المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح

سردياتنا وعوالمنا فى الدنيا أسئلة .. أسئلة

الأحد 24/سبتمبر/2017 - 12:52 م
هل صعود أدب الواقعية السحرية فى أمريكا اللاتينية يعود لأن الإسبانية هى لغة أوروبية أساسًا مما أتاح لهذه الأعمال الرواج والذيوع فى أوروبا وأمريكا، ومن خلالهما وعبر الترجمة إلى آداب ولغات العالم على تعددها؟ هل الحضور العربى الشحيح فى المشاهد السردية العالمية ناتج عن حاجز اللغة العربية؟ إذا كان ذلك صحيحًا لماذا لم يلق عديد الأعمال المترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، بعضا من الرواج والاحتفاء النقدى بهذه السرود القصصية والروائية لمن نعتبرهم مواهب كبرى فى عالمنا العربي؟ لماذا تم الاهتمام بتجربة ومشروع جمال الغيطانى الروائى قبل ترجمة عميد الرواية العربية نجيب محفوظ بما يقرب من سبع سنوات إلى الفرنسية؟ لماذا نشرت جاليمار إحدى دور النشر الأهم فى فرنسا الزينى بركات وكتب عنها فى اللوموند وبعض الدراسات فى المجلات الأدبية المتخصصة؟ هل هى التجربة الروائية ذاتها، هل هى اللغة التى استمدها من العالم اللغوى والكتابى المملوك ومحمولاته ودلالته؟ هل هى الخصوصية فى هذا العالم المملوكى الذى تناول خلاله الغيطانى قضايا القمع والحرية، بوصفهما قضايا معاصرة فى نظم استبدادية وتسلطية، وراح يبنى سردية مملوكية مهاجرًا من واقعه الموضوعى مستعيرًا هذه الأقنعة والأنساق الأسلوبية متحررًا من ضغوط حاضره التسلطى والقمعي؟

الكتابة بالإنجليزية والفرنسية مباشرة من بعض الكتاب والكاتبات العربى، لماذا لم تلق الرواج الملائم فى الأسواق القرائية الغربية والعالمية والاستثناءات محدودة، كالطاهر بن جلون، وأمين معلوف اللذين حصلا على جائزة الجونكور ذائعة الصيت فرنسيًا وأوروبيًا؟

لماذا حققت رواية عمارة يعقوبيان لعلاء الأسوانى هذا الانتشار فى ترجماتها إلى الفرنسية والإنجليزية؟

ثمة حاجة موضوعية لإعادة تقييم أدبنا الروائى والقصصى والمسرحى من خارجه بعيدًا عن تحيزاتنا المتمركزة حول الذات الأثنو/ ثقافية التى تجعلنا أسرى مديح الذات وآدابها وسرودها؟ لماذا لا ندرس أو نُعيد تقييم أعمال كبار المبدعين الذين تم تكريسهم فى الشعر والقصة والرواية والمسرح فى ضوء استعاراتهم لتجارب الآخرين، كتأثر بعض كتاب جيل الستينيات بالأمريكى اللامع أرنست هيمنجواي؟ أو بعض كبار شعراء العربية ببعض شعراء الفرنسية والعالم الكبار وعلى رأسهم ت أس اليوت، ووالت ويتمان، وسان جون بيرس مثلاً، وآخرون تمثلوا شعراء المدرسة السوريالية الفرنسية؟

هل هذا الغياب وعدم التأثير والرواج ضمن الأسواق القرائية العالمية يعود إلى طبيعة بعض أو غالب التجارب السردية العربية، واستعاراتها لتجارب أخرى، ومن ثم لا تعد أصيلة وعميقة وملهمة، ومن ثم جاذبة للقراء والنقاد خارج الدوائر الاستشراقية؟ لماذا أفلت نجيب محفوظ، وجمال الغيطاني، وأمين معلوف، والطاهر بن جلون وأدونيس من أسر الدوائر الاستشراقية فى الجامعات إلى بعض من رحابة الحركة النقدية فى التعامل مع أعمالهم السردية والشعرية التى بدا بعضها مختلفة عن غيرها من السرود العربية المترجمة إلى الفرنسية والإنجليزية؟

الأسئلة سابقة السرد ليس الهدف من وراءها التقليل من إبداعات بارزة فى الأدب العربى نحبها، ونحترمها، ساهمت فى إجراء تحولات نوعية من داخله، وعوالمه، لاسيما أن الرواية والقصة والمسرح هى تجارب واحدة وارتبطت بمطالع النهضة العربية منذ نهايات القرن التاسع عشر، والقرن العشرين، وبداياتها كانت محضُ تمرينات كتابية، ناهيك عن استعارة بعض الأعمال الأوروبية وتعريبها وتمصيرها، حتى استطاع بعض الرواد فى القصة القصيرة استيعاب بعض الإرث القصصى الغربي، وقاموا بزرعه فى الأدب المصرى والعربى كجزء من عمليات التحديث والحداثة المعطوبة والمبتسرة؟

لا يمكن إنكار أدوار مهمة لعبها رواد تمرينات الرواية العربية الأوائل فى محاولة أقلمة هذا الفن الفاتن والملهم، قبل نجيب محفوظ إلا أن مشروعية هذا الفن واستواءها ونضجها على أيدى ومخيلة وعالم الأستاذ العميد نجيب محفوظ المحلى والإنسانى حول الشرط والمصير الإنساني، والقوة والاستعلاء والخضوع، والحرية والاستعباد .... إلخ. ثم بعد ذلك عوالم الخمسينيات والستينيات، وعلى رأسهم التجربة الكتابية المتميزة والمتفردة لجمال الغيطانى فى أوراق شاب عاش منذ ألف عام، ثم سرديته المذهلة الزينى بركات، وصولاً إلى الاستلهام الصوفى فى التجليات، والتى سرعان ما تم ترجمتها الأولى فى جاليمار، والثانية فى سى Seuil، وهما من أهم دور النشر الفرنسية قاطبة، الأسئلة السابقة لا تحاول الانتقاص من مستويات الإبداع العربي، لكنها تسعى للبحث عن ضرورة إعادة تقييم الخرائط السردية العربية بعيدًا عن المجاملات، والنزعة القطرية الضيقة التى تنامت طيلة عديد العقود، ناهيك عن الحلقات الضيقة بين بعض الكتاب والنقاد، وما تفرضه من المجاملات. ثمة حاجة موضوعية لإعادة النظر والاكتشاف النقدى أين مكامن إنجازاتنا السردية الجمالية والأسلوبية والتخيلية بعيدًا عن النزعة الغرائبية المحلية التى لا تحمل همومًا إنسانية أوسع نطاقًا من عالمها الضيق والمحدود أيًا كانت صحة هذه الوجهة من النظر؟

السحر السردى الذى صاحب ماركيز، ويوسا وآخرين هو التداخل بين الواقع الموضوعى ومحمولاته البائسة، وبين سحر الأساطير والمرويات والرموز والطقوس، ومآلات تطور الشخصيات ومصائرها فى الحياة.

هذا التخييل الفذ فى مائة عام من العزلة وسواها من الأعمال هو تعبير عن ثقافة واسعة وعميقة، وسردية يتداخل فيها الواقع بالأسطوري، وأسلوبية جديدة ومغايرة، وتشكل من وجهة نظرى قطيعة مع الأساليب السردية / اللغوية الشائعة والمترهلة! ثمة تجربة كينونية فذة وراء هذا النمط التخييلى والسردى واللغوى والأسطورى والحياتي. أين نحن من هذا العالم السردى ورحابته التى لا حدود لها فى ظل القيود الجوانية التى يفرضها الكاتب على ذاته الكاتبة؟ أو من القيود السياسية والدينية وسلطة الأعراف والتقاليد التى تحطم الأخيلة وتضبط الاستعارات والكنايات .... إلخ!؟

ثمة احتياج حقيقى وضرورى لإعادة النظر فى تراثنا السردي، والنقدى من منظورات جديدة، ومختلفة، لأن ثمة مغبونين، وآخرين وضعوا فى مواقع ومكانات ليست لهم على صعيد الإنتاج الإبداعي؟

هذه المراجعات ربما تدفع بهامشيين إلى قلب المشاهد الأدبية المصرية والعربية، وآخرين سيصبحون عاديين!

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟