المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

نعم قادرون وسننتصر

الخميس 19/فبراير/2015 - 10:50 ص

كيرياليسون.. كيرياليسون.. كيرياليسون.. يا رب ارحم... يا رب ارحم... يا رب ارحم، الكلمة الناعمة فى نطقها باللغة القبطية المصرية، تسمعها فى الملمات والأزمات، وفى مواجهة العنف الوحشي، وفى المحن الشخصية والجماعية.. كلمة تقال بكل محمولاتها الإيمانية ودلالتها المترعة بالإنسانية إزاء الأحزان جميعها، ليست فقط التى تواجه الإنسان القبطى المصري، وإنما تلك التى تعصف بإخوتهم المسلمين المصريين، وأيضاً للإنسانية جمعاء، ليس لدينا ما يمكن أن نقوله فى هذه اللحظة التاريخية المفتوحة على الوحشية والذبح وفيضان الدماء والأشلاء، ومعها حزن عميق مؤلم بلا حدود على فتية ورجال أقباط أبرياء ذهبوا سعيا وراء الرزق فى بلد شقيق، لا يحملون فى أعطافهم وأحلامهم سوى إيمانهم وتسامحهم وسلامهم الداخلي.

يا لهم من فتية ورجال، آثروا الذهاب إلى دائرة الموت المعلن للجميع، حيث الرصاص والقنابل والصواريخ والنيران بلا حدود وانفجار للكراهية.. فتية ورجال شجعان ذهبوا إلى الأرض الخراب بحثًا عن العمل والرزق فى بيئة لا تحفل بالعمل المنتج والبناء والسكينة، وإنما زرع الخراب والموت، والحياة من خلال الدمار والأطلال والخرائب، ذهبوا ومعهم إيمانهم بالحياة والعمل هاربين من مخاطر الفقر وأشباح الجوع وغياب الأمل. ذهبوا مخاطرين بحياتهم هرباً من الموت فى الحياة وانعدام الفرص النادرة فى العمل، والمساواة، والتسامح والإخاء الوطني، والمحبة والحنان المشترك، وكل القيم الجميلة والنبيلة التى عاش عليها آباؤهم وأجدادهم فى ظل الأمة الواحدة الموحدة حول مصر الدولة والمجتمع وتاريخ التعايش المجيد بكل إيجابياته ومنحنياته الخطرة وسلبياته القاتلة -، نعم إنها الهجرة من الموت المعنوى والرمزى إلى الموت الوحشى على أيدى وحوش أسطورية لا تحمل سوى البربرية والتوحش إيديولوجية وعقيدة لها فى مواجهة الحياة ومن لا ينتمون إلى أفكارها الوضعية.. إنها قيم وإدراكات وسلوكيات وحشية لا يعرفها الإسلام العظيم الرسالة السمحاء والقيم الفضلى الحاملة لحرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية للجميع بلا تمييز - الذى علمه لنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه فى سنته القولية والفعلية للمؤمنين به وبرسالته السمحاء.

كيرياليسون.. كيرياليسون.. كيرياليسون.. يا رب ارحم عبادك الذين يعيشون فى سلام ومحبة وتسامح مع إخوتهم المسلمين فى هذه المنطقة التى تحللت فيها القيم الجميلة والتسامح والأخوة والمساواة والمواطنة لمصلحة منطق التوحش الذى لا رادع له من عقيدة، أو قيم، أو ثقافة، والذى انحسرت عنه الإنسانية كوجود ومعنى وقيمة عليا، وانكسر معه الحق فى الحياة ومعصومية الجسد والروح الإنسانية، المطلق الإنساني، كما علمنا ديننا الإسلامى العظيم.

 

إن التوحش والبربرية والعنف الدموى الذى تمارسه داعش ونظائرها وأشباهها يهدف إلى إشاعة أقصى درجات ومستويات الخوف، ومعه كسر الإرادة الإنسانية للإنسان أيا كان لونه وعرقه ودينه ومذهبه وقوميته وثقافته ونوعه، التوحش وظيفة سياسية وعقائدية ضالة، من هنا التوحش والبربرية هما رسالة موجهة للإنسان لتطويعه، وتحويله من مقام ومكانة الإنسان إلى مرتبة ما دون الإنسان، لأن الخوف يحطم الإرادة ويحول الإنسان إلى شيء ضمن الأشياء التى تحفل بها الحياة وتنكسر مع الخوف المعمم إرادة البناء والإبداع. إنه التوحش البربرى الذى ينال وينتهك ويحتقر الحق فى الحياة، والحق فى حرية الإرادة الإنسانية، والحق فى التفكير والإبداع والرأي، إنها البربرية الساعية لقتل الحريات، وتجعل من الخوف إلها وضعيا وثنيا يعبد من دون الله تعالى عز وجل والعياذ به من هكذا فكر وسلوك وحشي-، ويحول الحياة إلى موت مقيم فى الروح والفكر.

من إرادتنا الواحدة الموحدة، ورأسمالنا التاريخى فى البناء الحضارى وصناعة الحياة بالفكر والعمل والإبداع، سننتصر.. نعم قادرون على الانتصار بإرادتنا الموحدة على البناء والانتصار وهزيمة الوحشية والتسلط السياسى والدينى والرمزى.. إرادتنا الموحدة على مواجهة الفساد السياسى والوظيفى والانحطاط الأخلاقي، وخراب الذمم والأرواح.

نعم قادرون على النصر إزاء الخراب الذى أشاعه نظام الفساد والجهل والتسلط وتحالفاته الخارجية التى كسرت إرادتنا الوطنية.. نعم قادرون على هزيمة الإرهاب والتوحش والبربرية ومن يقف وراءهم.

نعم قادرون على مواجهة الحروب المذهبية، والإرهاب فى المنطقة، ومن يقف وراءهم، من سياسات وتراث استشراقى غربى وقف ضد الوطنية المصرية وحركتها التاريخية التى سعت للتحرر والاستقلال .. نعم قادرون على التصدى للبراجماتية السوقية الأنجلو أمريكية التى ساندت ودعمت تاريخيا الجماعات الدينية السياسية فى مواجهة الحركة الوطنية منذ المرحلة شبه الليبرالية وحتى مرحلة ثورة يوليو 1952، ونزوعها التحررى والاستقلالى والتنموى من الحلف الإسلامي، إلى الحرب فى أفغانستان، ودعم الحركات الإسلامية الراديكالية، ثم دعم بعضهم عقب الانتفاضات العربية وإجهاضها لإعادة رسم الخرائط السياسية الجديدة لنمط إمبريالى عولمى جديد فى عالمنا العربى.

نعم قادرون بوحدة الإرادة الوطنية، ومواجهة الطغيان الداخلي، وبالأخوة الوطنية بين المسلمين والأقباط، والمواطنة الكاملة غير المنقوصة بين المصريين جميعا بلا تمييز أيا كان معياره.

نعم قادرون على النصر المؤزر وضرب أوكار وشبكات الفساد فى الدولة وأجهزتها، وفى قطاع الأعمال العام، وفى القطاع الخاص، وفى المجتمع.. نعم قادرون على النجاح من خلال رؤية جديدة ومتكاملة للتنمية، وللحرية والمشاركة السياسية الفاعلة. نعم قادرون وسننتصر.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟