المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

بين الفهلوة الشعبية والغوغائية السلطوية!

الخميس 15/مايو/2014 - 10:46 ص
أقتبس عنوان المقال مباشرة من قارئى الكريم الدكتور «أحمد الجيوشى» الأستاذ بجامعة حلوان، الذى لم يكتف بأن يغمرنى بتقديره البالغ لحرصى على التواصل مع القراء، ولكنه قدم لنا تحليلاً لافتاً لطبيعة العلاقة بين السلطة والشعب منذ عصر «محمد على» حتى الآن.
ولا بد لى أن أعبر أولاً عن سعادتى البالغة لتدفق رسائل القراء على مقالى الأخير، الزاخرة بالتعليقات النقدية والإضافات المهمة، بعد أن نشرت بريدى الإلكترونى وهو للمرة الثانية.
وأبدأ بالتعليق على رسائل القراء الموجزة. وأولاها رسالة الدكتور «على فرج» الأستاذ بجامعة «لويزفيل» الذى كعادته بعد التحية- يثير قضية بالغة الأهمية تحتاج بالفعل إلى مناقشة مستفيضة. وهو يؤكد أهمية النقاش والتواصل وعبارته بالنص «أن العقل المصرى لابد له من ابتكار حلول منطقية للوضع التناحرى الراهن الذى لن يتمخض عنه منتصر إذا استمر».
وهو فى الواقع يشير إلى أن تعقد المشهد السياسى الراهن فى مصر وخصوصاً بعد الموجة الثورية فى 30 يونيو التى قامت بها الجموع الشعبية لإسقاط حكم الإخوان المسلمين، وما ترتب عليها من مساندة القوات المسلحة، والتى انتهت بعزل الرئيس «مرسى» وإعلان خريطة الطريق التى تم الانتهاء فى ضوئها من وضع دستور جديد والاستفتاء عليه، ونحن على مشارف انتخابات رئاسة الجمهورية التى ستعقبها الانتخابات البرلمانية.
غير أنه صدر قرار باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وحظر نشاطاتها، إلا أنه أهم من ذلك كله أن قادة الجماعة وأتباعها رفضوا ما حدث فى 30 يونيو، وقاموا بمظاهرات غير سلمية سواء فى الشوارع أو فى الجامعات للاحتجاج على ما حدث، مطالبين بعودة ما أطلقوا عليه «الشرعية»، مع أن الذى أسقطها بالفعل هو رئيس الجمهورية المعزول وجماعته الذين استأثروا بالسلطة، وأعلنوا بالإعلان الدستورى الباطل أنهم قرروا الحكم بالديكتاتورية.
وأتفق تماماً مع الدكتور «على فرج» أن هذا الموقف التناحرى يحتاج إلى تحليل ودراسة وابتكار الحلول الثقافية قبل الحلول السياسية، ولذلك لابد لنا من فتح هذا الملف الشائك فى الوقت المناسب.
ويثير الأستاذ «عثمان خالد» موضوعاً مهما حين تساءل إذا كنت قد انتقدت تكوين «التنظيم الطليعى» والذى كان تنظيماً سرياً لماذا لم أذكر «منظمة الشباب» التى أنشأتها الثورة، مع أنها كانت إضافة حقيقية فى مجال التدريب السياسى للشباب، ولماذا انتهت التجربة مبكراً؟ وهو محق تماماً فى ملاحظته وتجربة المنظمة تستحق أن نشير إليها بالتفصيل فيما بعد.
ويثير الأستاذ «أحمد سيد على» المحامى مسألة مهمة وهى أننى أغفلت فى المراحل التى ركزت عليها وأنتجت شخصيات مختلفة مرحلة حرب الاستنزاف والتى أنتجت ما أطلق عليه «الشخصية المتحدية»، وهو يقصد كما قال- المتحدية لذاتها أولاً ولواقعها ثانياً، والتى كانت الحلقة الأولى فى سلسلة النضال التى أدت إلى بروز الشخصية الإيجابية فى حرب أكتوبر، وأنا أتفق معه تماماً.
أما الأستاذة «سوسن مصطفى» فهى ترفض أن تكون سيادة نمط «الشخصية الفهلوية» هو الذى أدى إلى هزيمة يونيو 1967، لأن ما حدث كان فى رأيها مؤامرة كبرى تحالفت فيها إسرائيل مع أمريكا مع الغرب كله ضد مصر لإسقاط «عبد الناصر». 
والواقع أن سيادة نمط «الشخصية الفهلوية» فى الحياة المدنية أو العسكرية فى هذا الوقت لا ينفى بالضرورة التآمر الأمريكى الإسرائيلى على ضرب مصر فى يونيو 1967.
ومن ناحية أخرى، فالدكتور «محمد الشاذلى» يضيف لنا أنماطاً متعددة من الشخصية فهناك من وجهة نظره- «الشخصية المنافقة»، وهناك «الشخصية الديكتاتورية» وهناك «الشخصية الكارزمية» مثل «عبد الناصر» وهناك الشخصية الانتهازية». وهى أنماط موجودة بالفعل بين الشخصيات الفردية، ولكننا كنا نتحدث عن «الشخصية القومية» والتى تعنى السمات النفسية والاجتماعية الغالبة على أفراد شعب ما فى لحظة تاريخية محددة، ولا نرصد أنماط الشخصيات الفردية. وقد لفت نظرى بشدة أن المهندس «عبد الوهاب محمود المصرى» قد حلل مقالى الماضى بصورة منهجية رائعة لأنه رصد ثلاث نتائج مهمة توصلت إليها من تحليلى. الأولى أن 23 يوليو 1952- فى توصيفها الدقيق- كانت انقلاباً عسكرياً تحول إلى ثورة بحكم تبنى الضباط الأحرار المشروع الإصلاحى الذى وضعته القوى الوطنية المصرية. والثانية أنه بحكم أن الجماهير أحست بفطرتها أنه لا يمكن فى الواقع مقايضة العدالة الاجتماعية بالحرية السياسية بما يعنى فى رأيه- تهافت مقولة «المستبد العادل»، أو أن القائد «الكارزمى» أو «الزعيم الملهم». والثالثة أن العامل الحاسم الذى أدى إلى هزيمة يونيو 1967 هو العامل العسكرى، ويعنى بتولية المشير «عبد الحكيم عامر» قيادة القوات المسلحة مع أنه كان غير مؤهل لذلك، وأخطر من هذا تحويله لها إلى مركز قوة سياسى مما أفقد القوات المسلحة قوتها الضاربة.
كما يشير الدكتور «مجدى يوسف» إلى أن السبب الحقيقى لفشل المشروع الناصرى فى النهاية هو انتشار الفساد فى إدارة القطاع العام من قبل أعضاء الطبقة الوسطى سواء فى الريف أو الحضر.
ويلفت نظرنا الدكتور «عبد الرءوف مصطفى» إلى أنه -وبعيداً عن أنماط الشخصيات القومية فى المراحل التاريخية المصرية المختلفة- إن لم تواجه مشكلة البطالة وخصوصاً بين الشباب، فنحن سنواجه خطراً اجتماعياً داهماً. ولذلك يقترح فرض ضريبة على كل أفراد المجتمع وخصوصاً الميسورين منهم، ويسميها «ضريبة البعد الرابع» ويقصد بها ضريبة التغيير الزمنى لمصر من زمن التخلف إلى زمن الصعود.
وتبقى أخيراً الإضافة القيمة للدكتور «أحمد الجيوشى» الذى يقدم لنا فى الواقع نظرية متكاملة تحتاج إلى مناقشة عميقة، وهو يبدؤها بقوله «فى تصورى الشخصى أن المناخ السياسى السائد فى أى حقبة من الحقب هو الذى يحدد ملامح الشخصية المصرية وهو الذى يشكل الدوافع لتبنى ثقافة ما لدى جموع المواطنين».
وفى ضوء هذه المقولة الرئيسة يتحدث عن العلاقة الأبوية بين السلطة والشعب والتى تتجه من أعلى لأسفل دون أى فرصة للتأثير الحقيقى فى الاتجاه المعاكس، ولذلك ساد نمط الفهلوة الشعبية من ناحية وغوغائية السلطة من ناحية أخرى.
نظرية متكاملة تحتاج إلى مناقشة مستفيضة!

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟