لا شك فى أن الانتخابات الرئاسية التى أدلى فيها المصريون بأصواتهم فى السادس والعشرين والسابع والعشرين من مايو عام 2014، تمثل مرحلة مهمة فى استحقاقات خارطة الطريق، تلك المرحلة التى تتمثل فى اختيار رئيس للبلاد وفق الصلاحيات التى خولها له دستور 2014 المعدل.
ومع ذلك فإن هذه الانتخابات ليست كافية بمفردها لتأسيس شرعية الرئيس الجديد والنظام الذى سوف يتشكل حوله، بل لابد من استكمال هذه المرحلة، بمرحلة أخرى ألا وهى مرحلة ما بعد الانتخابات، تلك المرحلة تشتمل على مهمات نوعية من شأن إنجازها والوعى بها تأكيد هذه الشرعية الجديدة وضمان حيازتها لتوافق وطنى ضرورى ومطلوب للسير فى اتجاه المستقبل.
الانتخابات بمفردها، ليست نهاية المطاف، بل بداية المطاف والاتجاه قدماً لبناء النظام السياسى والشرعية، ولا شك أن الدرس الأول الذى لم يعه الإخوان هو أنهم اكتفوا بالانتخابات كمصدر وحيد للشرعية، واعتبروها نهاية المطاف فى تأكيد بناء شرعيتهم وما دون ذلك لا يحظى بأى أهمية؛ أى الإجابة عن سؤال ماذا بعد الانتخابات؟ ومن ثم كان السخط المتزايد على أدائهم وأداء الرئيس الذى ينتمى لهم.
فى مقدمة مهام ما بعد الانتخابات أياً كان الفائز فيها التأكيد على والسعى إلى الاعتراف الإقليمى والدولى بشرعية النظام الجديد والرئيس الجديد، وذلك تحسباً للقوى والجماعات فى الداخل والخارج التى ستسعى بكل السبل لنزع الشرعية عن النظام والرئيس القابع على رأسه، وهو ما يعنى تحرر أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة من القيود البيروقراطية التى تجعل أداءها ثقيلاً ومتباطئاً وتبنى منظومة مبتكرة من الأساليب والأدوات، التى تستعين بها فى الترويج لشرعية النظام الجديد والرئيس الذى جاء عن طريق الانتخابات.
وبطبيعة الحال، فإن هذه المهمة لن يقدر لها النجاح ما لم ترتبط بمواقف وسلوك الرئيس المنتخب وتأكيده ضرورة استكمال المسار الديمقراطى واحترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية المعمول بها وتأكيد سيادة القانون، وأن يكون رئيساً لكل المصريين، أولئك الذين صوتوا له وأيدوه وأولئك الذين صوتوا وأيدوا المرشح المنافس وأولئك الذين قاطعوا الانتخابات باستثناء من حمل السلاح وحض على العنف والكراهية واستباح دماء المصريين مع كفالة كل الحقوق والضمانات القانونية لهم فى محاكمات عادلة.
ولا شك فى أن تأكيد الرئيس الجديد على الديمقراطية يعنى الربط بين استعادة الدولة وبناء الديمقراطية، فهذه الأخيرة لا توجد خارج الدولة، فخارج الدولة لا مكان إلا للولاءات العشائرية والقبلية والعائلية أى ولاءات ما قبل الدولة، بينما الدولة هى الوحيدة القادرة على تأكيد قيم ومنظومة الديمقراطية وأخلاقياتها خاصة جانبها المتعلق بالمواطنة والمساواة والولاء للدولة.
وفى هذا السياق فإن مهمة الرئيس الجديد المنتخب تتمثل فى تقليص الفجوة بين الخطاب السياسى وبين الواقع، ذلك أن فى مرحلة بداية الديمقراطية والانتقال تزداد القدرة على منح الوعود والمزايدة وتقل القدرة على تغيير الواقع، نظراً لتراكم المشكلات والتحديات الموروثة عن النظام السابق أو بالأحرى عن النظم السابقة.
ثانية هذه المهام التى تعقب إعلان نتائج الانتخابات تتمثل فى ممارسة الرئيس المنتخب لصلاحياته التنفيذية والتشريعية فى غياب البرلمان بطريقة محسوبة ودقيقة خاصة فى الجانب التشريعى فلا يقر من القوانين والتشريعات إلا ما هو ضرورى وعاجل لا يحتمل التأخير وذو صلة وثيقة باستكمال خارطة الطريق التى ارتضاها المصريون، وفى هذه الممارسة التشريعية لابد أن يحرص على توافر مناخ الحوار المجتمعى حول القوانين والتشريعات وأن يدعى لهذا الحوار مؤسسات المجتمع المدنى المعنية وغيرها من الجهات ذات الصلة بموضوع التشريع أو القانون.
ثالثة هذه المهام فى أجندة ما بعد الانتخابات وإعلان النتائج تتمثل فى حرص الرئيس على تطبيق مواد وبنود الدستور المعدل لعام 2014 الذى استفتى عليه المصريون، وأن يكون الرئيس المنتخب قدوة وممثلاً لمؤسسات الدولة المختلفة وأجهزتها المعنية وللمسؤولين عنها، فى احترام الدستور وتطبيق بنوده بروحية مسؤولة، وألا يتجاوز ممارسة الصلاحيات التنفيذية التى خصه بها الدستور، وأن يحرص على ممارسة هذه الصلاحيات على روح الدستور والقانون وأن يؤكد مبدأ الفصل بين السلطات وأن يكون حكماً بينها.
من ناحية أخرى، فإن الرئيس القادم لن يكون بمقدوره الزعم بأن البلاد تسير فى الطريق الديمقراطى دون الحرص على دعم معارضة بناءة لسياساته وقراراته، فوجود مثل هذه المعارضة استكمال لمقومات الديمقراطية وإثراء للحياة السياسية، واستنهاض لهمم المصريين وطاقاتهم لبناء ثقافة سياسية جديدة تمهد لتطور ديمقراطى أكثر فاعلية وأكثر قابلية للاستمرار.
وردد المصريون كثيراً نخبة ومعارضة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى مصطلح شرعية الإنجاز كمرادف ومكمل لشرعية الانتخاب، والمقصود من ذلك هو ألا يكتفى الرئيس بالشرعية التى جاءت به عبر الانتخاب، بل عليه أن يقرن ذلك بالقدرة على إنجاز ما وعد به أو تحقيق رؤيته وتنفيذها للتحديات والمشكلات التى تواجه مصر.
وبما أن مثل هذه الرؤية قد يستغرق إنجازها العديد من السنوات، فإن تحسناً ملموساً فى حياة المواطنين عبر فترة زمنية قصيرة قد يبدو ضرورياً ومهما، إذ يكفى أن يشعر المصريون بأن الرئيس الجديد فى الطريق الذى وعدهم بالسير فيه، حتى وإن طال الزمن.
إن الرئيس الجديد يواجه شعباً شاباً وغاضباً، أى نسبة كبيرة منه من الشباب، ويموج بالغضب من سوء الأوضاع بعد سنوات ثلاث من الثورة على هذه الأوضاع، لم تجلب حتى الآن إلا مزيداً من التدهور، ويتوقع منه أن يتبنى سياسات جديدة بدلاً من تلك السياسات التى لم تجلب إلا التدهور وهو الإمكانيات طيلة هذه العقود. نقلا عن الأهرام
ومع ذلك فإن هذه الانتخابات ليست كافية بمفردها لتأسيس شرعية الرئيس الجديد والنظام الذى سوف يتشكل حوله، بل لابد من استكمال هذه المرحلة، بمرحلة أخرى ألا وهى مرحلة ما بعد الانتخابات، تلك المرحلة تشتمل على مهمات نوعية من شأن إنجازها والوعى بها تأكيد هذه الشرعية الجديدة وضمان حيازتها لتوافق وطنى ضرورى ومطلوب للسير فى اتجاه المستقبل.
الانتخابات بمفردها، ليست نهاية المطاف، بل بداية المطاف والاتجاه قدماً لبناء النظام السياسى والشرعية، ولا شك أن الدرس الأول الذى لم يعه الإخوان هو أنهم اكتفوا بالانتخابات كمصدر وحيد للشرعية، واعتبروها نهاية المطاف فى تأكيد بناء شرعيتهم وما دون ذلك لا يحظى بأى أهمية؛ أى الإجابة عن سؤال ماذا بعد الانتخابات؟ ومن ثم كان السخط المتزايد على أدائهم وأداء الرئيس الذى ينتمى لهم.
فى مقدمة مهام ما بعد الانتخابات أياً كان الفائز فيها التأكيد على والسعى إلى الاعتراف الإقليمى والدولى بشرعية النظام الجديد والرئيس الجديد، وذلك تحسباً للقوى والجماعات فى الداخل والخارج التى ستسعى بكل السبل لنزع الشرعية عن النظام والرئيس القابع على رأسه، وهو ما يعنى تحرر أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة من القيود البيروقراطية التى تجعل أداءها ثقيلاً ومتباطئاً وتبنى منظومة مبتكرة من الأساليب والأدوات، التى تستعين بها فى الترويج لشرعية النظام الجديد والرئيس الذى جاء عن طريق الانتخابات.
وبطبيعة الحال، فإن هذه المهمة لن يقدر لها النجاح ما لم ترتبط بمواقف وسلوك الرئيس المنتخب وتأكيده ضرورة استكمال المسار الديمقراطى واحترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية المعمول بها وتأكيد سيادة القانون، وأن يكون رئيساً لكل المصريين، أولئك الذين صوتوا له وأيدوه وأولئك الذين صوتوا وأيدوا المرشح المنافس وأولئك الذين قاطعوا الانتخابات باستثناء من حمل السلاح وحض على العنف والكراهية واستباح دماء المصريين مع كفالة كل الحقوق والضمانات القانونية لهم فى محاكمات عادلة.
ولا شك فى أن تأكيد الرئيس الجديد على الديمقراطية يعنى الربط بين استعادة الدولة وبناء الديمقراطية، فهذه الأخيرة لا توجد خارج الدولة، فخارج الدولة لا مكان إلا للولاءات العشائرية والقبلية والعائلية أى ولاءات ما قبل الدولة، بينما الدولة هى الوحيدة القادرة على تأكيد قيم ومنظومة الديمقراطية وأخلاقياتها خاصة جانبها المتعلق بالمواطنة والمساواة والولاء للدولة.
وفى هذا السياق فإن مهمة الرئيس الجديد المنتخب تتمثل فى تقليص الفجوة بين الخطاب السياسى وبين الواقع، ذلك أن فى مرحلة بداية الديمقراطية والانتقال تزداد القدرة على منح الوعود والمزايدة وتقل القدرة على تغيير الواقع، نظراً لتراكم المشكلات والتحديات الموروثة عن النظام السابق أو بالأحرى عن النظم السابقة.
ثانية هذه المهام التى تعقب إعلان نتائج الانتخابات تتمثل فى ممارسة الرئيس المنتخب لصلاحياته التنفيذية والتشريعية فى غياب البرلمان بطريقة محسوبة ودقيقة خاصة فى الجانب التشريعى فلا يقر من القوانين والتشريعات إلا ما هو ضرورى وعاجل لا يحتمل التأخير وذو صلة وثيقة باستكمال خارطة الطريق التى ارتضاها المصريون، وفى هذه الممارسة التشريعية لابد أن يحرص على توافر مناخ الحوار المجتمعى حول القوانين والتشريعات وأن يدعى لهذا الحوار مؤسسات المجتمع المدنى المعنية وغيرها من الجهات ذات الصلة بموضوع التشريع أو القانون.
ثالثة هذه المهام فى أجندة ما بعد الانتخابات وإعلان النتائج تتمثل فى حرص الرئيس على تطبيق مواد وبنود الدستور المعدل لعام 2014 الذى استفتى عليه المصريون، وأن يكون الرئيس المنتخب قدوة وممثلاً لمؤسسات الدولة المختلفة وأجهزتها المعنية وللمسؤولين عنها، فى احترام الدستور وتطبيق بنوده بروحية مسؤولة، وألا يتجاوز ممارسة الصلاحيات التنفيذية التى خصه بها الدستور، وأن يحرص على ممارسة هذه الصلاحيات على روح الدستور والقانون وأن يؤكد مبدأ الفصل بين السلطات وأن يكون حكماً بينها.
من ناحية أخرى، فإن الرئيس القادم لن يكون بمقدوره الزعم بأن البلاد تسير فى الطريق الديمقراطى دون الحرص على دعم معارضة بناءة لسياساته وقراراته، فوجود مثل هذه المعارضة استكمال لمقومات الديمقراطية وإثراء للحياة السياسية، واستنهاض لهمم المصريين وطاقاتهم لبناء ثقافة سياسية جديدة تمهد لتطور ديمقراطى أكثر فاعلية وأكثر قابلية للاستمرار.
وردد المصريون كثيراً نخبة ومعارضة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى مصطلح شرعية الإنجاز كمرادف ومكمل لشرعية الانتخاب، والمقصود من ذلك هو ألا يكتفى الرئيس بالشرعية التى جاءت به عبر الانتخاب، بل عليه أن يقرن ذلك بالقدرة على إنجاز ما وعد به أو تحقيق رؤيته وتنفيذها للتحديات والمشكلات التى تواجه مصر.
وبما أن مثل هذه الرؤية قد يستغرق إنجازها العديد من السنوات، فإن تحسناً ملموساً فى حياة المواطنين عبر فترة زمنية قصيرة قد يبدو ضرورياً ومهما، إذ يكفى أن يشعر المصريون بأن الرئيس الجديد فى الطريق الذى وعدهم بالسير فيه، حتى وإن طال الزمن.
إن الرئيس الجديد يواجه شعباً شاباً وغاضباً، أى نسبة كبيرة منه من الشباب، ويموج بالغضب من سوء الأوضاع بعد سنوات ثلاث من الثورة على هذه الأوضاع، لم تجلب حتى الآن إلا مزيداً من التدهور، ويتوقع منه أن يتبنى سياسات جديدة بدلاً من تلك السياسات التى لم تجلب إلا التدهور وهو الإمكانيات طيلة هذه العقود. نقلا عن الأهرام