المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

نحو سياسة للتعايش والتسامح

الخميس 14/أبريل/2016 - 11:36 ص

هل هناك ما يدعو إلى سياسة التسامح والتعايش فى مصر؟ والسؤال على السؤال، وهل هناك ما يسوغ طرح هذا السؤال مصريا؟

نعم لأن الحالة المصرية تختلف عن غيرها من الحالات العربية والإقليمية الأخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى:

أ - مصر دولة/ أمة موحدة منذ بناء الدولة الحديثة فى إطار الحركة الوطنية الدستورية المعادية للاستعمار البريطانى وتأسيس النظام الليبرالى، وفى ظل النظام الجمهورى.

ب - الجوامع الوطنية المشتركة لا تزال تعلو على الانتماءات الأولية الدينية والمذهبية والمناطقية والعرقية على الرغم من بعض الحيف الذى مس بعض هذه المكونات تاريخياً.

ج - ثقافة الدولة المصرية الحديثة لاتزال تشكل ديانة وضعية لدى المصريين لأنها أحد أبرز محاور توحدهم لميراثها التاريخى فى الوعى الاجتماعى لهم، ومن ثم هى مناط أملهم ورجائهم فى الأزمات الكبرى. قوة الدولة المصرية وقدراتها على التماسك العضوى ظهرت فى لحظات الفوضى، والانفلات الأمنى والاضطرابات، وقدرتها على السيطرة، هو ما ظهر فى عديد الأزمات الكبرى، وآخرها ما حدث فى أعقاب 21 يناير 2011، وما بعد، وفى 30 يونيو وما بعد لاسيما حول البيروقراطية والمؤسسة العسكرية، وهو ما شكل حالة متفردة فى المنطقة.

أن الحاجة إلى سياسة التسامح والتعايش فى مصر تتمثل فيما يلى:

 

1- ميراث من التوترات الدينية الإسلامية- المسيحية تحولت فى بعض الأحيان إلى نزاعات ذات طبيعة طائفية.

2- بعض أشكال التمييز على أساس دينى، ظهرت فى سياسة التعيين/ التجنيد فى بعض الوظائف العامة القيادية فى الحكومة وقطاع الأعمال العام، وفى أجهزة الدولة.

3- بروز بعض أشكال التمييز فى تقديم بعض الخدمات العامة من موظفى الدولة، وفى المدارس الحكومية من بعض المدرسين والمدرسات.. الخ.

4- الخطابات الدينية التمييزية للجماعات الإسلامية السياسية والراديكالية والسلفية، ومن داخل عناصر فى المؤسسة الدينية الرسمية، وبعض الجمعيات الأهلية الإسلامية فى مراحل الانتقال السياسى الثلاث لاسيما الأولى والثانية تحت حكم الإخوان والسلفيين.

5 - تراكمات الثقافة العامة السائدة، وبعض مكوناتها الإقصائية، والتمييزية الدينية والمذهبية والذكورية والطبقية.

الأسباب الداعية لسياسة التسامح سابقة السرد، تشير إلى أنها سياسة مساعدة لسياسة المواطنة، وليست بديلاً عنها لأنها الأساس دستوريا وقانونيا وسياسيا واجتماعياً وثقافياً، ومن ثم تبدو ضرورات تجديدها حول دولة القانون الوضعى الحديث من الأهمية بمكان كنقطة انطلاق لتحقيق مبادئ المساواة والمواطنة وعلى رأسها حرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.

هل هناك مقترحات لسياسة للتسامح مصرية تتسم بالواقعية والنزعة العملية؟

نقصد بسياسة التسامح والتعايش، هو مجموعة القيم السياسية والاجتماعية والدينية التى تحضُ على التعايش الوطنى بين كافة مكونات المجتمع على تعددها الدينى والمذهبى والعرقى والمناطقى والنوعى/ الجندرى وهى قيم المغفرة والصفح، وعدم التمييز ورفض الإقصاء، والمساواة والمواطنة، وإعمال قانون الدولة. تعتمد سياسة التسامح والتعايش على مجموعة من البرامج والآليات فى المجالات الدينية والتعليمية والثقافية، وذلك على النحو التالى:

أولاً: تضع الدولة وأجهزتها بالتعاون مع المجتمع المدنى وأصحاب الشأن بعض البرامج التعليمية والدينية، تعتمد على ما يلى:

1- الدعوة إلى تعديل كافة النصوص القانونية التى تؤدى إلى التمييز بين المواطنين أيا كانت انتماءاتهم.

2- وضع برامج تعليمية وثقافية تحضُ على التسامح كمفهوم وممارسة فى الأديان المختلفة، وفى نبذ التمييز، وذلك على المستوى التاريخى، والتجارب المختلفة للتسامح .

3- وضع برامج تدريبية تقوم على المشاركة بين المتدربين وبين المدربين حول التعايش والتسامح والمواطنة.

4- مشاركة الجمعيات الأهلية والمراكز الحقوقية فى وضع برامج نظرية وتدريبية حول التسامح، سواء للنشطاء فى المجتمع المدنى أو فى إطار أجهزة الدولة، أو لطلاب وطالبات المدارس والجامعات.

5- إعادة تأهيل رجال الدين على ثقافة التسامح والتعايش وتأهيل العاملين فى المجال الإعلامى، والمدرسين والمدرسات من قبل الابتدائى إلى الثانوى، بل وفى الجامعات لاسيما بعد الموجة الإسلامية السياسية التى تمددت فيها، ولدى بعض أعضاء هيئات التدريس فى الجامعات المصرية لاسيما الإقليمية.

6- قيام المراكز الصحية الحكومية والأهلية المخصصة بمتابعة ولادات الأطفال ورعاية أمهاتهن فى مراحل الحمل والولادة وفى أعقابها بالقيام بإعطاء بعض الإرشادات حول تربية الأطفال على التسامح بين بعضهم بعضا، وفى عدم التمييز بين الفتيان والفتيات داخل الأسرة، وخارجها. ربط هذه الدروس بالصحة النفسية للطفل.

7- إعداد برامج تدريب على ثقافة التسامح وقبول الآخر الدينى والمذهبى والسياسى والاجتماعى للمدرسين والمدرسات، فى رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. لابد أيضا من دمج هذه البرامج ضمن المناهج المقررة للامتحانات، وفى التعبير والنصوص المقررة ودروس الرياضة، والتربية الفنية والمنزلية، فى الرسم والنحت وكموضوعات فى ربط ثقافة الطعام بالمناطق والأعياد الدينية والصيام، وذلك لربط التسامح بأنماط الحياة اليومية.

8- تأليف كتاب عن ثقافة المواطنة والتسامح والتعايش يتم إقراره على طلاب وطالبات الجامعات والمعاهد العليا فى البلاد، وتوضع اختبارات سنوية لهم فى هذا الصدد.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟