المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

الهيمنة المقننة والخطوات المتعثرة!

السبت 21/يونيو/2014 - 10:54 ص

ألقى الرئيس "أوباما" فى الثامن والعشرين من مايو الجارى خطاباً تاريخياً أمام العسكريين الأمريكيين فى أكاديمية "ويست ﭘـــوينت" الشهيرة التى تخرج منها أبرز قادة الجيش الأمريكى.

والواقع أن هذا الخطاب كان تاريخياً لأن "أوباما" لأول مرة فى التاريخ السياسى الأمريكى مارس النقد الذاتى واعترف بالأخطاء الجسيمة فى قرارات السياسة الخارجية الأمريكية، وخصوصاً فيما يتعلق بالمغامرات العسكرية الحمقاء التى أمر بشنها رؤساء سابقون وخصوصاً فى "فيتنام" و"أفغانستان" و"العراق".

ويمكن القول أن الأحداث الإرهابية التى وجهت لمعاقل القوة الأمريكية فى سبتمبر 2001 كان بداية لحروب خطيرة شنتها الولايات المتحدة الأمريكية كرد فعل على الضربات الإرهابية التى وجهت لها، وذلك فى قراراها بغزو أفغانستان لإسقاط نظام طالبان وبعد ذلك غزو العراق عسكرياً.

وكنت فى لندن حين وقع الهجوم الإرهابى على أمريكا، وأدركت للوهلة الأولى أنه انقلاباً سيقع فى إطار النظام الدولى لأن السلوك الأمريكى يمكن أن يتسم بالرعونة انتقاماً لضياع الهيبة الأمريكية، بعدما تم ضرب أمريكا مباشرة فى معاقلها المنيعة.

وحين عدت للقاهرة شرعت فى كتابة سلسلة مقالات جمعتها بعد ذلك فى كتابى "الحرب الكونية الثالثة: عاصفة سبتمبر والسلام العالمى" (القاهرة 2003) صدرته بمقدمة عنوانها، من الفوضى الطليقة إلى الهيمنة المقننة" قلت فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية بقرارها المنفرد شن حرب ضد الإرهاب فى كل مكان فى العالم تحولت فى الواقع إلى امبراطورية عظمى تمارس الهيمنة المقننة على العالم والذى يكشف عنها انفرادها باتخاذ قرارات الحرب ضد أى دولة تحس أنها يمكن أن تهدد أمنها القومى.

وقد تابعت بدقة بعد ذلك الصراع ضد الهيمنة الأمريكية سواء من قبل حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها من الدول الأعضاء فى مجلس الأمن الذين رفضوا الموافقة على سن الولايات المتحدة الأمريكية الحرب ضد العراق نتيجة امتلاك سلاح دمار شامل، أو من قبل الشعوب التى خرجت فى بلاد متعددة فى مظاهرات حاشدة احتجاجاً على المغامرات الأمريكية العسكرية الحمقاء وتهديدها الصريح لأمن الشعوب والسلام العالمى.

وقد نتج عن هذه المتابعة الدقيقة مجموعة مترابطة من المقالات جمعتها بعد ذلك فى كتابى "الإمبراطورية الأمريكية" (القاهرة 2007) والذى صدرته بمقدمة عنوانها له دلالة وهو "خطوات الإمبراطورية المتعثرة".

وقد قررت فيها أنه ولو أن الإمبراطورية الأمريكية أعلنت رسمياً عن قيامها بعد الأحداث الإرهابية التى وجهت لها عام 2011 إلا أن تتبع مسارها بعد ذلك يكشف بوضوح عن تعثر خطواتها بعد فشلها الذريع فى غزوها العسكرى فى أفغانستان وبعد هزيمتها العسكرية فى العراق، بعد حرب خسرت فيها ألوف الضحايا من القوات المسلحة الأمريكية وتكبدت فيها الخزانة الأمريكية بلايين الدولارات مما أدى إلى مخاطر إفلاس الدولة الأمريكية ذاتها.

فى هذه المقدمة تنبأنا أن الإمبراطورية الأمريكية ستغرب شمسها فى عقود قليلة، وسيتحول النظام الدولى بالتالى من نظام أحادى القطب إلى نظام متعدد الأقطاب، بعد صعود الصين ودول أخرى إلى صدارة المشهد العالمى.

خطاب الرئيس "أوباما" الذى أشرنا إليه فى صدر المقال اعتراف صريح بانهيار الإمبراطورية الأمريكية بالرغم من زعمه بأنها ستقود العالم إلى ما لا نهاية!

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟