المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

مشكلات تمكين الشباب

الخميس 08/يناير/2015 - 01:59 م

تمكين الشباب عبارة ذاعت على وجه الخصوص بعد ثورة 25 يناير.ويرد ذلك أساساً إلى أن الذين بادروا بالثورة هم مجموعات من الناشطين السياسيين الذين نجحوا نجاحاً فائقاً فى استيعاب تكنولوجيا التواصل الاجتماعى عبر شبكة الإنترنت.

 واستطاعوا عن طريق «التشبيك» فى شن حملة تمرد على النظام السياسى فى عصر «مبارك» حين دعوا لمظاهرة فى ميدان التحرير يوم عيد الشرطة الذى تصادف كونه فى 25 يناير.  وقد لعب الموقع الإلكترونى الشهير »كلنا خالد سعيد« دوراً أساسياً فى حشد الشباب احتجاجاً على القهر السياسى وعلى المخالفات الصارخة لحقوق الإنسان.

ويقرر «وائل غنيم» فى الكتاب الذى أصدره عن الثورة أن من قادوا الحملة لم يكونوا متأكدين من الاستجابة لها، ولا لديهم أى فكرة عن أعداد الشباب الذين سينزلون إلى ميدان التحرير.

غير أن عوامل الثورة على النظام القديم -والتى كانت أشبه بالنار تحت رماد الخوف والاستسلام- تفاعلت ودفعت بملايين المصريين رجالاً ونساء وشباباً وكهولاً وأطفالاً للزحف إلى الميدان، وسرعان ما تطورت الظاهرة الاحتجاجية المحدودة لتصبح ثورة شعبية عارمة بعد أن تصاعد الهتاف «الشعب يريد إسقاط النظام». واستطاعت الثورة فعلاً بعد ثمانية عشر يوماً إجبار «مبارك» على التنحى وتسليم السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ولأن الشباب هم الذين أشعلوا فتيل الثورة فقد كان منطقياً فى الواقع أن يرتفع شعار ضرورة تمكين الشباب، والمعنى المضمر هنا تمكين الشباب من القيادة السياسية للبلاد.

غير أن العثرات المتعددة فى المرحلة الانتقالية أدت إلى نجاح جماعة الإخوان المسلمين فى اختطاف الثورة عبر انتخابات ديمقراطية شكلاً ومزيفة موضوعاً، والحصول على الأكثرية فى مجلسى الشعب والشورى هى وحزب النور السلفي.

ليس ذلك فقط بل نجحت الجماعة فى إنجاح »محمد مرسي« رئيس حزب الحرية والعدالة ليصبح رئيساً للجمهورية.

وهكذا -بعد تشرذم الشباب فى مئات الائتلافات الثورية- أغلقت الدائرة عليهم وفشلوا فى الحصول على عضوية المجالس النيابية.

ومن هنا تصاعدت الدعوات الملحة لضرورة تمكين الشباب. واستجابة لهذه الدعوات لجأ النظام السياسى الجديد الذى نشأ بعد 30 يونيو إلى طريقة غير مجدية فى التمكين، وهى إصدار قرارات وزارية تقضى بضرورة أن يختار كل وزير مجموعة من الشباب المعاونين له وكذلك المحافظون.

وهذه القرارات من فرط عدم منطقيتها- واجهت عثرات متعددة فى التطبيق، وأخطر من ذلك أنها لم تحل مشكلة تمكين الشباب. وإذا كان سيتم اختيار عدد محدود من المعاونين للوزراء والمحافظين فماذا عن جماهير الشباب الغفيرة التى تبحث جاهدة عن دور تلعبه فى مجال المشاركة السياسية، والإسهام الفعال فى عملية صنع القرار؟.

هذه هى المشكلة التى تصدى لها بجسارة شباب الباحثين العلميين فى المؤتمر الذى نحلل توصياته الهامة والذى عقده المركز العربى للبحوث بالاشتراك مع وزارة الشباب.

وفى تقديرنا أن شباب الباحثين نجحوا لأول مرة فى وضع حلول عملية شاملة لتمكين الشباب من خلال بحوثهم المتكاملة.

وقد توصل المؤتمر من خلال أبحاثه إلى أن الأحزاب السياسية لا تسمح بتمكين الشباب فى العمل السياسي.

وتقول التوصيات بهذا الصدد »يبلغ عدد الأحزاب المعلنة 87 حزباً مع وجود عدد محدود منها هو الأكثر نشاطاً فى مصر. وتعانى هذه الأحزاب من ضعف بسبب كثرة الانشقاقات فيها لأسباب متعددة منها أسباب شخصية، ومن ضعف البنية الهيكلية والتنظيمية لها، فضلاً عن عدم وجود حضور لها فى مختلف محافظات وقرى الدولة المصرية على نحو قد يؤدى إلى تكرار خبرة سيطرة حزب واحد على الحياة السياسية فى مصر نتيجة ضعف هذه الأحزاب وعدم وجود قوة لها على الأرض. فطوال الفترة السابقة على ثورة 25 يناير 2011 سيطر على الحياة الحزبية فى مصر »الحزب الوطني« وبعد ثورة 25 يناير 2011 كان حزب الحرية والعدالة هو حزب الأكثرية فى البرلمان.

وإذا كان هذا هو التوصيف الموضوعى لأحد أبرز أسباب تمكين الشباب فما هى الحلول التى يقترحها شباب الباحثين؟.

لقد توصلوا إلى أربعة حلول رئيسية. الحل الأول يتمثل فى ضرورة »تعزيز الممارسة الديمقراطية فى داخل الأحزاب المصرية، وأهمية تعزيز الوعى السياسى للشباب وتحسين فرصهم فى الفوز فى الانتخابات، وأخيراً فى تنشيط دور وزارة الشباب بالنسبة للأحزاب السياسية فقد دعت التوصيات إلى «تعزيز الممارسة الديمقراطية فى داخل الأحزاب المصرية وهذا يتطلب قرارا من كل حزب على حدة، ووضع برنامج لبناء الكوادر الحزبية الشبابية يضمن تصنيفهم إلى أربع مجموعات من الأعضاء هم عضو صاحب مصلحة، وعضو طموح، وعضو إيديولوجي، وعضو موسمي. ويتم تكوين هذه المجموعات إستناداً إلى معايير متعددة يدخل فيها مكون السن على نحو يضمن عدم تحميل الشباب بأعباء سياسية قبل نضجهم الكافى لتحملها».

 

والواقع أننا مع الاتجاه العام لهذا التوصيف، إلا أن لدينا ملاحظات نقدية على تقسيم الشباب إلى الفئات المشار إليها لأنها تفتقر إلى المنطقية. فليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه عضو صاحب مصلحة (بدون تحديد ما هى هذه المصلحة) وكذلك فالتفرقة بين العضو «الطموح» والعضو «الإيديولوجي» لا أساس لها، فليس هناك ما يمنع العضو الإيديولوجى (بالرغم من عدم تحديد ما يقصد بالإيديولوجية هنا) أن يكون طموحاً! أما حكاية العضو الموسمى فلا تصلح أساساً لأى تصنيف!

ولو نظرنا إلى التوصية الثانية الخاصة بأهمية تعزيز الوعى السياسى للشباب لوجدنا مقترحات عملية تستحق التنفيذ. وهى تبدأ بأهمية وتطوير برامج تثقيف سياسى تستهدف الشباب بفئاتهم المختلفة على نحو يرفع وعيهم السياسى فى القضايا السياسية المحورية، ويستهدف أصحاب الإعاقات والمرأة. وتشير التوصية كذلك إلى أهمية تدريس مواد حقوق الإنسان والتربية الوطنية فى المدارس الابتدائية، وتطوير برامج تضمن اكتساب الشباب المهارات الخاصة بالعمل السياسى والتى تمكنه من ممارسة المهام المنوطة به فى حال وصوله لأى منصب سياسي، سواء فى مجالس المحافظات أو فى البرلمان...».

وإيماناً بأهمية الإسهام الفعال للشباب فى الممارسة السياسية ذهبت التوصية الثالثة إلى »أهمية بناء قدرات الشباب فى مجال الدعاية الانتخابية من خلال ورش العمل التدريبية، والعمل على ضمان حضور متكافئ للمرشحين الشباب فى الانتخابات البرلمانية فى التليفزيون مقارنة بحضور المرشحين الآخرين«.

وتختم التوصيات بالدعوة إلى تنشيط دور وزارة الشباب فى مجال إعطاء فرص تدريبية.

ومما لا شك فيه أن الشباب الذين يكونون حوالى 60% من مجموع السكان فى مصر يحتاجون إلى وضع سياسة قومية فعالة لاستيعابهم اجتماعياً وثقافياً وقبل ذلك سياسياً، ويمكن القول إن توصيات مؤتمر شباب الباحثين تمثل إضافة قيمة للأفكار المتداولة الخاصة بتمكين الشباب، وتبرز أهميتها فى كونها شاملة ومترابطة وتتسم بكونها عملية وقابلة للتطبيق.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟