المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

تجديد حياتنا ودولتنا وأفكارنا

الخميس 18/فبراير/2016 - 02:39 م

حياتنا، وأفكارنا، ونظراتنا، مترعة بالجمود فى نظم الأفكار، فى الرؤى والسياسات، فى الدولة وسلطاتها وهياكلها، فى النظام السياسى، فى أنماط التدين الشكلى الشائعة بينناً، فى النوستالجيا أو الحنين إلى الماضى الذهبى- الذى لم يكن كذلك فى الغالب- فى الفجوات بين الأجيال الجديدة وحركيتها وبعض الحيوية فى أصلابها، وبين الشيخوخة الفكرية والسياسية. من هنا تبدو ضرورات التجديد الشامل، الذى يرتكز على الإصلاح أساساً الذى تتطلبه الأوضاع الانتقالية التى نحياها وهذه الضرورة تعود إلى عديد الاعتبارات ومنها:

1- استمرارية الشيخوخة الجيلية، ونظام التجنيد للنخبة الحاكمة الذى لا يزال مستمراً على الرغم من التغيرات التى تمت منذ انتفاضة يناير حتى الآن.

2- بروز تآكل فى الإجماع القومى، والرضا العام عن حال البلاد والسياسة والعباد.

3-جمود الفكر السياسى المحافظ واليسارى السائد، وعدم قدرة كل التيارات على التعامل مع المشكلات الممتدة والمتفاقمة، والرجوع إلى الشعارات والسياسات والأفكار السابقة على 25 يناير، و 30 يونيو، والظهور المجدد لبعض الوجوه البيروقراطية من الأجهزة المختلفة - والبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبعض هذه التيارات التى تجاوزها الواقع الاقتصادى والاجتماعى الكونى، والمصرى وتجارب التنمية المختلفة فى بعض دول القارات الثلاث الناهضة.

4- عدم متابعة التطورات فى مدارس الفكر والعمل السياسى فى شمال العالم وجنوبه المتغير، والأزمات الكبرى التى تواجه الرأسمالية، والمفاهيم الليبرالية الغربية، فى ظل أزماتها الكبرى لاسيما بدءا من الأزمة المالية العالمية فى 2008، وتدخل الدولة لإنقاذ الاقتصاد فى الولايات المتحدة وفى عديد من البلدان الأوروبية.

5- سطوة البيرو- تكنقراطية من الموظفين داخليا أو ممن يعملون فى بعض المنظمات الدولية فى توجيه السياسات ومتابعة تنفيذها، وهؤلاء يعكسون أزمة فكر وسياسات وتوصيات تسود لدى نمط الموظف الدولى البيروقراطى- فى الأمم المتحدة ومنظماتها، وفى صناديق التمويل الدولية والإقليمية- الذى يضع حلولا نمطية عالمية التوجه دون نظر لطبيعة التراكيب الاجتماعية- والثقافية داخل عديد من بلدان الجنوب. خطاب الموظف البيروقراطى الدولى هو سليل بيروقراطية من نوع خاص، لديها عديد من المزايا والضمانات وتتصور أنها فوق الدول والمجتمعات، ويساند بعضها بعضاً، ويخضع بعضهم فى حراكهم لأعلى على الامتثال والمداهنة والموالاة لرؤسائهم، وللدول الكبرى وممثليها فى هذه المنظمات والمؤسسات. والأخطر أن خطابهم الاقتصادى- السياسى، والاجتماعى يتسم بنمط من اللغة المحايدة والعامة والتى يداخلها بعض الغموض، أنها لغة رمادية بامتياز.

هذا النمط من الخطاب الدولى المراوغ والرمادى، يتم فرضه وتتبناه غالب الحكومات والبيروقراطيات المصرية والعربية، وبعض الأحزاب السياسية التى باتت تفتقر إلى المفكرين والمنظرين الكبار ممن هم على صلة بواقعهم ومشكلات وحركة الفكر الاقتصادى على المستوى الكونى.

6- شيوع ثقافة الكسل واللا عمل داخل بيروقراطية جهاز الدولة، والقطاع الخاص.

7- إدمان الفساد فى كل مناحى الحياة، بحيث أصبح آلية تسيير الحياة فى الدولة وخارجها، وبين غالب رجال الأعمال وأغلبية «المواطنين»!.

8- اتخاذ التدين الشكلى والاعتقادات الوضعية البشرية حول المقدس والأصول كأداة للتوازن النفسى والاجتماعى فى مواجهة أشكال الفساد المعمم، والازدواجية، بحيث أصبح المغالاة فى إبراز شكليات التدين بمثابة قناع لإخفاء الكسل والفساد على المستويات الشخصية، وأحد أشكال التواطؤ الجماعى بين المصريين وسواهم من العرب - بعضهم بعضاً. أنها حالة لبناء توازنات نفسية شخصية وجماعية إزاء المراوغات والكذب والفساد، وكل نقائض الإيمان الحقيقى والحى وقيمه وفضائله.

9- عدم إيلاء أهمية لخطورة الانفجار السكانى الضخم على مستقبل البلاد والأجيال الجديدة فى ظل شح الموارد المالية، وضعف التصنيع، وتردى مستويات ونوعية الموارد الزراعية، والمائية، والطبيعية، والتى تنذر بكوارث مستقبلية.

10- التدهور الكبير فى أنظمة وسياسات ومناهج التعليم فى كافة مراحله حتى الدراسات ما بعد العليا، وضعف مستويات الخريجين بما فيهم غالب الحاصلين على الماجستير والدكتوراه وتراجع مستوى الجامعات والمعاهد العليا من حيث الكفاءة فى العمليات التعليمية ومناهج الدراسة وتخلفها مقارنة بجامعات فى المنطقة والعالم.

11- ضعف ونوعية مستويات التجنيد للنخبة السياسية الحاكمة - التشكيلات الوزارية وكبار قيادات أجهزة الدولة - عن مستوياتها حتى أوائل عقد التسعينيات من القرن الماضى، ونهاية فوائض كفاءات المرحلة شبه الليبرالية، والاستبعاد الممنهج للكفاءات والخبرات والمواهب المصرية فى أجهزة الدولة على اختلافها.

12- تردى مستويات العاملين فى الأجهزة الإعلامية المرئية والسمعية والمقروءة، من حيث التكوين العلمى والثقافى والاحترافى والاستثناءات محدودة بين هؤلاء، على نحو جعل الإعلام لاسيما المرئى والمقروء- القومى والخاص- بمثابة أداة لإلهاء المواطن، والتشويش على إمكانية طرح المشكلات الهيكلية للدولة والمجتمع، وتشخيصها وتحليلها وتقديم الحلول لها.

13- هامشية دور الثقافة، فى إطار سياسات التعليم والدين والاقتصاد .. الخ، وضعف مواردها المالية ومن الكفاءات، وتراجع بل وتدنى مستويات غالب العاملين من بيروقراطية وزارة الثقافة فى ظل غياب رؤى وسياسة ثقافية فعالة لاسيما بعد 25 يناير 2011، وما تم تداوله من رؤية لم تخرج من كواليس الحكومة من حيث الخطة أو الدعم المالى لميزانيتها التى يذهب أكثر من 84% منها إلى الأجور والمكافآت للعاملين بالوزارة.

ثمة اعتبارات أخرى كثيرة تجعل من التجديد فريضة وضرورة قصوى لخروج الدولة والأمة والنخبة من الطرق المسدودة التى وصلت إليها عبر سياسات مختلة طيلة عقود عديدة، وقيادات لم تكن على مستوى التحديات الكبرى والضارية التى تواجه بلادنا، وكتب على أجيال مختلفة أن تدفع ثمن خطايا سياسية مركبة، ومن ثم لا يبدو أمامنا من طريق إلا التجديد الشامل والعميق فى فكرنا وتديننا وحياتنا وسياساتنا، ونخبنا السياسية التى تعيد إنتاج أخطائها بلا ملل أو سأم. التجديد هو الحل!.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟