المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عبدالغفار شكر
عبدالغفار شكر

الانتخابات الرئاسية والتحول الديمقراطي

السبت 17/مايو/2014 - 11:52 ص

هناك العديد من الشواهد التى تشير إلى أن مصر فى طريقها إلى القضاء على الإرهاب، وأن المجتمع المصرى قادر على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تهدد استقراره،  وأن الدولة المصرية بمؤسساتها العسكرية والأمنية وبما تملكه من أجهزة وخبرات قادرة على إدارة الأزمة داخليا وعربياً ودولياً بما يمكن مصر من استعادة أمنها واستقرارها الداخلى وبما يمكنها من استعادة دورها الإقليمى. وتأتى انتخابات رئاسة الجمهورية فى مصر فى هذا السياق لتطرح سؤالا بالغ الأهمية بالنسبة لمستقبل البلاد هل تسهم هذه الانتخابات فى الوصول بمصر الي هذه النتيجة؟

الحقيق] أن ما تشهده الانتخابات الرئاسية حاليا من منافسة خالية من العنف ومن التنابذ ومن إساءة كل مرشح للآخر بادرة طيبة، تساهم فى بناء مناخ سياسى صحى للوصول بمصر الي هذه النتيجة بالفعل، فالمنافسة تدور بشكل أساسى حول كيفية بناء مصر المستقبل، وحول المشروعات والبرامج التى ينتوى كل مرشح القيام بها فى حالة فوزه برئاسة الجمهورية، ومن اللافت للنظر أن كلا المرشحين يعطى أهمية خاصة لاستعادة الأمن والاستقرار، ولتحقيق العدالة الإجتماعية، واستعادة الاقتصاد المصرى لعافيته .

وإذا كان كلا المرشحين يطرح بالأساس هذه الأفكار بما يؤكد وعيهما بالتحديات التى تواجه المجتمع المصرى والأولويات المطروحة لمواجهة هذه التحديات، فإن القضية المهمة هنا هى إلى أين تسير مصر سياسيا؟ هل تسهم الانتخابات الرئاسية فى فتح الباب أمام استكمال عملية التحول الديمقراطى أم تعود بنا مرة أخرى إلى نوع من السلطوية، وانفراد شخص واحد هو رئيس الجمهورية بالقرار، وإقصاء المعارضة السياسية وتهميشها .

يتوقف مستقبل البلاد السياسى بالدرجة الأولى على الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس النواب. والمطلوب هنا أن يتم تأكيد تعميق التعددية السياسية فى المجتمع وتعريف الرأى العام بالفوارق الأساسية بين المرشحين وما يمثله كل منهما من توجه سياسى، ومدى اهتمامه بالطابع الديمقراطى للدولة، أم أنه سيعطى الأولوية فى إعادة بناء الدولة للجوانب التنظيمية والإدارية، ولا يقل أهمية عن هذا أن يحصل المرشح الذى لن يفوز فى الإنتخابات على قدر من الأصوات الانتخابية يكون أساسا حقيقيا لدعم التعددية السياسية مستقبلا، ذلك أن التعددية هى أساس لاغنى عنه لاستكمال التحول الديمقراطى فى مصر، وهو الشرط الأول والأكثر أهمية فى هذه العملية التى تشمل إلى جوار التعددية السياسية وجود مجتمع مدنى قوى، وإعلام متنوع وحر، ونظام انتخابى سليم ومع هذا كله وقبله إطار تشريعى يترجم ما ورد فى الدستور إلى قوانين تعزز العملية

الفكرة الأساسية هنا هى أهمية بروز قطب سياسى كبير نسبيا فى المجتمع يمثل المعارضة السياسية للرئيس القادم ويرسخ فى المجتمع مسألة التعددية للحيلولة دون العودة مرة أخرى إلى نوع من النظم الشمولية أو السلطوية التى تحتكر الحكم لطرف واحد وتحافظ على نوع من المعارضة السياسية الشكلية التى لاقيمة لها. ولا تقل الانتخابات البرلمانية أهمية فى هذا الصدد، لأن مجلس النواب القادم سوف يكون حجر الزاوية فى توفير مقومات التحول الديمقراطى بما يصدره من قوانين تترجم مبادئ الدستور، وبما يقوم به من دور فى تشكيل الحكومة التى يشترط الدستور لبقائها الحصول على ثقة مجلس النواب، وبما سيقوم به من دور فى مراقبة أداء الحكومة. يطرح دور مجلس النواب فى النظام السياسى المصرى قضية النظام الإنتخابى للمجلس وخطورة التوجه نحو إجراء انتخاباته بالنظام الفردى على معظم مقاعد المجلس وتخصيص نسبة محدودة لنظام القوائم. وهو ما يسهم فى إضعاف التعددية السياسية ويمهد الطريق فعلا للعودة إلى نظام سلطوى. ذلك أن الدستور يعطى لرئيس الجمهورية حق اختيار رئيس الحكومة من خارج الأغلبية البرلمانية ، فإذا أجريت الانتخابات بالنظام الفردى الذى يتم الاختيار فيه على أساس السمات الشخصية لكل مرشح وليس على أساس المفاضلة السياسية بين القوائم، فإننا سنشهد مجلسا تشريعيا يضم أعضاء من ذوى النفوذ فى المجتمع مثل رجال الأعمال وأغنياء الريف وكبار الموظفين، وكل من يتمتع بنفوذ اجتماعى لما يقوم به من نشاط خدمى. وبذلك سوف يتشكل المجلس التشريعى دون أغلبية برلمانية ذات توجه سياسى محدد، وسيتم تهميش الأحزاب فى هذا المجلس وستضعف التعددية السياسية بما يمكن رئيس الجمهورية من الانفراد بالقرار مرة أخرى وتطويع مجلس النواب بحكم تركيبته المشوهة لما يهدف إليه. وسوف تتجه البلاد مرة أخرى من خلال هذه العلاقة بين الرئيس ومجلس النواب إلى نوع من السلطوية تزداد تبلورا فى المستقبل مالم تواجهها معارضة قوية فى المجتمع وداخل المجلس. فإذا أضفنا إلى ذلك أن الصراع فى انتخابات مجلس النواب سيدور أساسا بين رموز نظام مبارك وتيار الإسلام السياسى وقوى الثورة والديمقراطية، فإن النظام الفردى يخدم القوى خارج معسكر الثورة، وستعود مصر مرة أخرى إلى نقطة البدء من جديد، وسنشهد أزمة جديدة لا يعلم أحد إلا الله كيف ستنتهى هذه المرة .

  نقلاً عن الأهرام

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟