المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

تجديد النخبة وإحياء سياسة الأمل

الأربعاء 03/مايو/2017 - 05:05 م
أحوالنا العامة السياسية والاجتماعية والثقافية بالغة الخطورة والاستثنائية، واستمراريتها ستؤثر على وجودنا السياسى على خرائط المنطقة ومدى فاعليتنا وقدرتنا على مواجهة مصادر التهديد المتعددة الداخلية والخارجية؟ 


قدراتنا تتراجع، وفاعليتنا السياسية ضعيفة، وأصبحنا غير قادرين على التأثير فى أزمات الإقليم إلا قليلاً، وهذا يطرح علينا عديد الأسئلة المهمة وعلى رأسها ما يلي: 

1- هل يمكن أن تستمر حالة اللامبالاة الجماعية إزاء مشكلاتنا، واستبدال المبادرات والفاعلية باللجوء فقط إلى خطابات نقد الدولة وأجهزتها، والنخبة السياسية الحاكمة والمعارضة، وتفريغ فوائض الغضب السياسى والجماعى من الأداءات الرديئة التى يغيب عنها الرؤية والخيال والفعل السياسى الخلاق؟ 

2- هل تستمر حالة التواطؤ الجماعى على الأمراض السياسية والاجتماعية التى يعانيها النظام السياسي، والبناء الاجتماعي، والنخب، دون أن نفتح الأبواب أمام حرية النقد الموضوعى لوصف وتحليل ثقافة التواطؤ والازدواجية والكذب وكراهية العمل الخلاق والفعال فى إطار الدولة ومؤسساتها وأجهزتها؟. 

هذا التواطؤ والتكيف مع الفساد السياسى والوظيفى فى أجهزة الدولة وخارجها، وتحويل الوظيفة العامة إلى سلعة من السلع التى تباع وتشترى فى سوق الفساد، من الذى يقوم به، هل هى كائنات أسطورية هابطة من السماء أم هى نتاج سلوك اجتماعى ووظيفى جماعي، يمارسه بعض من الموظفين العموميين، ومواطنين عاديين، وبعض من النخب المالية والتجارية؟هل تستمر شكوانا الجماعية من غياب أو ضعف فعالية قانون الدولة وتطبيقه على السلوك الاجتماعى فى الدولة والمجتمع، بينما نخرق أحكامه وقواعده فى حياتنا اليومية؟ هذه الأسئلة وغيرها لا تجد مواجهة صريحة لها من كل مواطن إزاء نفسه وتجاه الآخرين، وجل ما يحدث هو هذا الإنتاج المستمر للشكاوى والصراخ واللغو فى إطار سردية الفساد وغياب القانون، والفشل، والسلبية، وضعف الإنجاز. 

نعم هى مسئولية المجتمع وعلى رأسه النخب السياسية العاجزة التى تفتقر إلى الهمة والإرادة والعمل الفعال، لأنها استكانت إلى سياسة إشاعة الخوف وتضخيم التهديدات والمخاطر كإحدى أدوات السيطرة والحكم، بالإضافة إلى أدوات أجهزة القمع الدولتى المشروع؛ كيف يمكن للنخبة السياسية أن تصوغ سياسة الأمل، بينما بعض مكوناتها يمارس سياسة اللا أمل؟ كيف يمكن زرع الآمال الجماعية والفردية فى مستقبل أفضل لمواطنى الأمة المصرية، بينما تهيمن سياسة توريث الوظائف والمهن، هى تعبير عن تواطؤ هذه النخب السياسية والمهنية فى جميع القطاعات التى تورث أبناءها المهن، وتهدم مبدأ تكافؤ الفرص، والمساواة بين المواطنين، وأولوية الموهبة والكفاءة والإنجاز؛ من هنا أصبح التوريث، فى التمثيل، والطب والصحافة والتلفاز، وفى الجامعات، وأصبح بعض أعضاء هيئات التدريس يدعمون أبناءهم لوراثة مواقعهم؟ هل هذا معقول؟ هل مقبول هذا التواطؤ فى غالب المهن؟! لم يعد الأمر مقصورا على المهن، وإنما نجده فى بعض المصارف! هل هذه هى قيم الجمهورية، والدولة الحديثة التى تعتمد على المساواة وتكافؤ الفرص! 

هل يمكن أن تحدث تجديدات أو إصلاحات إدارية فى ظل هذا الترهل البيروقراطى والأداء الكسول والفساد الإدارى والتواطؤ على اللاعمل، أو اللاكفاءة! 

هل يمكن أن نستنهض الروح الجماعية للأمة، فى ظل غياب الطلب السياسى والاجتماعى الفعال على المواهب والكفاءات، وذوى المعرفة والتكوين الجاد؟ هل نستطيع تجديد الدولة وهياكلها دون تجديدات شاملة لهياكلها، وأساليب تجنيد النخبة الحاكمة على أسس ومعايير الكفاءة، بديلاً عن المحسوبية والوساطات والأصل الاجتماعي؟ 

هل يمكن تحفيز المواطنين جميعًا على المبادرة والمسئولية الفردية والجماعية، بينما يسود الإهمال فى بعض أجهزة الدولة ومؤسساتها؟ 

أسئلة تتناسل من أسئلة وكلها يدور حول إدمان الشكوى، دون مبادرات لمواجهة أسبابها، وكلها تعبير عن سياسة اللاسياسة، أو موت السياسة فى حياتنا الذى أدى إلى الموت الاكلينيكى للنخب ـ إذا جاز التعبير، لأن غياب السياسة والمجال العام المفتوح، والخلط بين المجالين الدينى والسياسي، والقيود المفروضة عليها، يؤدى إلى تعثر إنتاج النخب السياسية، وإلى غياب الرأسمال السياسى الخبراتي، والمهارات، والأفكار العملية التى تساعد على إنتاج نخب كفوءة وقادرة على التفكير السياسى الخلاق الذى يستوعب مشكلات مجتمعه ودولته، وما يجرى فى المنطقة والعالم المتغير على نحو ما كانت تفعل النخب السياسية المصرية فى المرحلة شبه الليبرالية وفوائضها. نُضبَ فائض الخبرات السياسية التاريخى فى ظل ظاهرة موت السياسة، ومن هنا نجد أنفسنا أمام بيروقراطية عجوز ومترهلة، وتعيد إنتاج اختلالاتها وفساداتها، وعدم كفاءتها وتتآكل خبراتها التاريخية، وأصبحت عقبة كأداء إزاء أى تجديدات شاملة، أو حتى إصلاحات جزئية لهياكل الدولة وجهازها البيروقراطي. 

هل هناك إمكانية للتجديد السياسي؟ الإجابة جهيرة نعم فى ظل مشروع للإصلاح السياسى الذى يشمل نظام الاختيار للنخبة وتوسيع إطاره، ومن ناحية أخرى إعادة الحياة للسياسة، وتحرير المجال العام من قيوده القانونية، وبث روح التنافس السياسى السلمى بين القوى السياسية الديمقراطية المؤمنة بالدولة الحديثة والثقافة المدنية، ومبادئ المساواة والمواطنة الكاملة غير المنقوصة والحرية الدينية فى ظل مجتمع وأمة مصرية متعددة الأديان والمذاهب، وتجديد أواصر التكامل الوطنى فى بيئة من الحريات العامة والشخصية، وسيادة القانون الحديث الذى يحتاج إلى تجديد فى السياسة التشريعية وربطها بالتغيرات فى الأنظمة القانونية المقارنة، وتفعيل القانون فى الحياة اليومية وتطبيقه بحسم وعزم، والتصدى الشامل لأشكال الفساد السياسى والإداري. من ناحية أخرى تجديد شامل فى سياسة ومناهج التعليم العام والجامعي، والتعليم الدينى الإسلامى والمسيحى معًا، ومن ثم تجديد الفكر الدينى المصري. المدخل لإعادة سياسة الأمل، وحفز الإرادة العامة وثقافة المسئولية وروح المبادرة، هو الإصلاح السياسى والثقافى الشامل بديلاً عن تراكمات من الغضب الجماعي، واللامبالاة، التى تؤدى إلى التآكل والتفكك فى الدولة وأجهزتها، وإلى الانفجار الجماعى الذى يؤدى فى ظل الأوضاع السائدة إلى الفوضى والإرهاب وصعود الجماعات الدينية المعادية لتقدم الدولة والأمة معًا. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟