المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.نورهان الشيخ
د.نورهان الشيخ

"داعش».. فرصة للتوحد أم التقسيم؟

الأربعاء 18/يونيو/2014 - 11:03 ص

يحفل تاريخنا المصرى والعربى بأيام لا تنسى، البعض منها انتصارات مذهلة، والبعض الآخر انكسارات تمثل جروحاً غائرة فى نفوسنا.

 ويعتبر يوم الثلاثاء 10 يونيو أحد هذه الأيام، وهو أشبه بيوم سقوط بغداد منذ أكثر من عشر سنوات، بل وأشد خطراً وأكثر تهديداً منه. فقد كان نبأ سيطرة تنظيم «داعش» الارهابى على مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية بمثابة الصدمة لكل عربى مخلص يتطلع لمستقبل أفضل، ويحلم بأمن واستقرار ورقى غاب عن العراق وجوارها العربى لفترة ليست بالقليلة.

وقد استوقف الكثيرين الحدث وحاولوا تفسيره دون جدوى، وتساءلوا كيف يمكن لتنظيم إرهابى أن يبلغ به القوة للتغلب على الجيش النظامى والشرطة العراقية معاً ويطردهما، ليستولى على المدينة بالكامل ويبدأ فى التقدم منذراً بسقوط آخر للعراق، ولكن إلى هوة الإرهاب السحيقة هذه المرة. وبدلاً من أن تنتقل العراق للديمقراطية!!، تخلفت قروناً فى ظلام التشدد والجهل وسفك الدماء وانتهاك حرمة الأعراض، فى تكرار للسيناريو الأفغانى المظلم الذى حول أفغانستان من دولة متحضرة ذات مجتمع مستنير وثقل إقليمى، إلى بؤرة للارهاب والتطرف الذى سلب الأفغان حضارتهم وأحاطهم بظلام دامس أفقدهم الحاضر والأمل فى المستقبل.

وقد يرتبط اقتحام «داعش» للموصل بعوامل عدة، أولها يتعلق بالمخططات الأمريكية التى تستهدف تفتيت المنطقة إلى دويلات صغيرة وضعيفة على أسس دينية ومذهبية وعرقية. وهى المخططات التى فشل التدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى تحقيقها بالعراق، كما فشل سيناريو استغلال غضب الشعوب العربية وثوراتهم منذ عام 2011 فى إنجازها، وذلك بفضل ثورة 30 يونيو فى مصر التى أيقظت وعى الشعوب العربية وأعادت وحدتهم ضد أعداء الخارج وعملائهم «الإخوان» فى الداخل.

وقد قبلت واشنطن بالمنظمة الارهابية الوليدة «داعش» التى تتبنى الفكر السلفى السنى الجهادى حتى تأجج الصراع داخل العراق بين السنة والشيعة وتزيد من ضعف ووهن الجسد العراقى الذى تداعى بالفعل آنذاك. ورغم أن الولايات المتحدة وجهت ضربات تأديبية لداعش عام 2010 حتى تذكرها بأنها مازالت سيدة الموقف، فإنها عادت لتغض الطرف عن التنظيم مع اندلاع الأزمة السورية ومشاركة «داعش» فى الحرب ضد الدولة السورية بدعوى اسقاط بشار الأسد. وقد ترتبط تحركات «داعش» الأخيرة بمحاولة الولايات المتحدة إثارة الفزع وتذكير رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وتياره السياسى بأنه لا يمكن لهم الابتعاد كثيراً عن واشنطن، حيث أبدى المالكى تقارباً واضحاً مع إيران خاصة خلال الأزمة السورية فى تحد واضح للإرادة الأمريكية. كما أنها تدعم دون شك تقسيم العراق حيث تتعالى الأصوات وتتعاظم الضغوط في أربيل، عاصمة اقليم كردستان، على رئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني لإعادة رسم حدود الإقليم وإعلان انفصاله عن الدولة العراقية في ظل حالة الهلع التي تعيشها العراق، والدور الذى تلعبه قوات البشمركة الكردية فى مقاومة «داعش» وتحرير المناطق التى أحتلتها.

على صعيد آخر، قد تجد واشنطن فيما يحدث مبررا قويا لضرب سوريا تحت زعم توجيه ضربات لتنظيم «داعش» فى سوريا والعراق. وكعادة واشنطن ستمتد الضربات إلى حيث تريد، وقد لا تكون موجعة لداعش بقدر كونها مؤلمة ومدمرة لأهداف سورية حيوية.

ويظل السيناريو الأسوأ فى استمرار تقدم تنظيم «داعش» باتجاه الجنوب ونجاحه فى نشر الفوضى والسيطرة على العراق على النحو الذى يتخطى الحدود العراقية لتهديد أمن واستقرار دول الجوار العربية ومنها الكويت والمملكة العربية السعودية. ورغم أن هذا الاحتمال يظل أمراً ليس باليسير فإنه ليس مستحيلاً، ولابد من أخذ جميع الاحتمالات بما فيها الأكثر تطرفاً والأقل فرصة حتى لا نواجه أزمة يصعب التعامل معها يوماً ما.

ورغم قساواة الحاضر وضبابية المستقبل تظل هناك بارقة أمل، فى تحويل المآساة الحالية شمال العراق إلى فرصة لإعادة ترتيب ما أفسدته واشنطن فى العراق والمنطقة. فخطر «داعش» قد يساعد على توحيد القوى السنية والشيعية العراقية لمواجهة هذا العدو المشترك الذى لن يبقى عليهما معاً إذا ما اتيحت له الفرصة.

كما انه قد يمثل مجالاً لتفاهمات خليجية إيرانية مشتركة وربما مجال للتنسيق والتعاون بين الطرفين من أجل القضاء على التهديد الذى تمثله الجماعات الإرهابية على أمن واستقرار منطقة الخليج العربى بل والشرق الأوسط بأسره. ففى السياسة لا يوجد أصدقاء أو أعداء وإنما مصالح تباعد بين الدول أو تقارب بينهم. فإذا ما أيقين الجميع ذلك فسوف يبدأون خطوات جادة نحو مصالحة كبرى بين القوى العراقية وتلك الفاعلة إقليمياً على النحو الذى يعيد الأمن والاستقرار للعراق والمنطقة. ويظل التساؤل حول من يبدأ الخطوة الأولى نحو هذه المصالحة؟ نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟