المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

الأداء البرلمانى والغضب السياسى.. الحاجة إلى التطوير

السبت 08/أكتوبر/2016 - 03:18 م
الأداء البرلماني لممثلي الشعب ليس على ما يرام! إنه يزيد من حالة الغضب والتوتر السياسي والاجتماعى والاقتصادي في البلاد، ويعود ذلك لما يلي:
1- الفجوة المتزايدة بين أعضاء البرلمان، وبين فئات اجتماعية واسعة على رأسها الأغلبيات الشعبية التي عادة لا تبالي بما يجري من مناقشات، أو مشروعات قوانين داخل المجلس، لاهتمامهم بمواجهة عسر الحياة اليومية، والبحث عن العمل، أو ارتفاعات الأسعار كنتاج للتضخم الركودي السائد. الفئات الوسطى تعاني من احتمالات تراجع مكانتها الاجتماعية من فئة وشريحة لأخرى كنتاج للتضخم وتراجع الفرص الاجتماعية في الصعود لأعلى، وجُل ما تسعى إليه هو محاولة البقاء في الحدود المعقولة لنمط حياتها الذي ألفته. والشرائح العليا من الفئات الوسطى، لا تعاني كثيراً في حياتها لقدرتها على الإبحار مع ارتفاعات الأسعار إلا أنها تعاني كرجال أعمال أو ملاك عقارات، أو شركات من مشكلات تتعلق بالتكيف مع حالة الركود ونقص الموارد من العملات الأجنبية ــ والدولار أساساً-، ومشكلات التصدير .. إلخ، أو خشية بعضهم من العاملين في بعض الشركات الكبرى من الاستغناء عن خدمات بعضهم، ومن ثم مواجهة نمط من البطالة والخوف من ضياع الفرص. لا شك أن ارتفاع مستوى الأداء التشريعي ذ في المبادرة بمشروعات القوانين، أو في المناقشة الجدية لمشروعات السلطة التنفيذية بقوانين-، وسعيه إلى تحقيق المصلحة العامة منظوراً إليه من وجهة مصالح الفئات الاجتماعية الواسعة، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، يؤدي إلى استيعاب الاحتقانات الاجتماعية والغضب السياسي، لاسيما في حال رقي الأداء الرقابي من خلال أدواته المتعددة واستخدامها بكفاءة ورصانة وبراعة سياسية، على نحو يسمح بتأكيد الشرعية الموضوعية والشكلية للبرلمان وتشكيلته الراهنة، وهو أمر بدأ في التراجع كنتاج لممارسة بعض أعضائه خلال الممارسة البرلمانية الماضية.
2- ضعف بعض الأحزاب السياسية التي لها أعضاء داخل التشكيلة البرلمانية، من حيث الانضباط التنظيمي، ووحدة الموقف السياسي، وتراجع مستوى بعض أعضائها من حيث التكوين والخيال السياسي، والمهارات التشريعية والرقابية.
3- تراجع نوعية بعض أعضاء البرلمان من حيث الخبرات السياسية، والقانونية، وهو ما يلاحظ في ضعف مستويات خطابات بعضهم التشريعية والسياسية، وميلُ بعضهم إلى التركيز على بعضُ القضايا الثانوية وعدم التنبه إلى القضايا المركزية التي تواجه الدولة وسلطاتها في المرحلة الانتقالية الثالثة، سواء على مستوى إصلاح بُنى السلطات، وأجهزة الدولة المختلفة، أو استعادة تماسكها وقدراتها وحيويتها، وفي ترميم العلاقة بين الدولة وبين المواطنين، أو مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. من هنا يمكن تفسير ضعف المناقشات والجدل حول مشروعات القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية، ومعها شبه غياب لمبادرات أعضاء البرلمان في التقدم بمشروعات قوانين مهمة.
4- تركيز بعض أعضاء البرلمان على الممارسة الاستعراضية من خلال بعض التصريحات المثيرة الحاملة لمواقف اجتماعية محافظة ومتزمتة إزاء المرأة وجسدها، وبما يمس كرامتها كقيام بعض النواب بالتعريض بمواطنية المرأة وحقوقها، ودعوته إلى الكشف على عذرية الفتيات قبل دخولهن الجامعة والمعاهد العليا، وهو جزء من تركيز هذا النائب على بعض الأمور الجنسية الإثارية، وهو أمر يعني أن قدرة المجلس ورئيسه واللجان المتخصصة لا تشكل رادعاً إزاء الأعضاء حال خروج بعضهم على تقاليد العمل البرلماني. 5- بعض النواب يقومون ببعض الأعمال التي تخرج على حدود اللياقة والقانون، تحت تصور واهم أن الحصانة البرلمانية تشمل كل سلوك النائب وتعاملاته خارج نطاق تمثيله للأمة داخل البرلمان، على نحو ما رأينا من قيام نائبه بالتدخل الفظ والخارج على قواعد القانون داخل أحد أقسام الشرطة للإفراج عن أحد ذويها رغم قيامه بحادثة سير عمداً إزاء أحد قادة السيارات، وامتد تهجمها اللفظي واستعلاؤها على أحد الضباط داخل قسم الشرطة المختص. وهي واقعة دالة على كيف يدرك بعض الأعضاء لوظيفة الحصانة البرلمانية وكأنها ميزة استعلائية لهم فوق القانون، وليس لحماية ممارستهم لعملهم التشريعي والرقابي من أية تأثيرات سلبية سلطوية وغيرها قد تمس عملهم البرلماني واستقلاليتهم.
في ضوء ما سبق يتبين أن ثمة احتياجا سياسيا وموضوعيا لإعادة نظر غالبُ أعضاء البرلمان في سلوكهم البرلماني والسياسي، ومصادر إنتاج غضب بعض اتجاهات الرأي العام، إزاء بعض ممارسات الأعضاء وخطابهم السياسي والتشريعي الذي يتسم بالعفوية أو الآراء اللاعلمية في قضايا ومشكلات تتسم بالتعقيد والتركيب لأنهم لا يستشيرون أهل الخبرة والتخصص، ومن ثم تشكل استمرارية هذا الخطاب البرلماني المحمول على العفوية والإثارة، مساهمة في تمدد الغضب الجماهيري إزاء البرلمان، وهو ما قد يفتح الطريق إلى خيارات صعبة. تصحيح الأداء والسلوك والخطاب لا يزال خياراً ممكناً شريطة إعمال العقل السياسي، والأداء الكفء رقابياً وتشريعياً .. هيا للعمل!

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟