولة التقارب مع حماس – ويعلم كلا الطرفين أنه سيتوجب عليهما التغلب على مثل تلك الاستفزازات، وقد نجحا في ذلك حتى وقت قريب.
وقد استمر الأمر على مدى عدة أشهر. وفي الوقت الذي ذكرت أهوال الحرب السورية أن المسألة الإسرائيلية - الفلسطينية ليست هي القضية الأساسية في المنطقة، استمر المفاوضون من كلا الجانبين في عقد جلسات المحادثات.
غير أن أكثر ما يؤرق أصدقاء الطرفين، هو أننا يئسنا من تكرار الفشل، كما أننا بتنا نخشى حقا من عواقبه. لسنا غاضبين من أي من الطرفين، فنحن نعرف جيدا مقدار الصعوبة والمخاطرة التي تنطوي عليها المفاوضات. تدعم بريطانيا بشكل واضح حق إسرائيل في الوجود، وفي الوقت نفسه ساهمت بشكل كبير في جهود بناء الدولة الرامية إلى إنشاء فلسطين مستقلة، والتوصل إلى حل الدولتين. كما أننا لا نعتقد أن الوضع الراهن سيستمر، وعليه تبدو النظرة بعيدة المدى من دون اتفاق مبرم، في إقليم مزقته تحديات جديدة، أكثر قتامة من أي وقت مضى.
لقد أدى الأصدقاء دورهم. وقد جرى اللجوء إلينا كما هو الحال دائما حتى نشجع أحد الأطراف على دخول المفاوضات، لكنني أعتقد أننا رفضنا ذلك العرض، إيمانا بأنه ينبغي على الطرفين السعي بأنفسهما لإبرام اتفاق. إننا جميعا على علم بالمعطيات، وعليه ينبغي على الطرفين الأخذ بها والمضي قدما في إبرام الاتفاق.
ولكن في هذه المرحلة الحاسمة نحتاج إلى أن نؤدي دورا أكثر تشجيعا للطرفين. وقد بدأت في الأفق إشارات تحذيرية للطرفين على حد سواء. فالولايات المتحدة باتت تتحدث عن إسرائيل بطريقة تبدو متشككة، كما لم تعد النظرة اليهودية لأميركا هي «نظرة الحكومة الإسرائيلية، صحيحة أم خاطئة». فهم يريدون تسوية لتلك القضية. أما فيما بين الدول العربية، فلم تعد القضية الفلسطينية هي القضية الأولى التي يجري طرحها على مائدة المفاوضات الثنائية كما كان في الماضي. وأخشى أن أقول إن القضية الفلسطينية لم تعد حتى القضية الثانية.
وعليه، لا يمكن أن يستمر الحال هكذا. تشهد المنطقة في الوقت الحالي الكثير من المشاكل التي تهدد بقاء القضية الفلسطينية في دائرة الاهتمام الأولى بالنسبة لإسرائيل والفلسطينيين المعتدلين والدول الأخرى. ومن غير المرجح أن يؤثر فشل القضية الفلسطينية على طرفيها فقط. ينبغي على كل من الطرفين إظهار الشجاعة وحسن النية للطرف الآخر خلال مراحل مختلفة من جولة المحادثات هذه. بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان قيامه بالإفراج عن السجناء المتهمين بارتكاب بعض من أسوأ الجرائم ضد إسرائيل لفتة سلام جادة. وكان قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمناقشة الهولوكوست لفتة جيدة أيضا. وعليه، يجب على أصدقاء الطرفين تشجيعهما للاستمرار في المحادثات، والاستمرار أيضا في إحداث المزيد من التغييرات المهمة في بعض القضايا المهمة الأخرى.
ثقوا بنا، فنحن على علم بما سيسوقه أيا من الطرفين لتبرير فشل المحادثات. نحن نعرف جميع الحجج، ونفهم جيدا أسباب إحباط كل طرف من الآخر. غير أن السؤال المهم: من الذي يتحمل حقا حدوث الفشل، إذا لم يتوصل الطرفان لاتفاق ينهي النزاع بينهما؟ وعلى النقيض تبدو النظرة فيما يخص الاعتراف بإسرائيل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة إيجابية للغاية. فالاتحاد الأوروبي والعالم ينتظران بشغف، المزايا الكثيرة التي ستنتج عن عقد اتفاق بين إسرائيل وفلسطين، حيث ستكون هناك مكاسب اقتصادية وأمنية واسعة النطاق. كما سيحدث اندماج كامل للاقتصاد الإسرائيلي في العالم العربي، والذي يحتاج لـ40 مليون فرصة عمل جديدة خلال العقد المقبل لمواجهة عدد السكان الشباب المتزايد، والذين سيجدون أشياء أخرى أقل إفادة وأكثر ضررا للقيام بها، في حال لم تتوفر لهم فرص العمل.
الرئيس عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجهان أصعب القرارات في مسيرتهما السياسية. ولذلك، ينبغي على جميع أصدقائهما حثهم بطريقة أو بأخرى على المضي قدما في طريق المحادثات. من المؤكد أن كليهما سيجد الكثير من المبررات للتوقف عن المحادثات، كما سيجدان من يصفق لهما ويربت على كتفيهما، عندما لا يعقدان أية اتفاقيات. إنني آمل أن تقوم جميع الحكومات من شتى أنحاء العالم بإرسال رسائل هذا الأسبوع لحث الطرفين على الانخراط في المحادثات وأن يقول الجميع في نهاية الأمر «نعم» للمحادثات.
* وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط من 2010 وحتى 2013, وعضو في مجلس العموم. نقلا عن الشرق الأوسط

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟