المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

مناســبة الجائـزة: سـيرة ذاتيـة وجيـزة

الخميس 20/مارس/2014 - 12:00 م

تعلمت من أساتذتى درساً بالغ الأهمية هو ألا أتحدث عن شخصى أو أركز في كتاباتى على مؤلفاتى. وأن أحرص على الرجوع إلى مختلف المراجع الفكرية التى يبدعها مفكرون عرب أو أجانب، مع الحرص على التوثيق العلمى لكل مرجع حتى يرجع إليه من يشاء من القراء بيسر وسهولة.

غير أننى أستأذن من قرائى الكرام لكى أخرج على هذا المبدأ. وتفسير ذلك أننى إبلغت منذ شهرين من إدارة جائزة «سلطان العويس» الإماراتية وهى أرفع جائزة فكرية عربية أننى حصلت على الجائزة هذا العام في فرع العلوم الإنسانية والدراسات المستقبلية.

وقد سعدت بهذا الخبر سعادة قصوى، وذلك لأنه بالرغم من أننى سبق لى أن حصلت من بلدى على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1996 والتى تمنح على مجمل الأعمال العلمية للباحث، وعلى جائزة االنيل عام 2007، وهى في الواقع جائزة تشريفية، إلا أن جائزة «مؤسسة سلطان العويس» كان لها وقع مختلف في نفسى، لأنها حكم موضوعى من لجنة تحكيم أعضائها من كبار الأساتذة والمثقفين العرب، وهى تشير إلى تقدير المجتمع الثقافى العربى لإنجازى الفكرى الذى بدأ منذ أكثر من خمسين عاماً ومازال مستمراً حتى الآن.

وقد طلبت منى إدارة الجائزة أن أكتب سيرة ذاتية فكرية لى أركز فيها على التواريخ الفاصلة في مسارى العلمى، وقد أرسلتها بالفعل وفكرت في أن أنشر اليوم ملخصاً لها تكشف عن خلفياتى الإيديولوجية والفكرية والسياسية، وعن تحولاتى الفكرية ومبرراتها.

ولدت فى 3 سبتمبر عام 1933 فى الإسكندرية، كان والدى ضابطاً بسلاح الحدود بالقوات المسلحة المصرية وكان يشغل منصب أركان حرب مركز تدريب سواحل الأساس والذى يقع داخل معسكر تابع لمصلحة السواحل، بعد أن خرج والدى على المعاش عام 1952 انتقلنا لأول مرة للإقامة فى حى سكنى هو حىّ محرم بك. فى هذا الحىّ مكتبة تابعة لبلدية الإسكندرية، كانت حافلة بالكتب العربية والإنجليزية، ومارست فيها القراءة بصورة منهجية منذ وقت مبكر، واستطعت أن أقرأ أهم إنتاج الفكر المصرى والعربى. وأعتقد أن النقطة الفاصلة فى حياتى هى قراءاتى الواسعة المدى للفكر المصرى والعربى التى مارستها فى مكتبة البلدية بالإسكندرية.

ولم أقنع بقراءة أبرز كتابات المفكرين المصريين والعرب فقط ولكننى اطلعت اطلاعاً واسعاً على كتابات الفلاسفة الغربيين.

بعد حصولى على الثانوية العامة دخلت كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية عام 1953 وتخرجت فيها عام 1957. وكانت هذه اللحظة محطة فاصلة فى حياتى، لأننى أحببت دراسة القانون وتفوقت فيها. وتأتى بعد ذلك أهم لحظة فى حياتى وهى النجاح فى المسابقة التى نظمها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 1957، والتى عينت على أساسها باحثاً مساعداً.

وفى خلال عملى فى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية من عام 1957 حتى عام 1975 -تاريخ استقالى من المركز بعد أن عينت مديراً لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مررت بلحظات تاريخية فارقة أثرت فى مسارى العلمى وفى حياتى بشكل عام.

اللحظة الأولى هى المهمة العلمية التى كلفنى بها أستاذى الراحل الدكتور «أحمد خليفة»مدير المركز القومى للبحوث الاجتماعية وذلك عام 1963 حين أوفدنى إلى «اليابان» لحضور دورة تدريبية عن حقوق الإنسان وذلك لكى أنظم- عقب عودتى إلى القاهرة- «الدورة الإفريقية الأولى لحقوق الإنسان» والتى نظمتها بالفعل بالتعاون مع الأمم المتحدة ولاقت نجاحاً كبيراً. وتتمثل اللحظة الثانية -أثناء عملى خبيراً بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية- سفرى فى مهمة علمية إلى فرنسا والتى استمرت ثلاث سنوات (1964-1967). أمضيت منها عامين فى كلية الحقوق بجامعة اديجونب للاستعداد لإعداد رسالة الدكتوراه فى القانون الجنائى التى كنت قد سجلتها قبل سفرى فى جامعة القاهرة. وبعد ذلك انتقلت إلى باريس وأمضيت فيها عاماً كاملاً تعمقت فيها فى دراسة علم الاجتماع وعلم السياسة.

عدت إلى القاهرة وبعد سنوات من العودة واستقلت من المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 1975 وعينت مديراً لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

فى هذا المركز كان أهم انجازاتى إصدار «التقرير الاستراتيجى العربى» عام 1987 ليصبح التقرير العربى الوحيد فى هذا المجال والذى أصبح مرجعاً عالمياً.

وبعد حياة حافلة كمدير لمركز الأهرام أنتجت خلالها عدة كتب أهمها االشخصية العربية بين مفهوم الذات وصورة الآخرب وكتاب «الوعى القومى المعاصر» وصلت إلى سن المعاش عام 1993 وبدأت مرحلة جديدة من حياتى كمستشار لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. وقد أتاح لى تفرغى الكامل للبحث العلمى ـ بعد أن تحررت من قيود إدارة المركز- أن أنتج أهم كتبى على الإطلاق، وقد بدأتها بكتابى االوعى التاريخى والثورة الكونية، الذى ألفت فصوله حين كنت أميناً عاماً لمنتدى الفكر العربى فى عمان (1990-1992). وتتالت كتبى بعد ذلك فى موضوعات شتى، وأهمها عن ظاهرة «العولمة» وبحوار الحضارات وباستشراف مستقبل المجتمع العربى.

 

وقد عدت إلى المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عام 1994 لأشغل منصب أستاذ علم الاجتماع السياسى. وبهذه الصفة أسست «المرصد الاجتماعى» الذى رأسته وضم فى عضويته أكثر من 15 أستاذاً فى مختلف تخصصات العلم الاجتماعى.

وقد أسست فى مكتبة الإسكندرية «مرصد الإصلاح العربى» بعد أن نظمت المكتبة عام 2004 مؤتمراً عربياً حاشداً عن الإصلاح السياسى. ووجدتنى فى الشهور الأولى من عام 2012 أتولى منصب مدير االمركز العربى للبحوث الذى يتخصص أساساً فى دراسة حركات الإسلام السياسى، ومعنى ذلك أننى أصبحت مسئولاً عن إعداد جيل جديد من الخبراء والباحثين كما فعلت من قبل ابتداء من عام 1975. كلمة أخيرة أختم فيها هذه السيرة الذاتية الموجزة. فى 3 سبتمبر عام 2013 وصلت إلى سن الثمانين، ومعنى ذلك أنه مضى علىّ فى ممارسة البحث العلمى خمسون عاماً كاملة، ووجدتنى وأنا فى غمار احتفال تلاميذى العديدين وأصدقائى ومعارفى بهذه المناسبة يصلنى خبر بحصولى على جائزة اسلطان العويس فى فرع الدراسات الاجتماعية والبحوث المستقبلية. وأحسست بسعادة غامرة لأن دلالة هذه الجائزة الثقافية الرفيعة أن مجتمع المثقفين العرب الذى أعرف رموزه البارزة فى المشرق والمغرب والخليج معرفة شخصية قرر أن يحتفل بى بمناسبة وصولى لسن الثمانين.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟