المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
إميل أمين
إميل أمين

الشرق الأوسط .. الطريق إلى البلقنة

الأحد 06/يوليو/2014 - 11:21 ص

قضية واحدة تجمل ما يجرى فى الشرق الأوسط من البداية إلى النهاية، ومن الوقائع إلى الملابسات ومن النتائج إلى التداعيات .. إنها قضية تفكيك المنطقة، وإعلان شرق أوسط جديد، حسب الهوى والهوية الأمريكية.

وفى الطريق لتحقيق مثل هذا الهدف الاستراتيجى تتعدد التكتيكات وتتباين الآليات الأمريكية لكن الهدف فى كل الأحوال يبقى ظاهرا أمام عيون طالبيه، حتى وان أخذتهم التضاريس إلى الطرق الدائرية .... هل من بينها بلقنة دول الشرق الأوسط على غرار ما حدث فى دول البلقان فى تسعينيات القرن المنصرم ؟.

ربما يكون العراق وما يعتريه نموذجا على بلقنة العرب إن صح التعبير وهنا يعن لنا أن نتساءل هل داعش التى باتت اليوم المهدد الأول لوحدة العراق كانت لتغيب عن ناظرى «صانعى الأمطار السوداء» فى واشنطن أم أنهم أداة من ضمن ادوات سايكس بيكو الثانية ؟

ليس سرا القول انه غداة إطلاق شرارة الحرب فى سوريا انتقل العديد من الناشطين من ليبيا إلى سورية، وانضموا إلى نفر غير قليل من أفغانستان والبوسنة والشيشان وغيرها من البلدان .. من سلح داعش ومن مولها والاهم لماذا؟.

حال العودة إلى صحيفة النيويورك تايمز فى عددها الصادر بتاريخ 26 مارس 2013 نجد توثيقا لما جرى حيث قامت جهات بعينها بجلب أسلحة من كرواتيا خصيصا للداعشيين الذين تسللوا إلى سوريا من تركيا والأردن، عبر شبكة نظمتها الاستخبارات الأمريكية، وهكذا بدأت البلقنة الجديدة فى الشرق الأوسط .

قبل بضعة أيام تحدث الجنرال «دافيد بترايوس» قائد قوات التحالف فى العراق سابقا، وصاحب الإستراتيجية التى قضت على المواجهات الطائفية التى اندلعت هناك فى 2006 بالقول : «انه لا يجب أن تتدخل أمريكا فى العراق عسكريا من جديد ولا ينبغى أن تضحى واشنطن قوة جوية لحماية الميليشيات الشيعية» .

كلمات بترايوس تدفعنا للتساؤل هل كانت وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الأمن القومية NSA وكافة شبكات الرصد الجوي، وعملاء واشنطن على الأرض ، يغطون فى نوم أهل الكهف، حينما تسلسل رجال داعش إلى العراق، وها هم يقتربون من بغداد ؟ أم أن الأمر برمته كان مقصودا؟.

الجواب يعود بنا إلى سيناريوهين تلتقى فيهما المصالح ، الأول هو إعادة الكرة لجهة نفس سيناريو التقسيم عبر البلقنة العراقية التى يمكن أن تلحقها السورية وهلما جرا.

والثانى مواجهة القطب القادم للعالمية وقطع الطريق عليه .

يحدثنا «مانيلو دينوتشي» الجغرافى والجيواستراتيجى الايطالى الشهير «عن وجه خفى للذى يحصل فى بلاد الرافدين، نفهم منه أن واشنطن لم ولن تهتم فى صد هجوم داعش، لان هدفها الأبعد هو السيطرة على دولة عراقية مفككة بعد أن انقلبت عليها إدارة المالكى انطلاقا من خلفيات عقائدية لا تقبل الشراكة ولا ترتضى فلسفة المواءمات.

باختصار غير مخل نقول إن واشنطن التى تكبدت نحو 3 تريليونات دولار وربما أكثر منذ غزو العراق، تجد اليوم نفسها فى منافسة مع الصين التى أصبحت أكثر حضورا فى العراق .. بكين تشترى من العراق نحو نصف إنتاجه النفطى وبنماء متزايد، وتنجز استثمارات كبيرة فى الصناعة الاستخراجية.

من بكين إلى بغداد، وجد «وانغ يي» وزير الخارجية الصينى الطريق معبدا لتوقيع اتفاقيات ترمى لإمداد العراقيين بأسلحة صينية، ومن بغداد إلى بكين ذهب المالكى ليشارك فى مؤتمر سبل التفاعل وبناء الثقة فى آسيا، والذى انعقد فى شنغهاى وحضره الرئيس الإيرانى حسن روحاني.

لن تقبل واشنطن أن تخرج صفر اليدين من العراق، ولهذا كان سيناريو البلقنة الأكثر فعالية لإشعال الحريق المذهبى بين السنة والشيعة، الأمر الذى يمكن لواشنطن من خلاله تقسيم العراق إلى ثلاث دول كردية وسنية وشيعية، وتحقيق السيناريو الذى مرره عبر مجلس الشيوخ فى عام 2007 نائب الرئيس الحالى جو بايدن.

الصراع على العراق ومن حوله يعود بنا كذلك فى جانب منه الى منظومة ذهنية تصادمية باتت تطل علينا من جديد.. صراع القوميات ، وتناحر الهويات والحضارات، فأمريكا المسيحية اليهودية، ها هى تقطع الطريق على التحالف الإسلامى الكونفوشيوسى الذى يمكن أن ينشا ويرتقى عما قليل .

الخلاصة : هنتنجتون لم يمت.. انه لم يتكلم بعد . نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟