المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

البرلمان فى الدائرة البلّلورية

الخميس 14/يناير/2016 - 05:28 م

يواجه البرلمان المصرى عديدا من المشكلات المهمة، وسوف يتوقف نجاحه أو إخفاقه فى أداء المهام الدستورية المنوطة به فى إنتاج التشريعات، وممارسة دوره الرقابى، على مدى قدرته على مواجهة المشكلات المتراكمة التالية:

1- ضعف الثقافة الدستورية والقانونية فى ظل الدولة التعبوية ما بعد ثورة يوليو 1952، وتحول البرلمان إلى مجرد آلة تمرر من خلالها السلطة التنفيذية مشروعات القوانين التى تعدها، وحاملة عديد من المصالح السلطوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنخبة الحاكمة وظهيرها الاجتماعى، وبعض الشرائح الاجتماعية، وذلك لاعتبارات تتصل بدور الدولة فى التدخل الاجتماعى والقانونى لصالح بعض الشرائح المعسورة، أو من الفئات الوسطى، وذلك لتحقيق بعض من التوازن الاجتماعى، وتحقيق الاستقرار السياسى والحيلولة دون انفجارات اجتماعية، وتمردات سياسية على النظام التسلطى ونخبته الحاكمة التى ظلت هى والنظام يعانيان من مشاكل عديدة وشروخ فى نظام الشرعية السياسية.

2- أن شرعية البرلمانات وتشكيلاتها المختلفة منذ بدايات ثورة يوليو، حتى البرلمان الانتقالى ما بعد 25 يناير 2011، ظلت دائما موضعا للشكوك العميقة، وذلك لشيوع ظاهرة تزوير الإرادة العامة للجماعة الناخبة من خلال آليات التزوير المتعددة للانتخابات لصالح مرشحى الحزب السياسى الحاكم، أو فى تزوير الاستفتاءات العامة. من ناحية ثانية: هيمنة ظاهرة العزوف السياسى عن المشاركة فى الانتخابات العامة، والاستفتاءات على نمط السلوك الانتخابى المسيطر فى البلاد، كنتاج لفقدان ثقة الجماعة الناخبة فى صدقية العمليات الانتخابية، وفى مدى تعبير البرلمانات وتشكيلاتها المتعاقبة عن اختياراتهم ومصالحهم. من ناحية ثالثة: تفاقم ظاهرة الرشى الانتخابية وتمددها كأحد أبرز ملامح الانتخابات. من ناحية رابعة: هيمنة التسلطية السياسية وموت السياسة على نحو جعل البرلمانات محض أدوات للنخبة الحاكمة تحركها كما تشاء ووقتما تزيد من ناحية خامسة: سطوة أبنية القوة التقليدية - القبائل والعائلات الكبيرة - فى الأرياف ومساهمتها فى ظاهرة التزوير الجماعى لأصوات الناخبين داخل دائرة قوتها التصويتية، وفى مناطق أخرى. من ناحية سادسة: ميل أعضاء البرلمان- الأمة والشعب والنواب -إلى تحقيق مصالحهم الخاصة أو بعض أبناء دوائرهم المؤثرين انتخابياً، واعتبار غالبهم أن دورهم هو الاهتمام ببعض أمور دوائرهم على قلة هذا الاهتمام، على نحو جعل عضو البرلمان أقرب إلى عضو مجلس محلى أكثر من كونه عضواً يمثل الأمة/ الشعب.

 

من ناحية سابعة: تداخل أجهزة الدولة الأمنية وغيرها فى التأثير على توجهات البرلمان وبعض أعضائه المؤثرين، والكتل التى تنتمى بولائها لها، وللنظام الحاكم ونخبته المسيطرة.

 

3- تراجع مستويات الصناعة التشريعية، من حيث الصياغة الفنية والإحاطة بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتوازنات بين المصالح المتنازعة لمشروعات القوانين، وهو أمر يعود إلى تدهور مستويات التعليم القانونى والاجتماعى فى كليات الحقوق، والشريعة والقانون وضعف مخرجاته وخريجيه، وانكسار الجسور ما بين فقه القانون العام والخاص السائد فى مصر، وبين المدارس العلمية المختلفة فى الأحزمة القانونية اللاتينية، والإنجلو أمريكية والجيرمانية، وغيرها فى بعض بلدان الجنوب كما فى الهند الأنجلو سكسونية على تجاربها ونظمها الخاصة، وهو ما يشكل مكونات القانون المقارن. ويستثنى من ذلك انفتاح المحكمة الدستورية العليا على المبادئ الدستورية والقضائية السائدة فى المحكمة العليا الأمريكية. هذه الظاهرة وهناك استثناءات محدودة لدى بعض الفقهاء - أدت إلى أفقار الفقه والمعرفة القانونية.

 

4- فقر الملكات اللغوية القانونية والسياسية لدى غالبية أعضاء البرلمانات، والأستثناءات محدودة، وهو ما يبدو فى هزال الخطاب البرلمانى التشريعى والرقابى، وضعف الأداء فى أثناء مناقشة مشروعات القوانين، أو تقديم الأسئلة، وطلبات الإحاطة والاستجوابات.

 

5- غياب رؤية حول فلسفة القوانين عموماً، وسياسة تشريعية سواء لدى البرلمانات، أو السلطة التنفيذية لسيطرة البيروقراطية التشريعية على عمل الحكومات ورؤساء الجمهوريات، ونقصد بها الإدراك الأداتى للقانون كحل للمشكلات المركبة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والربط بين السياسات الاجتماعية والقوانين كجزء من الحلول وليس هى الحل الوحيد.

 

6- البرلمان الحالى انتقالى بامتياز، وذلك بقطع النظر عن مقاطعة الأجيال الشابة وآخرين للانتخابات التى جاءت به، وبروز بعض النزعات الاستعراضية لدى بعض أعضائه، والمستوى الذى ظهر فى الجلسة الافتتاحية، ومستوى الخطاب البرلمانى الضعيف.

 

من هنا يتعين على رئيس البرلمان والوكيلين وأعضاء المكتب واللجان الأساسية، والأحزاب السياسية الممثلة، ومعها الائتلاف الداعم للحكم اتخاذ مجموعة إجراءات لتجاوز المشكلات السابقة المتراكمة، والضعف البادى على تشكيل مجلس النواب وذلك فيما يلى:

 

1- أعداد أوراق حول أزمات النظام القانونى المصرى فى مختلف المجالات، ثم تحليل لأزمات السياسة التشريعية المتراكمة، ثم تقدم كافة القوى البرلمانية تصوراتها حول السياسة التشريعية المبتغاة، والقوانين المطلوب إعدادها أو تعديلها فى ضوء أهداف السياسة التشريعية.

 

2- ضرورة إنشاء منتدى تشريعى مصرى عربى، كمنظمة طوعية يشارك فيها الأحزاب والمستقلون وأعضاء الائتلاف الداعم للحكم، يتم من خلاله الحوار وبناء العلاقات والتحالفات بين البرلمان المصرى والمجالس التشريعية العربية، وذلك لتبادل الخبرات القانونية، وتنشيط الدور العربى للبرلمان من خلال أدوات غير حكومية.

 

3- تشكيل مجموعات من أهل الخبرة القانونية والاقتصادية والاجتماعية كخبراء للمجموعات التى يتشكل منها البرلمان، تقدم لهم الخبرة الفنية والاجتماعية والتشريعية.

 

إن استمرارية الأداء الذى ظهر به الأعضاء وأحاديثهم المتلفزة والصحفية ستكرس فجوة الثقة مع أجيال وقطاعات اجتماعية، ولابد من ردم الهوة بين المجلس وهذه الفئات، ومن ثم العمل الجاد نحو إصلاحات تشريعية واسعة تحتاج الدولة والأمة لها للخروج من آثار التخلف السياسى والقانونى السائد.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟