المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
عبد السلام فاروق
عبد السلام فاروق

الشباب والمشاركة السياسية

الخميس 05/يونيو/2014 - 12:22 م

في البداية دعونا نؤكد أن من حق أي مواطن أو حزب أن يتظاهر احتجاجا على سياسة معينة، أو تأييدا لها، أو احتجاجا على ظلم واقع، لكن علينا أن نتذكر دائما بأن حريتنا تنتهي عندما تبدأ حرية غيرنا، وأن للتعبير عن الرأي قوانين يجب أن لا نتجاوزها كي لا نقع في المحظور.

لكن من أكثر الظواهر المقلقة التي تترسخ اليوم في ذهن كل مراقب، تلك التي تتجلى في التزايد المتسارع لتراكمات الاحباط واليأس في نفوس الشباب، وهذا أصبح يستدعي ضرورة بسط النقاش والحوار المثمر من أجل تعزيز دورهم في التحولات الديمقراطية وبيان جهودهم في تعميق الهوية الوطنية.

والواقع أن ما يعوق دور الشباب في الحياة السياسية هي محاولة بعض الأصوات التي تزعق كالبوم وسط النهار، منع الشباب من تعزيز دورهم في تكريس التحول الديموقراطي، أوبمعنى أدق منعهم من المشاركة الايجابية وفتح آفاق الديمقراطية أمامهم، كل ذلك بهدف تطبيق سياسة تعيد هندسة المجتمع بسحبه بعيدا عن ثقافة البناء والتنمية إلى ثقافة الهدم والخراب، وذلك ب: الثرثرة المكتوبة عن تنمية غير موجودة.

إذن، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من يقود المجتمع المصري سياسيا، ومن يقود المستوى التثقيفي، هل هي الجامعات الأجنبية والمنظمات الأهلية والصحف الخاصة الممولة من الخارج، تلك التي تكرس ثقافة الخطف والارتزاق؟

وفي ظني إن دور الشباب لا ينحصر فقط في الالتزام بالأحزاب والعمل الاحتجاجي، بل يجب أن يكون هنالك دور وطني أعم وأشمل، خاصة وأن الثورة قامت أصلا من أجل أن يأخذ الشباب دورهم في كافة الأحزاب والمؤسسات وصولا إلى الدور القيادي والمشاركة والترشيح والانتخاب سواء على المستوى العام كالانتخابات البرلمانية والمحليات أو في المؤسسات الاجتماعية والأهلية.

إنطلاقاً من ذلك، فإن الشباب المصري كان وما يزال الفئة الأكثر تضررا وتأثرا من الواقع والظروف الصعبة التي مر بها الشعب المصري، وخاصة في عهد مبارك، تلك الفترة التي تعرضت لكل أشكال القهر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي بفعل القيود التي فرضت عليها.

من هنا نرى أن للشباب دورا مؤثرا في العمل الوطني، حيث انخرط هؤلاء بشتى ميادين العمل وبمختلف المراحل السياسية التي مرت بها مصر. وقدموا أغلى التضحيات دفاعا عن الوطن وحقوق الشعب المصري المشروعة، وفي مقدمتها حقه في اختيار حكامه ونوابه فضلا عن الحرية والكرامة الإنسانية والعيش الكريم.

وأمام هذه الظروف، وبالرغم من مصيبة الإرهاب التي حلت بالشعب المصري والظروف الصعبة التي يواجهها، إلا أن الشباب اليوم يتطلعون إلى المستقبل الذي يمكنهم من العيش الكريم ومواجهة كل التحديات التي تعصف بظروفهم السياسية والإجتماعية. وهم محرومون من الإطار السياسي والاجتماعي الذي يضمن لهم الحياة الكريمة والمستقرة ولو بمستوى نسبي، إلا أن هذا الطموح لدى الشباب في محافظات الصعيد علي سبيل المثال، يصطدم للأسف بالكثير من العوائق لعل أهمها هو تفشي حالة الفقر والأمية.

أن المعاناة المفروضة على الشباب في محافظات الصعيد، تزيد حياته صعوبة وتعقيداً، وتؤثر بشكل كبير على واقعه الاقتصادي والاجتماعي، كما يسهم هذا الواقع الناجم عن تفاقم وارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب في هذه المحافظات، في توفير الأرضية الخصبة لنمو المشكلات والظواهر السلبية وتفشي العديد من الآفات الاجتماعية بين صفوف الشباب، وتفاقم المشكلات النفسية الناجمة عن الإحساس بالاغتراب والفقر، إلى جانب إسهامها بهجرة اعداد كبيرة من الشباب والكثير منهم يخاطر بحياته هروبا من هذا الواقع المؤلم، وهذا أخطر ما في الأمر، خاصة بالنسبة الى الشعب المصري الذي يشكل الشباب عماده الرئيسي وثروته الأساسية التي يراهن عليها لإكمال مسيرة خارطة المستقبل،ومن ثم بناء الجمهورية الجديدة.

هذا الواقع، يطرح العديد من الأسئلة والتساؤلات حول مستقبل الشباب المصري عقب الانتخابات الرئاسية التي فاز بها المشير عبدالفتاح السيسي، والإستراتيجية المطلوبة لمعالجة ومجابهة التحديات التي تواجهه على مختلف الأصعدة.

وانطلاقاً من الدور المحوري للشباب في مسيرة الوطن والثورة، وضرورة التعاطي معهم كفئة اجتماعية له خصوصيتها وقادرة على القيام بأشكال مختلفة من الممارسة، لا بد من سياسة جديدة، وتعاطي مختلف مع قضايا الشباب، من خلال تقديم البرامج التي تمكن هذه الشريحة من أداء دورها الوطني والسياسي إلى جانب متابعة مشكلاتها وقضاياها على الصعد الاجتماعية والإقتصادية والتربوية والثقافية وغيرها، وضرورة ضبط صفوفهم بشكل منظم وإعطائهم الفرصة بإفساح المجال أمامهم للارتقاء بدورهم وفعلهم السياسي والاجتماعي دفاعاً عن حقوقهم ومصالحهم، وتمكينهم من أخذ دورهم المتقدم في القرى والنجوع من خلال مؤسسات الدولة والمنظمات الأهلية والأحزاب حتى تتمكن هذه القوة المؤثرة من مواصلة دورها من أجل إنجاز التحول الديموقراطي، وإنجاز التنمية المستدامة من خلال برامج عمل وخطط تستجيب لتطلعاتهم واهتماماتهم واحتياجاتهم وفقاً لاولويات وظروف المرحلة التي يعيشونها وخاصة أمام التحديات التي تواجهها الدولة مما يتطلب من كافة القوى والهيئات التعاطي بكل ايجابية مع الحراك الشبابي من خلال ادارة الحوار والتفاعل المباشر معهم عبر الأنشطة وورش العمل التي تسهم في اشراك أكبر قاعدة ممكنة من الشباب بالتفاعل والحوار بمختلف القضايا السياسية والوطنية واجراء الانتخابات البرلمانية والاتحادات النقابية حتى يتمكنوا من الاهتمام بالجوانب الثقافية والابداعية، رغم الأهمية القصوى لهذا الجانب وادراك الجميع بأن الثقافة والإبداع هي جزء من المعركة والمسيرة لاستعادة الدور المصري المفقود في الوطن العربي والعالم. باعتبار الثقافة مكوناً أساسيا من مكونات العملية السياسية، وعاملا مهما من عوامل الوعي واليقظة، وحماية الهوية الوطنية والتراب الوطني.

وهذا يستوجب أيضا، تفعيل وتطوير دور المدارس والجامعات ومراكز الشباب والثقافة للنهوض بالواقع الثقافي وتحفيز الشباب على الإبداع وبلورة الطاقات الكامنة لديهم، ومعالجة كافة المشاكل التي يعانوها وهذه مسئولية وطنية تقع على عاتق مختلف الجهات، بدءأ بمؤسسات الدولة والأحزاب الى جانب مؤسسات المجتمع المدني، على أساس أن الشباب شريك فاعل في القرارات داخل المجتمع، والإتجاه نحو تعميم الديمقراطية والانتخابات وتعميم تجربة التمثيل النسبي في كل المؤسسات والإتحادات والمنظمات الأهلية بما يكفل وضع حد لظاهرة التفرد والهيمنة الفئوية، ويضمن التوجه نحو تفعيل صلة الحركة الشبابية بالقضايا المجتمعية، وكذلك ضرورة مشاركة الشباب والشابات في مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ليأخذوا دورا واضحا يرتبط بقضايا الوطن والمجتمع وصولاً إلى مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة والحرية.

وفي النهاية، لا بد من القول إن مصر تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى منظومة متكاملة من القيم الفكرية والتنظيمية والسياسية التي تكرس الهوية الوطنية الديمقراطية للشباب آخذين بعين الاعتبار وبوعي تجاوز الرؤيء الرومانسية المبسطة والوعي العفوي، اليوم علينا ان نكون مع مطالب الشباب، انطلاقا من إيماننا بالمستقبل... والطريق إلى ذلك، يكون من خلال التجربة السياسية والثقافية والاجتماعية.

نقلاً عن: ميدل إيست أونلاين

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟